لا ملجأ للحكومة غير إعفاء وزير النفط من منصبه، بسبب التفافه على الإرادة الشعبية، وتهربه من واجب الدفاع عن نفسه بخصوص الشأن الوطني العام..مختصر مقالة جلال آل رشيد

زاوية الكتاب

كتب 476 مشاهدات 0


 

 وماذا عن البُعد السياسي للتدوير؟
د. جلال محمد آل رشيد
القوى السياسية الوطنية ترى في عملية تدوير وزير مستجوَب إجهاضاً للدستور، وتنقيحاً عملياً له، وذلك لأن السلطة التشريعية لها الحق الكامل في ممارسة صلاحياتها الرقابية الكاملة على أداء السلطة التنفيذية، وهذه العملية الرقابية، في واقع الأمر، هي في مصلحة السلطة التنفيذية نفسها، إن كانت «واثقة» من جودة أدائها، باعتبار أن الرقابة الشعبية، عبر نواب الشعب في المجلس النيابي المنتخب من الشعب على نحو مباشر، ستثبت للجميع وبشكل مستمر جودة أداء السلطة التنفيذية أمام الشارع السياسي المحلي، وبالتالي، فإن هذه العملية الرقابية المهمة، إن لم تعرقلها السلطة التنفيذية، ستصب في جانب المصلحة العليا للوطن والشعب ككل، بلا أدنى ريب.
ومع ذلك كله، فإننا لن نجعل بؤرة التركيز الأساسية، في مقالتنا هذه، على هذا الجانب، مع أهميته، فهناك محكمة دستورية لها الكلمة الأولى والأخيرة في هذا المقام، فلا الحكومة، ولا المجلس، لهما «الحق» في «القطع» بدستورية التدوير للوزير المستجوَب، أو عدمها. فالأمر، دستورياً، من اختصاص جهة ثالثة، هي السلطة القضائية، وعبر أهم مؤسساتها، المحكمة الدستورية.
ولكن هناك بُعداً آخَر لعملية التدوير التي تمت بالنسبة إلى وزير المالية السابق، وزير النفط الحالي، الذي «أُزيح» عن موقعه السابق، «بسبب» وجود «استجواب قوي» موجه ضده، وعندما رأت الحكومة أنها «لا تقوى» على مواجهة الاستجواب، ولا تتمكن من الرد المقنع على محاوره كلها أو غالبها أو بعضها، لا فرق، وعندما رأى الوزير نفسه ذلك، تم «إعفاؤه» من عمله وزيراً للمالية، وذلك بسبب عدم قدرته على مواجهة محاور الاستجواب، مما يؤكد على صحة موقف المجلس في ممارسته الاستجوابية تلك، وبالتالي صحة موقف الدكتور ضيف الله بورمية والكتل التي أيدت استجوابه لوزير المالية السابق، مما يوصلنا في نهاية المطاف، إلى الاعتراف بالحقيقة التي لا مفر من الاعتراف بها، وهي طرح الثقة الشعبية، عبر بيت الشعب مجلس الأمة، بأداء الرجل، كمسؤول سياسي.
وبالتالي، فإننا لا نجد أي ملجأ للحكومة «الحالية» غير إعفاء وزير النفط من منصبه، وذلك بسبب التفافه على الإرادة الشعبية، وتهربه من «واجب» الدفاع عن نفسه بخصوص الشأن الوطني العام (التي تم تضمينها في محاور الاستجواب)، إذ كان واجباً عليه، من الناحية السياسية هذه المرة، وليس من واقع التفسير الدستوري أو القانوني للموقف، أن يوضح الحقائق للشعب، إن كان الشعب «جزءاً» من المعادلة السياسية المحلية! فالهروب من الاستجواب، بالطريقة التي تمت، يعطي مؤشراً يكاد يكون نهائياً وقاطعاً، على أن الحكومة «شاكة في أداء وزيرها»، وإن لم يكن الأمر على هذا النحو، لجعلته يمارس حقه في الدفاع عن نفسه أمام المجلس، وأمام الشعب الكويتي، عبر «التفنيد المفتَرَض» لمحاور الاستجواب كافة، إن كان الوزير عارفاً بأنه سيتمكن فعلياً من تفنيد تلك المحاور أمام نواب الشعب.
فخلاصة القول، هي ان التشبث بالتفسيرات القانونية والدستورية في إطار التحليل العام للموقف السياسي المحلي، لن يكون مفيداً لأي من الطرفين، مهما كانت نتيجة اللجوء إلى المحكمة الدستورية، فهناك جانب آخَر للموضوع، وهو الجانب السياسي، الذي يكفي وحده لإسقاط حكومات كاملة... في الدول التي لا تتأفف من استخدام المواطنين لحقوقهم الدستورية.

 

 

الرأى

تعليقات

اكتب تعليقك