غدا 'دستور الكويت' يكمل عامه الـ 48
محليات وبرلمانمظلة عملت على توحيد الصف في الداخل والخارج بالغزو
نوفمبر 10, 2010, 12:10 م 3021 مشاهدات 0
لم يكن يوم الحادي عشر من نوفمبر عام 1962 يوما عاديا في تاريخ الكويت بل كان يوما عظيما وحدثا فريدا عندما صادق سمو أمير البلاد الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح الحاكم ال 11 لدولة الكويت الذي استمرت فترة حكمه من عام 1950 الى 1965 على دستور دولة الكويت تلك الوثيقة الكبرى والأساسية التي تحدد نظام الدولة وتنظم العلاقة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
لقد أطر الدستور الكويتي اسلوب الحكم بشكل ينسجم وطبيعة العلاقة العريقة بين الحاكم والشعب ونقلها الى وضع أكثر عصرية واستقرارا اذ تؤكد مضامين الدستور ومقوماته الاساسية التمسك بثوابت العدل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص للمواطنين.
واكد الشيخ عبدالله السالم رحمه الله في كلمته التي جاءت في مقدمة الدستور انه جاء 'رغبة في استكمال اسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز وايمانا بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الانسانية وسعيا نحو مستقبل افضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية ويفيء على المواطنين مزيدا كذلك من الحرية السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد وحرص على صالح المجموع وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره'.
ويتمثل دستور الكويت في تلك الوثيقة التي اعدت مشروعها لجنة اعداد الدستور المنبثقة عن المجلس التأسيسي الذي انتخبه الكويتيون في بدايات عام 1962.
وكان سمو الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم افتتح في 20 يناير 1962 هذا المجلس حيث القى كلمة قال فيها 'باسم الله العلي القدير نفتتح اعمال المجلس التأسيسي لدولة الكويت المستقلة هذا المجلس الذي تقع على عاتقه مهمة وضع أساس الحكم في المستقبل.
لقد كان اعلان استقلال الكويت في التاسع عشر من يونيو 1961 فاتحة عهد جديد للكويت التي ما عرفت منذ وجدت الا الحرية والكرامة. وهذا مجلسكم يمثل دورا من أدوار الرقي والتقدم المطرد في تاريخ هذه البلاد'.
وأضاف سموه 'لقد كانت مصلحة شعب الكويت هي هدف الحكومة دائما تسعى اليه بمختلف وسائل الاصلاح في جميع الشؤون العمرانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وهذا التطور في حياة الكويت في هذه الحقبة القصيرة من الزمن لأكبر شاهد على ذلك.
وستستمر الكويت دائما - باذن الله - في طريقها الذي اختطته لنفسها. دولة عربية تتضامن مع شقيقاتها الدول العربية في كل ما يعود بالخير على الأمة العربية وتسعى جهدها الى تدعيم الجامعة العربية'.
وأكد سموه رحمه الله ان 'الكويت دولة مستقلة تؤيد حق كل بلد في نيل حريته واستقلاله دولة محبة للسلام تسعى الى اقراره وتؤيد كل من يسعى اليه متمسكة في كل ذلك بميثاق الأمم المتحدة. واني لأدعو الله سبحانه وتعالى ان يحفظ هذه الأمة من كل سوء وان يسدد خطاكم ويعينكم على كل ما فيه مصلحة البلاد وأمنها ورخائها'.
واختتم سموه كلمته بالنصح للأعضاء كوالد لاولاده بأن يحافظوا على وحدة الصف وجمع الكلمة حتى يؤدوا رسالتهم الجليلة في خدمة هذا الشعب على أكمل وجه وأحسنه.
وضمت لجنة اعداد مشروع الدستور التي تم انتخابها في جلسة 3 مارس 1962 خمسة اعضاء هم المرحوم عبداللطيف محمد ثنيان الغانم رئيس المجلس وسمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح وكان في حينها وزيرا للداخلية والمرحوم حمود الزيد الخالد الذي كان وزيرا للعدل ويعقوب يوسف الحميضي والمرحوم سعود عبدالعزيز العبدالرزاق.
وعقدت اللجنة التى ترأسها عبداللطيف الغانم اولى جلساتها يوم السبت 17 مارس 1962 واستمرت في هذه الجلسات حتى بلغ عددها 23 جلسة حيث انجزت مشروع الدستور وتمت احالته بأكمله الى المجلس التأسيسي لمناقشته واقراره.
وقد بدأ المجلس التأسيسي النظر في مشروع الدستور في 11 سبتمبر 1962 وفي جلسته المنعقدة بتاريخ 30 اكتوبر من العام نفسه تمت تلاوة مواد الدستور مادة مادة ثم اخذ التصويت على المشروع وذلك بالمناداة على الاعضاء فردا فردا وتمت الموافقة عليه بالاجماع من جميع اعضاء المجلس.
واقر المجلس مشروع الدستور بأكمله بالاجماع في جلسته المنعقدة في 3 نوفمبر 1962. وقدم رئيس المجلس التأسيسي عبداللطيف الغانم وثيقة الدستور الى الشيخ عبدالله السالم الصباح بقصر السيف في الثامن من نوفمبر 1962 ثم القى كلمة قال فيها 'انه لشرف كبير لزملائي اعضاء لجنة الدستور ولشخصي ان نتقدم الى سموكم في هذا اليوم التاريخي نيابة عن المجلس التأسيسي بمشروع الدستور الذي رأيتم وضعه للبلاد على اساس المبادئ الديمقراطية المستوحاة من واقع الكويت'.
وصادق سمو الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم على الدستور بعد ثلاثة ايام من تاريخ رفعه اليه وتم اصداره وكان على الصورة التي اقرها المجلس التأسيسي كما تم نشره في الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في اليوم التالي لصدوره.
وبعد مضي 72 يوما فقط على اقرار الدستور اجريت في 23 يناير 1963 اول انتخابات شاملة في الكويت لانتخاب اعضاء مجلس الامة في فصله التشريعي الاول. وعقد المجلس اولى جلساته في 29 يناير من العام نفسه حيث شهدت الكويت بداية العمل بالدستور.
وفي نطقه السامي الذي القاه في افتتاح المجلس قال الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله 'باسم الله العلي القدير نفتتح الدورة الاولى لمجلس الامة الذي نبدأ بانعقاده مرحلة العهد الدستوري في دولة الكويت'.
واضاف سموه 'وانه ليسعدني في هذا اليوم الاغر من تاريخ بلادنا ان اقسم بالله العظيم ان احترم الدستور وقوانين الدولة واذود عن حريات الشعب ومصالحه وامواله واصون استقلال الوطن وسلامة اراضيه'.
وكرر سمو الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم للاعضاء وصيته كوالد لابنائه بان يحرصوا على وحدة الصف في هذه الدولة العربية المتمسكة بدينها وتقاليدها.
ويتألف دستور الكويت من 183 مادة موزعة على خمسة ابواب اولها عن الدولة ونظام الحكم والثاني عن المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي والثالث عن الحقوق والواجبات العامة والرابع عن السلطات.
واشتمل الباب الرابع على خمسة فصول جاء الاول منها على شكل احكام عامة والثاني عن رئيس الدولة والثالث عن السلطة التشريعية والرابع عن السلطة التنفيذية والخامس عن السلطة القضائية اما الباب الخامس من الدستور فقد احتوى على نصوص الاحكام العامة والمؤقتة.
واوضحت المذكرة التفسيرية للدستور التي تعتبر بمنزلة العمود الفقري لمواد الدستور التصور العام لنظام الحكم في البلاد وفسرت كل المواد التي قد تخضع لاكثر من تفسير او اجتهاد.
وكان دستور الكويت في ايام الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت في اغسطس عام 1990 بمنزلة المظلة التي عملت على توحيد صفوف الكويتيين في الداخل والخارج وعززت تمسكهم بشرعيتهم فأهل الكويت في الداخل صمدوا ورفضوا التعاون مع الغزاة بينما اجتمع الكويتيون في الخارج بجدة في أكتوبر 1990 واعلنوا تمسكهم بدستورهم.
وقال سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح في المؤتمر الشعبي بجدة ان 'الكويتيين عاشوا منذ القدم في اجواء من الحرية والتزموا الشورى ومارسوا الديمقراطية في اطار دستورنا الذي ارتضيناه'.
من جهته قال عبدالعزيز الصقر رحمه الله في كلمته امام المؤتمر ان 'استرشاد دستور الكويت بتجارب الدول الاخرى قد عزز هويته الكويتية الصادقة فجاء بمنزلة عباءة سياسية كويتية النسيج والنموذج'.
وبعد ان من الله على الكويت بنعمة التحرير وجه سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد كلمة الى الشعب الكويتي في العشر الاواخر من رمضان في السابع من ابريل 1991 قال فيها ان 'الشورى والمشاركة الشعبية في امور البلاد كانت طبيعة الحياة في بلدنا ولها طرق عدة الا ان عودة الحياة النيابية هي ما اتفقنا عليه في المؤتمر الشعبي بجدة'.
واضاف سموه 'ووفاء بهذا العهد فقد قررنا بعد ان تستقر الاوضاع وتبدأ مسيرة الحياة ويعود اهل الكويت الى اهلهم ان تجري الانتخابات النيابية خلال السنة المقبلة باذن الله تعالى حسب ما نص عليه دستورنا'.
ومنذ صدور الدستور قبل 48 عاما وحتى اليوم تم انتخاب 13 فصلا تشريعيا وتم تشكيل 26 حكومة.
وكثيرا ما يؤكد سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حرصه على التمسك بما جاء بالدستور فقد جاء في نطقه السامي الذي افتتح فيه دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي ال 13 لمجلس الامة في 26 اكتوبر الماضي قوله 'ان الالتزام باحكام الدستور والقانون يوجب على سلطات الدولة ان تلتزم كل سلطة بحدود اختصاصها وفق الاحكام التي يبينها الدستور كما اوجب التعاون فيما بينها لتحقيق مصلحة هذا البلد وابنائه'.
تعليقات