رغم أنه ثمار سبعة مجالس أمة فاشلة ..حسن علي كرم يقول إن شائعة حل المجلس في شهر 7 سيكون خطيئة حكومية ..!!

زاوية الكتاب

كتب 1044 مشاهدات 0


 

 حسن علي كرم 
 
 
 
 حل المجلس سيكون خطيئة حكومية إذا أقدمت عليه..!! 

باغتني أحد الأصدقاء القريبين من بعض الدوائر السياسية برسالة نصية في الاسبوع قبل الماضي تقريباً جاء فيها (حل المجلس شهر 7) ولا أخفي هنا بأن الرسالة بالنسبة لي كانت بمثابة صدمة مفاجئة شوشت على ذهني. ذلك أن قرار الحل رغم هاجسه المستمر لم يكن حديثاً دائراً ولا كلاماً وارداً، على الأقل في المرحلة الراهنة، رغم ما شابها من بعض التعكيرات والغيوم السياسية الداكنة من جراء تقديم أربعة استجوابات دفعة واحدة وتقديمها في جلسة ماراثونية واحدة وضعت ولأول مرة في تاريخ العمل البرلماني الكويتي وربما كل البرلمانات العربية رئيس الوزراء وثلاثة من الوزراء لعل أبرزهم وفي مقدمهم النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع (الذي وقف ولأول مرة في التاريخ البرلماني الكويتي) على منصة الاستجواب ليمثل ذلك سابقة تاريخية لم تكن في الحسبان، ثم جاءت ثالثة الأثافي الزوبعة الجويهيلية وقناته الفضائية (السور) والتي سخرها للرد على خصومه السياسيين، فضلا عن حملته على ما أسماه مزدوجي الجنسية، وكان كافيا نبش هذا الموضوع (أي مزدوجي الجنسية) حتى ينقلب هدوء البلاد إلى عاصفة هوجاء تطايرات فيها شرارات الغضب والتهديد سيما من بعض أبناء القبائل الذين اعتقدوا أنهم المقصودون من حملة الجويهل على حاملي الجنسية المزدوجة، إلا أن النطق السامي الأبوي لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الذي وجهه إلى أبنائه وأفراد شعبه كان هو السور الحديدي الذي أوصد هيجان العاصفة وأعاد الهدوء إلى النفوس الغاضبة، والظاهر أننا نحتاج من حين لآخر أن نسمع من لدن ولي الأمر التوجيه الأبوي الذي يبدد عنا القلق ويهدئ النفوس ويطمئن بمستقبل زاهر لهذا البلد الأمين بإذن الله، ذلك أن صدمة الغزو العراقي الغاشم ما زالت ارتداداتها مستمرة، ولذلك فمثل هذه التوجيهات الأبوية كانت البلسم الشافي والدواء الناجع الذي استردت به النفوس هدوءها.

وعلى الرغم من أن صديقي (الواصل) قد عاد ليؤكد من خلال رسالة نصية جديدة أن خبر حل المجلس لا يستند على قرار أكيد وإنما مجرد قراءة خاصة من عنده، لكن يظل الحل إذا أخذ في هذا التوقيت المذكور آنفاً له دلالة غير حميدة ولا سعيدة، فالمجلس حُل مرتين في ذلك التوقيت، كانت المرة الأولى صيف 1976 واستمر الحل إلى نحو أربع سنوات، ثم حُل في المرة الثانية صيف 1986 حيث كانت خاتمة المأساة بالغزو العراقي الغاشم صيف 1990، فالحلول غير الدستورية وشل العملية الديموقراطية لم تكن حلولاً ناجعة لدرء العيوب واستشراء الإصلاح السياسي أو الدستوري.

وأيضا لم يفض إلى وأد الأزمات السياسية الحادة والمزمنة بين المجلس والحكومة، بل ثبت أن الحل غير الدستوري لم يتم على الحصافة السياسية ولم يدل على بعد النظر والاستقراء السليم، بل أفضى إلى استمرار الأزمات وتعكير الأجواء واستغلال الشارع وتشطير اللحمة الوطنية وإتاحة المجال للضغوط والتدخلات الخارجية..!!

إن المجلس الحالي هو ثمار سبعة مجالس أمة فاشلة مرت بها البلاد منذ انتخابات 1992 وإلى انتخابات 2008، والمؤمل أن تفرز الانتخابات القادمة أفضل من نتائج انتخابات 2009 فالأمل على وعي الناخب الذي لم يعد يصدق الوعود الكاذبة واستعدادات نواب الخدمات وخاصة الشباب الذين يشكلون نحو %60 من جملة الناخبين من الجنسين في كل الدوائر الانتخابية.

لا ينبغي أن تنزعج الحكومة من وجود أقلية برلمانية تأزيمية فهذا حال كل الديموقراطيات في برلمانات العالم حيث وجود المعارضة التي تشكل الوجه الآخر للديموقراطية وإذا كانت المعارضة في البرلمان الكويتي تأزيمية غير رشيدة استقوائية غير متعاونة فذلك لأنها لم تواجه حكومة قوية ترد لها الصاع صاعين ولذلك فقد استمرأت البلطجة وطول اللسان والصوت العالي والبطولات المزيفة والعنتريات الكاذبة، وتخريب الجلسات، وليس المطلوب من الحكومة أن تمارس البطلجة أو التأزيم حتى تكون حكومة قوية وتخوف خصومها ولكن المطلوب أن يكون وزراؤها واثقين من أنفسهم قادرين على المواجهة وقادرين على الرد والإفحام ووضع النقاط فوق الحروف فما اشتهر عنترة بالقوة في حيه إلا لأنه كان يضرب الضعيف، وما استقوت الفئة النيابية التأزيمية إلا لأنها ماوجدت حكومة قوية تواجهها..!!

لقد أثبتت الوقائع أن النواب التأزيميين لا يحملون أية أجندة تنموية ولا أي برنامج يفيد الشعب أو على الأقل ناخبيهم لذلك لا يغطون إفلاسهم وفشلهم بالتصعيد والتأزيم وبتخريب الجلسات والجريان إلى تقديم الاستجوابات، ويفترض بالحكومة أنها كشفت ألاعيب هؤلاء النواب التأزيميين وعليها ألا تجزع أو تفزع إذا قدم استجواب لوزير من الوزراء أو حتى لرئيس الوزراء، فالتجربة الاستجوابية الأخيرة التي صعدت الرئيس وثلاثة من الوزراء على منصة الاستجواب كشفت عن خواء وتفاهة وسطحية وشخصانية تلك الاستجوابات، وبالتالي فكان من الطبيعي أن تفشل ويترك الرئيس والوزراء المستجوبون منصة الاستجوابات وقد فازوا بثقة نيابية غير معهودة، وهذا بحد ذاته رد كاف على هؤلاء التأزيميين والعابثين بمصير الأمة.

إن في المجلس الحالي توجد نخبة طيبة من النواب العقلاء الذين وضعوا هاجس التنمية وانتشال البلد من واقعه المؤلم هدفاً لهم والمطلوب من الحكومة ألا تخذل هؤلاء فتضع يدها بيد تلك النخبة النيابية العاقلة، فلا تقطع عليهم الطريق أو تنحو لحل المجلس أو ترضخ للفئة التأزيمية، فلا ريب أن هناك نوابا (ونحمد الله أنهم قلة قليلة) هدفهم التأزيم والتخريب وخلط الأوراق ورمي الحكومة ورمي خصومها بالخطيئة وهدم المعبد على الجميع وعلى الحكومة ألا تعطي لهؤلاء فرصة لتحقيق أهدافهم التخريبية.

إن الأجواء التي تحيط بالمنطقة حاليا تذكرنا بأجواء الثمانينيات الفائتة، وهي أجواء تملؤها الأزمات والحروب، والكويت شئنا أم أبينا طرف أساسي في تلك المعادلة، وإذا كنا مضطرين لأن نكون طرفا، فلا أقل من أن نقلل من الأضرار.

إن أي حديث عن حل مجلس الأمة وشل العملية الديموقراطية في الظرف الراهن لا ينم إلا عن قصر نظر، وفرصة ذهبية للحاقدين والمتربصين لنفث أضرارهم بالكويت.

هذا المجلس ينبغي أن يكمل دورته الدستورية الكاملة، وعلى الحكومة أن تحتضن النواب العقلاء، فسترتكب خطيئة عظيمة إن هي أقدمت على الحل.
 
 

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك