خالد الطراح: النُخب غير الديموقراطية

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 1406 مشاهدات 0


بدلَ أن يبرز دور النخب الفكرية والثقافية والسياسية وقادة الرأي العام عموماً، التي تسهم في قيام مجتمعات ودول متحضرة، أصبح لدينا في الكويت والعالم الشرقي تخلف لافت في المفاهيم والأدوار الرسمية وغير الرسمية.

نعيش وسط سباق نحو التراجع والانكفاء الاجتماعي والسياسي بمباركة وحوافز غير معلنة، فالأنظمة الهشة والأحادية في القيادة والتهميش المتعمد للعمل الجماعي في بعض الدول، تشق طريقها بسهولة نحو خلق نخب بديلة عن المتعارف عليها علمياً وتاريخياً حتى بلغنا مرحلة النخب غير الديموقراطية!

تُبجل الأنظمة السياسية المتخلفة في بعض الدول ، الفوضى والغوغائية الجماهيرية الشعبية، خصوصاً حين تبصر تلك الأنظمة ضد شيوع الفلسفة الحقيقية للأنظمة الديموقراطية الدستورية خوفاً من خطر قيادة نخب سياسية وثقافية ضد الاستبداد السياسي وحكم الفرد الواحد والتوارث على هذا النحو.

الجماهير الشعبية تظل بينها سمات بشرية مشتركة، سواء كانت مسلمة ومسيحية أو عربية وأجنبية.. إلخ، فالتطلعات نحو الحريات والتنمية المستدامة والتطور الثقافي والاجتماعي والسياسي تتلاقى عند عوامل مشتركة جماعية على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية وحريات التعبير.

دراسة اتجاهات الرأي العام من وجهة نظر علمية وعملية رصينة، ليست أولويات الأنظمة الشرقية.. فالدراسات، إن وجدت، يجري التلاعب فيها وفق أهوائهم.. رغبات الأنظمة المسمومة بالقيادة الأحادية حتى لو كانت هناك دساتير ذات نصوص واضحة أهم من التطلعات الشعبية!

انحرافات ثقافية واجتماعية شتى تحدث بفعل فاعل رسمي، بل تشوهات سياسية تقتلع تاريخ الدول والشعوب والنضال التاريخي؛ لتنعم بها نخب غير مؤمنة أساساً بالديموقراطية.. تتحالف نخب غوغائية بعضها مع بعض؛ لرفع سقف الفوضى وتعميمها في المجتمع!

نجد أن أكاديميين بعلوم النفس والاجتماع والسياسية والإعلام انقلبوا على علومهم والنظريات بهدف البروز كبديل عن النخب التاريخية ورموز النضال السياسي والمؤثرة في قيادة الرأي العام، على عكس ما يحدث في كثير من الدول الأخرى ذات الأنظمة الديموقراطية العريقة.

النخب غير الديموقراطية باتت ظاهرة كويتية وشرقية عموماً، حيث انقلبت موازين العدالة الاجتماعية من نواحٍ علمية وعملية.. فالنزعات الغوغائية والقبلية والطائفية والفئوية والحزبية الدينية تجتمع عند تلك النخب وتحظى بالترحيب والتبجيل على مستويات مختلفة.

الاحتقار الشعبي والسخط الجماهيري لم يعودا مؤثرين في النخب غير الديموقراطية، بل إنها كجماعات متكتلة بعضها مع بعض باتت تقود الجماهير والشعوب عبر دغدغتها في الطرح والتبني لرغبات انتهازية.. تتباهى تلك الجماعات علناً في شعبوية القرارات والسياسات. 

تعليقات

اكتب تعليقك