في الحضيض، أولئك الذين يرون في الجويهل وفضائيته تعبيرا لليبراليتهم-حامد الحمود

زاوية الكتاب

كتب 1903 مشاهدات 0


الليبرالية والليبرالية الجويهلية

كما هي الحال في كثير من المفاهيم والشعارات، فقد تعرض مفهوم الليبرالية الى كثير من سوء الفهم والتدليس. واستخدم بابتذال من قبل من يرغب أن يتصف به ومن يشن العداء له، لدرجة أن أصبحت كلمة «ليبرالي» توحي بالتشكيك في أخلاق الفرد أكثر من سموها. هذا مع أن الليبرالية ليست بحكم قيمي يقتصر على حزب أو تنظيم معين. لكنها مجموعة من القيم الانسانية والسياسية والاقتصادية التي رأت التجربة الانسانية أن المحافظة عليها والعمل ضمن اطارها يزيدان من احتمال تحقيق العدالة والسعادة لبني البشر. وان ساهم فلاسفة مثل الألماني ايمانويل كانط والانكليزي جون لوك في بلورة قيمها، فإن هذا لا يعني أن تلك القيم ما كانت لتخرج الى الوجود من دون مرجعيتها. فهناك نصوص وتجارب انسانية قديمة حملت القيم الليبرالية الحديثة نفسها. وفي قوله تعالى «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات: 13) مخزون لا ينضب من القيم الانسانية السامية. ولعل أبرز المبادئ التي ينادي بها الفكر الليبرالي الحديث هي:
1 - تأكيد احترام حقوق الانسان.
2 - فصل الدين عن الدولة.
3 - انتخاب الشعب ممثليه بوسائل ديموقراطية والاحتكام الى الدستور.
4 - اطلاق الحرية الاقتصادية واحترام الملكية الخاصة.
وكانت المبادئ التي أطلقها قادة الاستقلال الأميركي في عام 1776 وتم تضمينها في دستور هذه الدولة الحديثة، منارة لنشر القيم الليبرالية. فقد ذكر هذا الاعلان هذه المبادئ: «ان الناس جميعاً أحرار بطبيعتهم ولهم حقوق فطرية، وبالتحديد الحق في الحياة والحرية والتملك والسعي لتحقيق السعادة والأمان».
وهذه المبادئ أو القيم التي يتشكل منها مفهوم الليبرالية يمكن أن تتواجد لدى أي انسان، بسيط أو متعلم من دون النظر الى تنظيمه السياسي أو انتمائه الديني أو القومي. بل يمكن أن ينتمي الفرد الى حزب له جذور دينية وأن يكون ليبرالياً في الوقت نفسه. ولعل حال حزب التنمية والعدالة ذا التوجهات الاسلامية في تركيا خير دليل على ذلك، فقد أكد رئيسه رجب طيب أردوغان أكثر من مرة تمسكه بالمبادئ الليبرالية بما في ذلك فصل الدين عن الدولة.
وكما ذكرنا في بداية حديثنا، من أن مفهوم الليبرالية في الكويت قد تعرض للتشويه من قبل من تشدق بحمل صفتها، وبمن استخدمه كصفة تثير الشكوك لمن حولها. لذا، يعتقد كاتب هذه السطور أن هناك حاجة لتطوير مقياس للكشف عن الليبرالية الحقيقية وفقاً لمرجعيتها المتفق عليها. فلو طورنا استبياناً يتضمن اسئلة للكشف عن قناعات ورؤى الأفراد في مجال السياسة والاقتصاد وحقوق الانسان بهدف التعرف على مدى ليبرالية هؤلاء الأفراد، لوجدنا أن كثيراً من المحسوبين على التيار السياسي السلفي متفوقون في ليبراليتهم على بعض «الليبراليين». ولعل أكثر الليبراليين غرابة، هم هؤلاء الذين لا يجدون في تأييدهم لطروحات و«منطق» وشعارات المرشح السابق لمجلس الأمة، محمد الجويهل، ما يناقض قناعاتهم أو مفاهيمهم الليبرالية. فقد أفقدتهم مزايدات بعض أعضاء مجلس الأمة القدرة على التمييز. وهم اما مشغولون بإدارة أعمالهم، واما أنهم يحلمون بماض لم يكن. لذا، لم تجد عقولهم وعيونهم وعواطفهم الا المرشح محمد الجويهل وفضائيته «السور» ناطقاً باسمهم، ومعبراً عن احباطاتهم وضجرهم من مزايدات هؤلاء الأعضاء. إنها ليست عودة الى الوراء فقط. وانما هبوط الى الحضيض.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك