مزاين الإبل بين المباهاة والمتاجرة

الأدب الشعبي

إلحاق الألم بها بالإبر والعمليات لتغيير أشكالها فعل غير إنساني

رجا القحطاني 524 مشاهدات 0


كتب رجا القحطاني

من الملاحظ ازدياد الاهتمام باقتناء الإبل لدى شرائح كثيرة من الناس في بلداننا الخليجية ،بيد أن اقتناءها وتربيتها لم يعد مرتبطاً بالحاجة الماسة إلى منافعها كما كان حال أسلافنا الأولين.ولم يعد الاهتمام (الهستيري) باقتناء الإبل تعبيرا عن اكرامها واستحضاراً لروح الأصالة وأجواء الماضي كما يزعم الكثيرون..للأسف الشديدأخرجت الإبل عن دورها الفطري المألوف منذ الأزل وأقحمها البعض في مسابقات جمالية استعراضية الهدف منها جني الأموال الطائلة وحصد الجوائز ورفع أثمانها وربما أقول ربما لتبييض الأموال!. وكثرت مهرجانات مزاين الإبل أي اختيار الأكثر جمالاً والأفضل نتاجاً منها ،وأنشؤوا لها قنوات فضائية خاصة..

ولو راجعنا تاريخ عرب الجزيرة منذ زمن الجاهلية  إلى ماقبل عقدين من الزمن فلن نجد مايدل على أن العرب كانوا يتباهون بجماليات الإبل إلي حد المغالاة أو يقيمون لها مسابقات بهذا الشان،
كان العرب يستلطفون ملامح الجمال(بمقاساتهم) ومعالم القوة في الخيل ويجرونها في السباق ولعلنا نتذكر(داحس والغبراء) ويعتبرونها زينة ومهابة ومباهاة الأمر الذي لاينطبق على الإبل بأي حال من الأحوال عدا سباق الهجن، هم يميزون بين الناقة القوية الولود الحلوب والأخرى الأقل من ذلك..وهذا لايقلل من شأن الإبل وأهميتها.فهي كما ذكرنا آنفا أكثر منفعة وأعظم أهمية من سائر المخلوقات التي روضها العرب وعلى وجه التخصيص سكان الصحراء،فهم ينتفعون بلحومها وألبانها وأوبارها وجلودها ولنقل الأحمال الثقيلة في ارتحالاتهم ولاغنى لهم عنها في وقت المعارك.
فإن أردنا اكرام الإبل في زمن لانحتاجها فيه حاجة فعلية فليس استياقها من أماكن بعيدة وارهاقها شكلا من أشكال التكريم،ولا عرضها كالسلع المبتذلة أمام عيون الفضوليين،
ولا الباسها الأوشحة الملونة بصورة غريبة، ولا إيلام بعض أعضائها بالإبر الطبية لتغدو الإبل أكثر اكتنازاً وجمالاً كي تستولي على استحسان لجان التحكيم!.

لاشك أن ظاهرة المزاين أدت إلى ارتفاع أثمان الإبل بصورة جنونية وغدت  تجارة ليس لها ضوابط ما يعطل الحكمة في حفظ المال وعدم اهداره فيما لايوازيه فائدة وانتفاعا،أين هؤلاء الأثرياء الذين كانوا وآباؤهم وأجدادهم لايمتلكون شيئا أين هم من الفقراء والمحتاجين وأصحاب الديون وأصحاب الرقاب المحكومة.
أدرك أن هذا الرأي قد لا يعجب عشاق مزاين الإبل مشاركين وجمهورا، ولا أصادر حريتهم ، لكن لو أن  أحدهم تمعن في الأمر مليًّا لاكتشف أن سر جمال الناقة كامن في قدراتها الفطرية التي أوجدها الخالق فيها.ولاباس من المتاجرة بها شأنها شأن بقية الأنعام دون المبالغة في تقدير أثمانها مما يعد إسرافاً لامبرر له وكفيلاً بنزع البركة.

ان ظاهرة (مزاين الإبل) تعد مظهراً من مظاهر الترف نربأ بأبناء الجزيرة التمادي فيه بحجة غير مقنعة هي إحياء تراث الأجداد.فلو علم أجدادنا ما آل إليه حال الإبل في هذا الزمن من تحولها إلي سلعة جمالية تحيطها العيون تحديقاً وتجفلها الأكف تصفيقاً لاستغربوا وإن لم نفهم استغرابهم ولغضبوا وإن لم نتعمد إغضابهم.
هي وجهة نظر ربما يعارضني عليها الكثيرون ويؤيدني الكثيرون أيضا.
المعترضون ينظرون إلى الفائدة الآنية من مزاين الإبل ،بينما المؤيدون يشغلهم الجانب الانساني والديني في التعامل مع الإبل
أيها البدو المعاصرون رفقاً بعطايا الله!.

تعليقات

اكتب تعليقك