ياشعب الخليج: فالكم البيرق!

عربي و دولي

2131 مشاهدات 0


 يشير تعثر بعض خطوات مجلس التعاون مثل ألف شاهد الى وجود ضيق الافق المصلحي في بعض دول المجلس في موقف يصعب الدفاع عنه لولا ذريعة السيادة، ورغم ان وزراء الدفاع في مجلس التعاون وفق املاءات البروتوكول يأتون بعد القادة مباشرة، كما يقوم وزراء الخارجية عبر المجلس الوزاري بإقتراح السياسات ووضع التوصيات والدراسات والمشاريع ثم اتخاذ القــرارات، ورغم ثقل وزن وزراء الدفاع وديناميكية ووزراء الخارجية، إلا أن هذه الاذرع في هيكل مجلس التعاون لاتضاهي القوة المستكنة للذراع الاقتصادي ممثلا في وزراء المال والاقتصاد والتجارة في دول مجلس التعاون، فالمواطنة الخليجية التي نادى بها المجلس لم تجتاز بنجاح حتى الآن التنقل بالبطاقة او التأمينات الاجتماعية او المساواة في الوظائف او الالتحاق بالقوات المسلحة في جميع دول المجلس، بينما نجحت في جوانب عدة في ترسيخ المواطنة الاقتصادية، بمعنى النجاح في جزئية مواطنة التجار بالدرجة الاولى، صحيح أن التركيز على التعاون الاقتصادي هو المحرك الذي أدى بقدر كبير لاستمرار مجلس التعاون كمنظمة اقليمية لمدة 30 عاما، لكن رجال التعاون الاقتصادي وهم 'الفتى المدلل ' في هيكل التعاون فشلوا في 6 سبتمبر 2010م حين اختتم المجلس الوزاري الخليجي دورته الـ 116 التي عقدت في مدينة جدة في الوصول الى الصيغة النهائية للاتحاد الجمركي الخليجي المنتظر، وهو أمر مر مرور الكرام على مواطني دول المجلس.
 
فما بين رحب،وثمن،واشاد،ودعا، تجولنا كغيرنا في ردهات البيان الختامي المترفة والفخمة والتي قادنا عبرها الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وشملت الجولة كوسوفو والصومال ودارفور، وطنب الصغرى. فقد كان بيان المجلس الوزاري يراهن على ذاكرتنا المتشظية رغم انتظارنا للتعاون الاقتصادي الخليجي المرتقب، وكان اقرب الردود هو الحديث عن مرئيات الهيئة الاستشارية بشأن 'محاصيل النخيل'!!! ثم جاء معالي  مصطفى الشمالي وزير المالية الكويتي ليشرح لنا خارج الجولة أن خلافات في وجهات النظر أجلت الاتفاق على الصيغة النهائية للاتحاد الجمركي الخليجي.

فكيف حدث هذا ودول مجلس التعاون الخليجي قد قررت منذ عام 2003م  إطلاق الاتحاد جمركي والاعلان عن السوق المشتركة بين هذه الدول؟  الا يعطي  هذا دلالات سلبية على وجود خلل في مسيرة التعاون الاقتصادي وهي المجال الوحيد الذي افتخرنا بنجاحنا فيه؟
 
حماية الوكيل المحلي كانت هي المسألة التي استطاع بها تجارنا الكرام تذكيرنا بأن القوة بيدهم، وفي معادلة التاجر والمواطن يظهر مسير التاريخ مكتوب مسبقا، ففقدانهم لوكلاتهم التجارية كما تقتضي قوانين منظمة التجارة العالمية لايمكن ان يتم حتى ولو عرقل ذلك الاتحاد الجمركي الخليجي، والذي هو احد الطرق  لنكون جزء من الاقتصاد العالمي الحديث .ولحسم ما يريد تجارنا ومانطمح فيه نحن كخليجيين بسطاء جاءت النتيجة لصالحهم حين قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع 'طموحاتنا قد تكون أكبر من قدراتنا في الوقت الراهن'. وقد صدق .

لذلك اصبحنا بعد البيان الختامي بيوم واحد عرضة لشماتة الصحافة العربية قبل الاجنبية، تحت عناوين مثل 'دول الخليج تفشل في حسم اتفاقية الاتحاد الجمركي' و  'الحماية الجمركية تعتبر معوقا اساسيا لانسياب السلع بين دول مجلس التعاون' وهكذا .

لكن من الانصاف ان نقول ان معوقات قيام الاتحاد الجمركي اكثر من ذلك و تشمل : كيفية جمع عائدات الجمارك وتوزيع الحصص ، وغياب آلية لانتقال السلع، وتعارض التزامات دول المجلس ومنظمة التجارة العالمية مع متطلبات وشروط قيام الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون، فالجات توصي ان تكون التعرفة الجمركية لبعض السلع إلى 35%  بينما دراسة الأمانة العامة للمجلس تقول بتعرفة موحدة وهي 5% للسلع الأساسية و 7.5% للسلع الأخرى وهي معارضة حادة بين الطرفين. كما أن من المعوقات صعوبة معالجة البضائع التي ترد مستنداتها عن طريق البنوك والبضائع التي تستوفي رسومها بالتأمين، وذلك عند العمل بنقطة الدخول الواحدة، بالاضافة الى معوقات غير جمركية مثل شهادة المنشأ والقيمة المضافة، والمواصفات الفنية، وتعقد الإجراءات الجمركية، والإجراءات المطبقة على مرور وسائط النقل، وارتفاع تكاليف النقل بين دول المجلس .

لقد خسرنا الجمرك أثناء جولتنا مع بوصباح لكن إدراكه العميق بأن شعب الخليج فيه شريحة كبيرة من الطوبائيين والحالمين والفلاسفة والشعراء، فقد اهدانا كما يهدي في  'شاطئ الراحة' كل عام بيرق الفوز لشاعر الخليج، حيث بشرنا بموافقة المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون على تبني رمزية جديدة (شعار) تمثلها امام العالم، مشيرا الى ان الشعار سيعرض جنبا الى جنب مع شعار الدولة العضو، وأوضح الشيخ د. محمد الصباح ان الشعار سيكون علما لمجلس التعاون، وشعارا رسميا في المخاطبات امام العالم.
 
فهل في هذا قراءة تسجيلية دقيقة من قبل المجلس الوزاري لما هو قائم في صدورنا؟ فلتحتفظ كل دولة خليجية بجماركها التي تريد وليحتفظ تجارنا بوكالاتهم التجارية، ولتقف الشاحنات في الجمارك لعدة أسابيع، ويا شعب الخليج فالكم البيرق .

الآن: د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك