محمد عبدالقادر الجاسم يعلن أن ناصر المحمد لم يحسن التصرف خلال الصيف لترتيب حكومته ولذا يؤيد لجوء الأمير إلى حقه الدستوري في تأجيل اجتماع مجلس الأمة

زاوية الكتاب

كتب 660 مشاهدات 0


يبدو لي أن قرار السلطة مواجهة الاستجوابين المقدمين لوزيري المالية والعدل هو قرار «وقتي» يقصد منه كسب بعض الوقت قبل اتخاذ القرار النهائي. وقد يكون عنصر المفاجأة وضيق الوقت هما ما دفع السلطة إلى اتخاذ هذا القرار الوقتي. والحقيقة أنني أتمنى لو يستعمل صاحب السمو أمير البلاد حقه الدستوري المنصوص عليه في المادة 106 من الدستور والتي تتيح لسموه تأجيل اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تزيد على شهر. فهذا التأجيل خيار دستوري لا ضرر من استخدامه، وهو من جهة ثانية يمنح السلطة “شوطا إضافيا” يمكنها خلاله معالجة الوضع الحكومي المبعثر. صحيح أن رئيس مجلس الوزراء لم يحسن التصرف خلال فترة العطلة الصيفية لترتيب حكومته، لكن تأجيل اجتماع مجلس الأمة بعد تقديم الاستجوابين من شأنه أن يتيح لرئيس مجلس الوزراء إعادة ترتيب حكومته على ضوء آخر التطورات.
 على كل حال، ماهي الخيارات التي تملكها السلطة للتصرف لاحقا حيال تطورات الاستجوابات؟ بالطبع هناك خيارات «دستورية» تنضوي تحت رداء الشرعية، وهناك خيارات «انقلابية» لا تمت للشرعية بصلة.
الخيارات غير الشرعية تتلخص في الإقدام على حل مجلس الأمة وتعليق بعض مواد الدستور وفرض أمر واقع بتعزيز الحكم الفردي التسلطي، وتشكيل حكومة«أي كلام» ثم إصدار مجموعة مراسيم بقوانين متسرعة بعضها له طابع «شعبي» لتهدئة خواطر الناس ومحاولة «تحييدهم» في مواجهة أي تحركات مضادة للقرارات غير الشرعية، وبعضها ذات طابع «اقتصادي» يقصد منها الإيحاء بأن الحكومة عازمة على تحويل الكويت إلى مركز مالي وأن البرلمان «المنحل» هو السبب في تعطيل خطط وبرامج الحكومة، وبعضها يتصل بالقوانين الجزائية تظهر الحكومة من خلالها عزمها على مكافحة الجريمة. وسوف تحظى التحركات الحكومية بدعم إعلامي من قبل بعض الصحف. ثم وبعد فترة تصدر مراسيم بقوانين تتصل بالعمل السياسي والبرلماني تعتقد الحكومة أنها من خلالها سوف تتمكن من إحكام السيطرة على العمل السياسي بعد عودة البرلمان. ويتزامن مع هذا كله محاولة تحريك البورصة والمحافظة على «اللون الأخضر».
غير أنه ما أن تشتد الحركة الشعبية المضادة للقرارات الانقلابية وتبدأ شرعيتها في الاهتزاز حتى تضطر السلطة إلى إجراء الانتخابات فتفوز أغلبية وطنية فيعود الارتباك للسلطة التي تفشل في العثور على شخصيات «محترمة» تقبل المشاركة في الحكومة، ثم يأتي البرلمان الجديد ويلغي أغلب المراسيم التي صدرت أثناء فترة الانقلاب ويتشدد في محاسبة« رجال الانقلاب« ويفحص «مسيرة الفساد» خلال فترة الانقلاب، ونعود إلى نقطة الصفر بعد أن يخسر النظام الكثير من مكانته وما تبقى من هيبته وشعبيته.
أما الخيارات الدستورية، فهي متعددة. من بينها استقالة الحكومة وإعادة تشكيلها برئيس جديد للوزراء أو بعد إعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد مرة أخرى. ومن بينها أيضا حل مجلس الأمة وفق المادة 107 من الدستور وإجراء انتخابات جديدة خلال شهرين بموجب نظام الدوائر الخمس.
إن تكلفة الخيارات الانقلابية باهظة جدا على النظام أولا ثم على الدولة ككل، أما الخيارات الدستورية فهي غير مكلفة إطلاقا ومن شأنها أن توفر أرضية جديدة للعمل السياسي. ومن جهتي شخصيا أفضل خيار الحل الدستوري لمجلس الأمة، فالكويت في حاجة إلى تجديد سياسي وتجربة نظام الدوائر الخمس شريطة أن يبتعد النظام عن التدخل في الانتخابات وأن يعيد التفكير، ولو لمرة واحدة على الأقل، في أسس ومعايير اختيار الوزراء.

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك