احتجاجا على التضييق على الحريات، الدعيج توقف عن الكتابة

زاوية الكتاب

كتب 1844 مشاهدات 0


توقفت في الايام الماضية عن الكتابة. لم يمنعني احد بشكل شخصي او مباشر أن اكتب، لكن الوضع العام وصل الى درجة انحدار لم تعد تسمح للرأي او السلوك الحر ان يبرز او ان يعبر عن نفسه. لقد تم «سحل» مواطنين ابرياء ودوسهم بالأقدام لا لشيء إلا لأنهم عبروا عما يعتقدون انه حقيقة. وتم الاعتداء على نواب البرلمان بصفتهم كذلك دون تقدير او حساب للأمة التي يمثلون او الصفة التي يحملون. ولم يكن كل هذا كافيا، بل تمادت السلطة وكلفت مدير ادارة بالانابة في وزارة الاعلام بأن يبرق لصحف الكويت بألا تكتب شيئا عن الاحداث الماضية. وبلعت صحفنا «الحرة» الاهانة ولم تتجرأ صحيفة واحدة على نشر الامر الاداري بالمنع، اللهم الا «السياسة» التي نشرته على انه نكتة تقبلتها برحابة صدر. ووصل التمادي مداه في اقدام الحكومة على اعتقال من سحلتهم ومن اختطفهم عسكرها من حرمة منازلهم واودعتهم السجن بالتهمة المفضلة في هذا العهد، تهمة اهانة الذات الاميرية والاساءة للوحدة الوطنية!!!
توقفت عن الكتابة، منذ السبت الماضي (مقال الاثنين الاسبوع الماضي مكتوب قبل اربع وعشرين ساعة حسب شروط الصدور المبكر) احتجاجا على تردي الاوضاع، وعلى القمع الذي مورس ضد حرية التعبير، سواء بالهراوات او بالقرارات الاعلامية التي لا يستند اي منها الى قانون اصدره مجلس الامة وصدق عليه الامير. تماما مثلما توقفت عن الكتابة عام 1976، عند تعليق بعض مواد الدستور، وحل مجلس الامة وفرض الرقابة المباشرة على الصحف. في نظري، نحن عشنا ونعيش الاجواء نفسها، الادهى انها اشد وامر. فوقت الحل الاول لمجلس الامة عام 1976 واجهنا السلطة، وخسرنا حرياتنا وحقوقنا السياسية. تم تعطيل مجلس الامة وتعليق بعض المواد الدستورية الخاصة بإعادة انتخابه وتم فرض الرقابة من قبل السلطة على الصحف وعلى بقية وسائل التعبير وطرقه. لهذا توقفت وقتها عن الكتابة، التزاما مني بالحفاظ الحقيقي على الدستور وانتصارا عمليا وفق امكاناتي لحرية التعبير ولحقوق الامة في السلطة والسيادة المطلقة. هذه الايام نواجه مع الاسف السلطة ومعها وربما قبلها نواجه معظم نواب تكتل «الا الدستور» الذين صادروا حرياتنا الاجتماعية وسلبوا حقوقنا الشخصية وتعدوا على معظم مواد البابين الثاني والثالث من الدستور الخاصة بمقومات المجتمع وحقوق الافراد.
توقفت عن الكتابة.. لكن هناك من الاصدقاء وبعض القراء من يرى ان شيئا اهون من لا شيء. وان ما لا يؤخذ كله لا يترك كله.. لست مع هذا الرأي، لكن الكثرة تغلب الشجاعة او في هذه الحال تغير القناعة.. وها أنا اعود محاولا ان اعبر مرة اخرى عن وجهة نظر حرة وسط هذا التضييق النيابي والسلطوي.. مع انني اشك في ان تسمح الظروف بذلك.
***
نعتب على الاتحاد الوطني لطلبة الكويت ــ فرع الولايات المتحدة الاميركية، الذي وقّع اخيرا على بيان مع بقية الاتحادات الطلابية يجلّ ويثمّن مواقف نواب الامة، الذين كانوا - حسب البيان - مصدر فخر واعتزاز الموقعين على البيان، لانهم «جسدوا نصوص الدستور أفضل تجسيد، متمسكين بسيادته، محترمين مواده، فهم أملنا نحو تأكيد سيادة القانون في ظل الدستور، وهم ضميرنا الناطق بالحق اذا ما استشرى الباطل». من صدقكم...!! تتكلمون عن نواب الكونغرس والا عن نواب كتلة «الا الدستور»...!!!

عبداللطيف الدعيج

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك