منع الكتب.. ضجة مبالغ فيها!.. برأى د. خالد القحص
زاوية الكتابكتب سبتمبر 28, 2010, 11:31 م 1111 مشاهدات 0
منع الكتب.. ضجة مبالغ فيها!
كتب د.خالد القحص
2010/09/28 10:08 م
تعودنا في كل عام، وقبل موعد معرض الكويت الدولي للكتاب بنفس الأصوات والدعوات تتعالى وتدعو الى رفع الرقابة عن الكتب، والسماح بدخول أي عنوان بغض النظر عن محتواه، لأن هذا يدخل ضمن دائرة الابداع والفكر الحر، كما أنه لا أحد وصي على عقول القراء، خاصة وأننا نعيش عصر الانفتاح الاعلامي والانترنت، والتي جعلت من الرقابة أمراً غير قابل للتطبيق.وفي الأيام القليلة الماضية تجددت نفس الدعوات والاحتجاجات على وزارة الاعلام الكويتية التي منعت بعض الكتب، رافق ذلك احتجاج بعض المؤلفين المصريين على منع كتبهم في معرض الكويت، ومازالت الأزمة مستمرة.
وأنا أتفق مع ما قامت به وزارة الاعلام الكويتية، خاصة وان هذا يدخل ضمن صلاحياتها، كما ان الدول العربية بلا استثناء تمارس مثل هذه الرقابة على المعارض التي تقام على أراضيها (بصورة أو بأخرى)، كما أنه ليس من المنطق ان تكون جميع الكتب مسموحاً تداولها في معرض الكتاب- أي معرض.
البيان الصحافي الذي أصدرته وزارة الاعلام الكويتية قبل يومين وضع النقاط على الحروف حيث انها صرحت «ان المنع طال 25 كتابا من أصل ما يقارب 24 ألف كتاب مشاركة في المعرض، موضحة ان أسباب المنع انحصرت في الكتب التي تطاولت على الذات الالهية، وتعرضت للأنبياء والصحابة، أو الكتب الاباحية أو ما كان فيها اساءة الى دولة الكويت أو الدول الشقيقة».
ما يكتبه البشر ليس مقدساً أو حصيناً من الخطأ والأهواء والمصالح، وبالتالي فحسنه حسن وقبيحه وقبيح، وليس كل عقل مليء بالحكمة والفائدة، بل بعض العقول البشرية (أو كثير منها) مليء بالزيغ والافتراء والفتن والأهواء، والتعدي على الذات الالهية، ومقام النبوة، ومكانة الصحابة رضوان الله عليه، ومليء كذلك بالاباحية واللغة السوقية الشهوانية بكل صورها القميئة والرخيصة! لا يمكن أبداً تسمية ذلك بالفن والابداع وحرية الرأي.أيما كتاب تجرأ على الله سبحانه وتعالى أو نال من رسولنا الكريم أو صحابته أو معتقداتنا أو أخلاقياتنا، فمكانه سلة المهملات، هو وكاتبه.
أغلب الناس ليسوا من القراء، حسب ما تظهره الاحصائيات العالمية، وفي الدول العربية يبدو الوضع أسوأ، وعليه فأغلب الجمهور ليس متابعاً جيداً لما تنتجه المطابع ودور النشر، ولذا فمنع بعض الكتب لن يؤدي الى وضع أسوأ مما هو عليه فعلاً.وأما القارئ الحريص أو المهتم، فصدقوني سوف يحصل على أي كتاب ممنوع ان هو (أو هي) أراد، وهو يتحمل تبعات ذلك على فكره وعقله أو دينه.أما كدولة فان وضعها يختلف، اذ عليها ان ترعى الصالح العام، وان تنظر للمجموع وليس للأفراد، وبالتالي قد تصدر أحكاماً لا تناسب بعض الأفراد، ولكنها قطعاً تناسب المجموع.
ان الفضاء مفتوح، والانترنت مفتوح، والمعارض في الدول الأخرى قد يكون هامش الحرية فيها أكثر، ولذا فمعرض الكويت ليس هو المعرض الوحيد في العالم حتى نعمل أزمة على منع بعض الكتب.الدولة كدولة مطالبة بأمور تتجاوز الفرد، ولذا يجب عليها ان تمنع ما يسيء أو يشيع الفاحشة في المجتمع، هذا هو الفرق بين المسؤولية العامة (أو الجماعية) والمسؤولية الخاصة (أو الفردية).
ولولا ان يصبح الأمر دعاية مجانية للكتب الممنوعة لطالبنا وزارة الاعلام بعرض عناوين تلك الكتب الممنوعة، وجزءاً من محتوياتها لكي يعلم الناس لماذا منعت الكتب.نعم الحكومات العربية قد تستغل هذا وتبالغ فيه، ولكن لا اشكال عندي من ان تمنع عدة كتب، على ان يدخل كتاب واحد، ينتقص من الذات الالهية، أو يتجرأ على مقام النبوة، أو من يزدري من الأديان، أو يسوق فكراً اباحياً، كل هذا يأتي من كاتب مغمور، بضاعته مزجاة، يريد ان يشتهر بدعوى الحرية والفكر..ألا بئس لها من حرية، وتعساً له من فكر!
د.خالد القحص
تعليقات