زايد الزيد يرى في استقالة طارق نافع المطيري من حدس فرصة لتسليط الضوء على واقع جميع الحركات السياسية في الكويت

زاوية الكتاب

كتب 2834 مشاهدات 0


 

واقع أليم
زايد الزيد
      الاستقالة التي تقدم بها الأخ طارق نافع المطيري من عضوية الحركة الدستورية الإسلامية ( حدس ) ، والتي أعلنها يوم أمس في مقال منشور ، هي بنظري من الأحداث المهمة التي يجب التوقف عندها مليا .
      لقد شخّص طارق العلّة التي تعاني منها التنظيمات السياسية الكويتية كلها بإقتدار و وعي كبيرين ، فبعد أن أعتبر أن استقالته تعد ' تصرفا طبيعيا لأي عضو في أي حركة سياسية يراها لم تعد قادرة على تحقيق الصالح العام للأمة والمجتمع '  ، فإنه توجه للغوص في أساس المشكلة ، وقال : ' نفتقد للإدارة القادرة والإرادة الصادقة، وتلك الإدارة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال إرادة شعبية صادقة يعبر عنها الشعب بحرية كاملة كفلها الدستور الذي ينص في مادته السادسة أن «السيادة للأمة مصدر السلطات جميعا ' ، أي أن طارق يرى أن الإدارة السياسية في البلد لاتملك القدرة على النهوض بالكويت إلى المستوى الذي يطمح إليه أبناؤها ، وهو بهذا يقترب من طرح خيار ' شعبية الوزارة ' كحل للأزمة التي نعيش فيها ، ويؤكد هذا من خلال قوله : ' إننا كشعب نحتاج لأن نبادر لإيجاد خيار سياسي يتوجه لجذر المشكلة ويحلها، خيار سياسي يرى العجز الواضح في الإدارة خطيئة لا يمكن السكوت عنها والاستسلام لها، خيار يرى في الأمة إرادة يجب أن تتحرر من واقعها المحبط لتصنع مستقبلها المشرق الذي تستحقه ' .
       ويسترسل طارق أكثر ، ويعلن بأسف ، أن الخيار الذي يتحدث عنه مفقود ، سواء في ( حدس ) أو في غيرها من الحركات السياسية ، فيضيف شارحا : ' إن ذلك الخيار السياسي لا أراه متمثلا لا في الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» ولا في أي حركة سياسية أخرى اليوم، إنني آمل أن يتمكن أعضاء تلك الحركات السياسية إحداث تغييرات جذرية في حركاتهم يؤهلهم للمساهمة في صنع مستقبل أفضل وإصلاح واقعنا السياسي المؤلم، لكنني أعلم أن بناء الدول لا يكون بمجرد الآمال والأحلام ما لم يصاحبها وقائع وممارسات عملية تجعل تلك الآمال والأحلام حقائق يعيشها من استحقها، وحتى كتابة هذه الكلمات أجد أن واقعنا السياسي يفتقد الحلم فضلا من أن  يخلق السعي لتحقيقه ' .
      وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع الأخ طارق المطيري في تشخيص واقع الحركات السياسية ، والتي منها ( حدس ) ، فإنني أرى أن قراره يعكس شجاعة نراها اليوم مفقودة عند الشباب الملتزم تنظيميا في الحركات السياسية ، فطارق عاش واقعا سياسيا لم يستطع أن ينسجم معه ، فقرر اتخاذ موقف الانسحاب من التنظيم ، وأعلنه للعامة ، بعكس الكثيرين الذين انسحبوا من تنظيماتهم ، إما من دون إعلان ، وإما من خلال إعلان استقالة غير مسببة !!
      لذا ، أرى أن الأخ طارق جعل من الاستقالة فرصة لتسليط الضوء على واقع الحركات السياسية عامة ، وليس واقع ( حدس ) وحدها ، فكل المجتمعات المتقدمة لم تنجح فيما وصلت إليه من رقي وتقدم ، إلا وكانت فضيلة ' النقد الذاتي ' واحدة في مقدمة فضائلها .
      طارق عرفته راقيا وواعيا ، وأحسبه سيظل مستمرا في خصاله تلك بإذن الله ، لذا فإن الرجل لم يفجر بالخصومة ، بل أنه لم ينس فضل ( حدس ) في تكوينه السياسي ، فيكفيه ، كما يكفي أيضا ( حدس ) فخرا ، أنه ' دبّج ' إعلان استقالته بالقول : ' لقد منّ الله تعالى علي بأن دلني على الحركة الدستورية الإسلامية لتكون تجربتي الأولى في العمل السياسي، وبفضل من الله ثم من إخواني في الحركة تعلمت الكثير من مبادئ العمل السياسي ودراسة واقعنا السياسي وتداخلاته ومشاكله وقضاياه وشخصياته ورموزه، ما جعلني أكثر قدرة وقناعة على إعلان هذا القرار اليوم . '
وفقك الله ياطارق ، وأنا متأكد بأن عطائك للكويت لن يتوقف ، فما قلته في مقالك ، يجعلنا مطمئنين بوجودك حاضرا في الشأن العام ، مثابرا ومتقدا في فعالياته كما عهدناك ، لأن من يعلن موقفا كهذا لايمكن له أن ينسحب من ساحة العمل العام ، التي تتسع لجميع النشطاء سواء من كانوا ' منظّمين ' أو مستقلين  .

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك