انسوا حرية التعبير ومارسوا باحتراف حرية التحقير، ومارسوا واجب 'مسح الجوخ' برأي حسن العيسى

زاوية الكتاب

كتب 1095 مشاهدات 0


من أجل هم
حسن العيسى


انسوا حرية التعبير ومارسوا باحتراف حرية التحقير، انسوا المبادئ والقيم والمصلحة العليا، وضعوا بدلاً منها كلمتي 'أنا وبس'، لا قيمة غير قيمة الدينار، ولا مصلحة عليا غير التي يقررها أهل العلا وأصحاب الشأن فهم أعلم وهم أبخص، فنحن نحيا من بركاتهم ومن خيرهم ومن كرمهم، ولولاهم ما كنا، ولولاهم ما تنعمنا من عطائهم ومن أريحيتهم.

انسوا حق التعبير، ومارسوا واجب 'مسح الجوخ' بالكلمات المسطرة وبتقبيل الرؤوس، ولو كانت فارغة، فكل أمر بميزان، والمهم ألا يغيب عن ميزانهم حال ميزانيتكم المالية، فليس بالعمل الجاد والكفاءة ترتقون سلالم المجد والوجاهة، وإنما بزيارات 'هم' والقيام بالواجب نحو 'هم'، والبعد عن كل ما يكدر 'هم'، وعبر 'هم' ومن رضاء 'هم' سنجمع المجد من أطرافه، سؤدد الحساب في البنك ومجد الكرب.

تتحدثون عن الدستور... ماذا...! وأي دستور، هذا المكتوب عام 1962؟ هذا 'كان' دستوراً، واليوم صار وهماً وخيالاً. الدستور هو تلك القوانين التي كانت قبله وبعده وظلت حتى اليوم لا تتزحزح ولا تتغير، وبقواعدها التشريعية ضربت بمعايير الدستور عرض الحائط، وبممارسات الفكر المهيمن حين يشرع ويطبق على أرض الواقع نسينا الدستور الذي 'كان'. دستورنا اليوم تتصدر ديباجته عنوان 'بكم تبيع سطورك وبكم تكلفنا ذمتك؟'. صفوا كلمات النفاق والرياء فهذا طريق السعادة في جنة اليوم، اشتموا وانتقدوا بلا كلل من ينتقد 'معازيبكم'، فهذا طريقكم إلى أسرار المناقصات وهدايا السيارات الفارهة وساعات الألماس ورحلات السندباد على الإيرباص إلى أوروبا وحول العالم على نفقت 'هم'، فأنتم المهرجون الذين لا يستغنى عنكم في السفر، وأنتم 'البهاليل' المضحكون في مجالس 'هم'.

قرأت هذه الفقرة لحكم محكمة النقض المصرية '... إن حرية التعبير التي تؤمنها المادة... من الدستور أبلغ ما يكون اتصالها بالشؤون العامة وعرض أوضاعها، وكان حق الفرد في التعبير عن الآراء التي يريد إعلانها، ليس معلقاً على صحتها، ولا مرتبطاً بتماشيها مع الاتجاه العام في بيئة بذاتها، ولا بالفائدة العملية التي يمكن أن تنتجها، وإنما أراد الدستور بضمان حرية التعبير أن تهيمن مفاهيمها على مظاهر الحياة في أعمق منابتها بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها على العقل العام... وكذلك فإن الذين يعتصمون بنص المادة... من الدستور لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها، بل كذلك اختيار الوسائل التي يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء في مجال عرضها أو نشرها...'، بعد قراءة الفقرة السابقة ضحكت... ومن غير إذن 'هم'... تخيلوا!

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك