الديين يرى أن الحكومة أصبحت في وضع حرج يصعب عليها إجراء التعديل إلا بتقديم تنازلات للمستجوبين كما أنه من الصعوبة أن يقبل أحد بالتوزير في حكومة متداعية الأركان

زاوية الكتاب

كتب 622 مشاهدات 0


 

بعد تقديم الاستجوابين المتزامنين لوزيري المالية والأوقاف لم يعد خافياً على أحد أنّ هناك وضعاً سياسياً مأزوماً تعيشه البلاد أصبح مفتوحاً على مختلف الاحتمالات والتوقعات... وإذا حصرنا أنفسنا في نطاق العلاقة بين السلطتين وحدود التعامل المعتاد فإنّ الاستجوابين، بغض النظر عن توقيتهما المتزامن وما يثيره من تساؤلات وشكوك، وأياً كانت دوافعهما، فإنّهما يحويان بعض محاور جدية لا يمكن التقليل من خطورتها أو الاستخفاف بأهميتها، ولن يكون سهلاً على الوزيرين دحضها... ومن جانب آخر، فإنّ الخيارات الحكومية المعتادة لن تتجاوز في الغالب أمرين: فإما الطلب من الوزيرين مواجهة الاستجوابين الموجهين لهما، أو إجراء تعديل وزاري يؤدي إلى خروج أحد الوزيرين وتدوير حقيبة الوزير الآخر بحيث يُسحَب البساط من تحت أقدام النواب المستجوبين، مع استكمال المقاعد الوزارية الشاغرة!

ولكني أحسب أنّه من الخطأ حصر الأمر في هذا النطاق الضيق،

ذلك أنّ تقديم الاستجوابين في وقت واحد يعني عملياً أنّه قد استجد على البلاد وضع سياسي لم يعد من الممكن التعامل معه في إطار الخيارات المعتادة بصعود الوزيرين منصة الاستجواب أو إجراء تعديل وزاري، ذلك أنّ الحكومة أصبحت الآن في وضع حرج يصعب عليها فيه إجراء التعديل المرتقب على تشكيلتها إلا عبر تقديم تنازلات ملموسة للنواب المستجوبين، ناهيك عن أنّه لن يكون من السهل على أي من الأشخاص المستوزرين الجدد قبول المشاركة في حكومة متداعية الأركان فقدت في الأشهر الأولى من تشكيلها ثلاثة من وزرائها وها هما اثنان آخران من وزرائها معرضان للاستجواب... والمنطق السليم يفترض أن يقود مثل هذا الوضع السياسي المأزوم إما إلى التعامل معه في إطار الشد والجذب وردود الأفعال وهذا ما من شأنه تفاقم الأزمة أكثر فأكثر، أو أنّه سيقود إلى التفكير في خيارات وبدائل ومخارج أخرى تتجاوز حدود سمو رئيس مجلس الوزراء، أو الوزيرين المعنيين، مثل استقالة الحكومة ككل، أو حلّ مجلس الأمة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وهذا ما يتطلب التعامل مع استحقاقات وتحديات وحسابات سياسية من بينها: المشاورات الدستورية واتجاهاتها، والتكليف وبدائله، وترشيحات التوزير في حال تشكيل حكومة جديدة، ومدى قدرتها على التعامل مع المجلس الحالي، وأما في حال الإقدام على خيار حل مجلس الأمة فإنّه لا بد من التعامل مع استحقاقات وتحديات وحسابات الانتخابات المقبلة في ظل الدوائر الخمس، ونوعية نتائجها ومخرجاتها، وشكل المجلس المقبل، وتشكيل الحكومة الجديدة، وانتخابات الرئاسة، وغيرها من أمور لا يمكن القفز عليها، ولا يمكن التنبؤ بها، وليس بالضرورة أن تؤدي إلى بدائل مريحة، بل لعلّها ستكرّس الأزمة القائمة وتزيد من تفاقمها وحدّتها ما لم يكن هناك تفكير سياسي جديد ومنفتح، وتوجّه بديل عن النهج المتّبع، الذي ثبت فشله وعجزه، والتعامل بشكل عقلاني وواقعي مختلف مع متطلبات تكليف إدارة سياسية كفوءة، وتلبية احتياجات الإصلاح واستحقاقات التنمية.

فهل هناك مَنْ يتدبر؟!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك