حامد الغربللي يتمنى رؤية ساعة 'ترشيدية' على شاشة التلفزيون لترشدنا على مدار الساعة عن مدى الفساد الاداري والمالي والمحسوبية والواسطة العمياء والروتين الحكومي المتخلف في كل وزارة،
زاوية الكتابكتب أكتوبر 4, 2007, 10:58 م 436 مشاهدات 0
محطات كهربائية
حامد سيد يوسف الغربللي
قبل ثلاثة عقود ونيف، كنت امل ضمن فريق من الباحثين الاقتصاديين (رياضيات) في قسم الاحصاء المركزي التابع لمجلس التخطيط، أحصينا التعداد العام للسكان. ذهبنا الى المنشآت الصناعية في الشعيبة وغيرها والمناطق السكنية والمحلات التجارية واستقينا معلومات قيمة تغطي الانتاج واعداد العمالة و.. الخ، وبعد دراسات تحليلية مستفيضة كانت جميع الاحصائيات الحيوية للبلد بمختلف انواعها متوافرة وبوفرة ومدونة بأساليب بياناتية تعكس النمو والتطور الكويتي لذلك الزمن الجميل.
وبمرور الايام، تراكمت هذه المعلومات واصبحت جاهزة في متناول اجهزة الدولة المختلفة وتطبيقاتها في شتى مجالات التخطيط القومي ان كان تعليميا او صحيا او اجتماعيا او امنيا او اقتصاديا او حتى كهربائيا ومائيا وهذا بيت القصيد. فكانت البيانات الضرورية للعقود الثلاثة الماضية موجودة على ارض الواقع كمعدل النمو السكاني الذي بلغ 3.5% سنويا في الوقت الذي وصل فيه النمو الاقتصادي الى 6.5% في حين تزايد استهلاك الكهرباء بنسبة 8.7%. فأين وكيف اخطأت اذا وزارة الكهرباء طوال هذه السنين؟ انها لم تحسن التخطيط ولم توظف اسقاطاته الاستراتيجية بكفاءتها. كما تراخت في مراحل التنفيذ ودخلت في نفق الضبابية بسبب الفساد الاداري المتفشي وغيره من معوقات التنمية. فاذا كنا نعلم أن القدرات المركبة لمحطات القوى للسنوات السابقة 1975، 1985، 1995، 2005 كانت على التوالي 1364، 5086، 6898، 10189 ميغاواط. وان الاستهلاك الكهربائي وقتها قد تضاعف 3 مرات، كما نعلم أن الاحصائيات السكانية والعمرانية المهمة وغيرها في ازدياد. فهل من الصعوبة بمكان ألا نستطيع التنبؤ بمقدار احتياجاتنا الكهربائية الفعلية سواء لسنة 2007 او للسنوات التي سبقتها او التي تليها مثلا 2010، 2015 ؟
المنطق نفسه ينطبق على انتاج المياه وكمية الاستهلاك (التي تضاعفت 3 مرات عن الفترة نفسها) والحاجة المستقبلية للمياه. ام يا ترى كنا نعلم كل ذلك ولكننا لم نستجب لما هو مطلوب؟ فهنا تكون المصيبة اعظم.
وبعد هذه النظرة الشاملة والسريعة على الجانب المظلم من 'الكهربة' خلال الثلاثين سنة المنصرمة، وعدم ادراكنا بحرفنة، لفلسفة التخطيط ان كان قصيرا (5 سنوات) او طويل المدى (25 سنة) Short / Long term planning وكيفية تنفيذه ومراقبته ومتابعته، ويبقى هنالك الحل الامثل لهذه المعضلة. وهو أن نعقلها ونتوكل ونسلم زمام امورنا الكهربائية للقطاع الخاص فهو بالتأكيد خير من 'يولعها'. و'بالمرة'، لنحول قطاعات البريد والهاتف والخطوط الجوية والصحة وكل مؤسسات الدولة الخدماتية والاقتصادية المتعثرة لهذا 'القطاع الخاص' جدا.
***
- والان وقد تجاوزت الكويت ازمة كهربائىة حتمية وانقشع التوتر الكهربائي بعد صيف 'يكهرب'. نستطيع القول انه لولا لطف الله سبحانه ويقظة الادارة والعاملين في وزارة الكهرباء وتحسن الظروف المناخية تدريجيا ونسبيا من حرارة ورطوبة وغبار (عندما دلق سهيل) والزيادة الطارئة للسعة الميغاواطية عبر الجسر الجوي الذي جلب المعدات والتوربينات الكهربائية الضخمة من الخارج وتشغيلها في اسرع وقت والذي تشكر عليه حكومتنا الموقرة حقا، لكانت اوضاعنا الكهربائية اصعب من تلك التي واجهتنا هذا الصيف.
- يقال إن الترشيد 'طاعة'. نعم، وكذلك حسن التدبر والتدبير ورسم الخطط والتخطيط بدلا من التخبط وسوء التخطيط ورداءة التنفيذ.
- كنت اتمنى ان ارى ساعة 'ترشيدية' اخرى على شاشة التلفزيون بجانب ساعة الترشيد الكهربائي لترشدنا وبالالوان وعلى مدار الساعة عن مدى الفساد الاداري والمالي والمحسوبية والواسطة العمياء والروتين الحكومي المتخلف في كل وزارة، كي يستطيع الكل: الشعب والحكومة، تقييم اداء بعضه بعضا، وذلك للمصلحة العامة.
- يجب الا نتناسى ابدا لغتنا العربية الاصيلة ذات المعاني الرائعة والمفردات الجميلة. لغة القرآن العظيم.
تعليقات