إن أغلقت الكويت القنوات الخاصة ستصلنا «هوم ديلفري» من خارجها .. سعود عبدالعزيز العصفور مؤكدا أن زمن التليفزيون الحكومي ولى

زاوية الكتاب

كتب 1154 مشاهدات 0


لماذا لم يلجأوا إلى القضاء؟
 
 
عجلات القطار إذا دارت، فإنها تدور إلى الأمام، لا مجال فيها للعودة إلى الخلف، ولا طريق إلا إلى المضي قدماً، وكذلك هي عجلات قطار الحريات والفضاء الإعلامي، ومن يعتقد أنه سيتمكن من السيطرة بشكل تام وكامل على الفضاءات الإعلامية وما يبث فيها، وأنه قادر على أن يعيدنا إلى زمن التلفزيون الحكومي الأوحد فهو واهم ويسير عكس مسار القطار الذي سيرغمه على أن يسير معه في ذات الاتجاه أو سيدهسه. لذلك أي حديث عن غلق القنوات الفضائية الخاصة هو حديث لا قيمة واقعية له، وما تغلقه في الكويت سيصل إليك «هوم ديلفري» من خارجها. ليس مطلوباً من وزارة الإعلام غلق المساحات المفتوحة في الفضاء الإعلامي، بل المطلوب تطبيق القوانين الصادرة، وعلى رأسها البنود الخاصة بشفافية التمويل، وذلك كفيل بتصحيح كثير الكوارث الحالية.
السؤال الذي تبادر إلى ذهن الكثيرين بعد ما حدث لقناة سكوب، هو «لماذا لم يلجأ المتضررون إلى القضاء بدلاً من الاعتداء على القناة وموظفيها وممتلكاتها؟»، لماذا تجاوزوا دولة القانون وتوجهوا مباشرة إلى أخذ حقوقهم بأيديهم؟ ومع رفضنا لأي تصرف يتجاوز سلطات دولة القانون والمؤسسات، فإن ذلك لن يمنعنا من تحليل ما جرى ولماذا جرى وكيف جرى؟
عندما يذهب شخص ما إلى القضاء شاكياً، فهو يذهب إما للحصول على حق له يعتقد أنه سلب منه، واما لإيقاع العقوبة المناسبة بالطرف الآخر، واما لكلا الأمرين معاً. وفي حالة القنوات الفضائية وجرائم الإساءة إلى الآخرين، فإن الهدف الرئيسي من الذهاب إلى القضاء هو تغريم الطرف المخالف من أجل رفع كلفة مثل هذه الإساءات لكي لا يعود إلى مثلها، وتعويض الطرف الشاكي بما يتناسب مع حجم الضرر المعنوي الذي حدث له من جراء مخالفة القناة الفضائية أو من يعمل فيها.
هذا الكلام جميل ومنطقي على صدر الورق، ويمكنه المرور من قلبك إلى قلوب الآخرين بشرط ألا يتوقف في عقولهم، لأنه في ذلك سيصطدم بحقيقة الموقف على أرض الواقع. فعندما تجد قنوات فضائية تكلف مئات الآلاف سنوياً، بالإضافة إلى دفع ملاكها عشرات الآلاف أو أكثر كل عام في قضايا التعويض لمن طالتهم إساءاتها، ولا ترى ما يوحي بوجود ما يكفي من المداخيل سواء من الإعلانات التلفزيونية أو الإنتاج الفني لتغطية هذه المصاريف الهائلة، فأنت تعلم أن المال ليس عاملاً من عوامل التأثير في هذه القنوات، وأن هنالك من يدعم «بلا حساب» مثل هذه الدكاكين الإعلامية، ولن تؤثر بهم قضية أو تعويض مادام الحساب «مفتوحا» والراعي موجودا. حينها لن يكون لتغريم ملاك القناة قيمة أو تأثير، وسيختفي الدافع الأهم في اللجوء إلى القضاء، ويلجأ البعض إلى تعويض نفسه بـ«ذراعه».
عندما تكون الظروف طبيعية، توقعوا من الآخرين التصرف بطبيعية، أما إذا كانت الظروف بمجملها، من تمويل ومضمون وطرح غير طبيعية ولا تمت للمنطق والعقل بصلة، فلا تتوقعوا إلا ما هو غير طبيعي ومتطرف. أعيدوا التوازن إلى الميدان، وأخرجوا المال السياسي المشبوه من وسائل الإعلام، ستعود الأمور إلى طبيعتها و«سيلجأ المتضررون إلى القضاء».


سعود عبدالعزيز العصفور

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك