يعقوب العوضي لايرى ضرورة تعديل الدستور

زاوية الكتاب

كتب 459 مشاهدات 0


تعديل الدستور ليس بضرورة طالب بعض الناشطين السياسيين المنتمين إلى «حزب الامة» بضرورة تعديل الدستور من دون أن يحددوا صراحة وبوضوح الغاية الأساسية من وراء هذا التعديل ولا النصوص الدستورية المطلوب تعديلها. وقال أحدهم «إن الذي يصون الحريات ويحمي الحقوق ليس هو الدستور، رغم وضوح المادة 30 من الدستور التي تنص «على الحرية الشخصية مكفولة»، كما تنص المادة الخامسة والثلاثون «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية»، وتنص المادة السادسة والثلاثون: «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أوغيرهما...». وتنص المادة السابعة والثلاثون على «حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفق الشروط والأوضاع التي يبينها القانون»، بما في ذلك حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية... إلى ماهناك من نصوص دستورية أخرى تنص على حقوق المواطن وحريته وواجباته، وهذه النصوص واضحة المعاني ولا تحتاج الى تفسير، وهي كفيلة بحماية نفسها باحترام المواطنين وتقديرهم لها. فالشعب الكويتي بإرادته الحرة هو الحامي للدستور والمحافظ على كيانه من التعديل والتغيير والعبث لكي لا يكون ألعوبة في أيدي المتنفعين وأصحاب المصالح الخاصة. وقد تحدث بعض هؤلاء الناشطون بقولهم ان معظم الدول التي تنتهك الحريات ويزداد فيها الاستبداد والتخلف السياسي، لديها دساتير تنص على حماية حقوق العامة وتدعو الى الديموقراطية غير اننا نرى ان الواقع السياسي لهذه الدول يخالف النصوص الموجودة في دساتيرها، فمقارنة تلك الدول بدولة الكويت لا تعطي مبررا لتعديل الدستور، فإذا كانت دساتير هذه الدول تكفل الحريات العامة فان دستور الكويت يكفل ايضا الحريات الشخصية، بدليل ان المنتمين الى «حزب الامة» اعلنوا عن قيام حزبهم وما زال مستمرا، رغم المساءلة القانونية البسيطة التي تعرض إليها المؤسسون، الا ان الحكومة لم تمنع نشر الاعلان عن تأسيسه، ولم تغلق المكان الذي يجتمع فيه أعضاء حزبهم بما في ذلك قيامهم بالاجتماعات والندوات السياسية وغيرها. فإذا لم تكن هذه هي الحرية، فما الحرية إذاً في عرف هؤلاء الافراد؟ وفي استرسال أحد الناشطين في حديثه اتضح انه كان يسعى الى تعديل المادة السادسة والخمسين من الدستور التي تنص على ان «يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء»، فالهدف الأساسي لهؤلاء الناشطين هو حصولهم على رئاسة الوزارة، وان تكون هي حصيلتهم من الاعلان عن قيام حزبهم القبلي المحصور في جماعات معينة، وليس هدفهم الاصلاح وتحسين أحوال الأمة، كما هم في ذلك التنافس الرهيب القائم بين القوى القبلية والدينية والسياسية والطائفية في الاستحواذ على كل مصالح الشعب والوطن، والصراع القائم اليوم بين هذه الفئات يدل دلالة أكيدة على تبيان مصالحهم الذاتية بما في ذلك حزبهم الجديد، بقطع النظر عن مصالح بقية الشعب فهم أولا وبعدهم الطوفان، وهذه المطالب والمناورات والاجتماعات والندوات كلها تسعى في الوقت ذاته الى الوصول الى رئاسة الوزارة لتعيين أصحابهم وأقربائهم والمنتمين الى حزبهم وليس للمواطنين أي دور في هذه الحركة، وسعيهم بتعديل الدستور وبالذات المادة السادسة والخمسين منه، هو سعي ينطوي على الأنانية وحب الذات والاستفراد بالسلطة وخيراتها، فالشعب الكويتي وهو على هذا الوضع ليس كما كان يتمنى من وجود الدستور وقيام مجلس الأمة وتبني الديموقراطية، حيث الصراع الرهيب بين السلطة التشريعية والتنفيذية قد عطل كل مصالح الشعب، فما بالنا اذا تولى أحد الأحزاب الموجودة في البلاد على شكل التيارات المزعومة، سلطة رئاسة الوزارة. فإذا كان الفساد اليوم موجودا على شكله الحالي من الانتشار، فسيكون بعد ان يتولى أحد الاحزاب السلطة موزعا بالقسمة والمسطرة على أصحاب النفوذ الجدد، وستكون سرقة اموال الدولة من أراض ونفط وأموال سائلة واستثمارات خارجية «على عينك يا تاجر»، كما يقول المثل المصري في ذلك، وليس هناك من راع ورادع في هذا الأمر. كما أن دستور عام 1962 هو تطوير للعقد الاجتماعي الأول بين صباح الأول والشعب الكويتي الذي عقد بينهما عام 1718، وقد تمثل بنصوصه المكتوبة بين دفتي أوراقه، وتعديله يحتاج الى اتفاق هذين الطرفين، عليه وليست هناك حاجة ملحة وضرورية للتعديل، وانه اذا ما تم هذا الأمر لأي سبب من الأسباب، فسيكون التعديل سابقة خطيرة لتعديل مواده، وبالتالي سيشعر الشعب الكويتي بمقدار الكارثة التي وقع فيها جراء هذا التعديل ولن يفيده ندمه بعد ذلك في شيء.
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك