محمد الهرفي يكتب عن استعانة 'الطواغيت'، أمثال القذافي بالمشايخ بعد ان يقترب الموت منهم ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1651 مشاهدات 0



 
فلما أدركه الغرق قال: أين المشايخ؟! 
 
الثلاثاء 15 مارس 2011 - الأنباء 
 
 حال الطواغيت كلهم حال فرعون، يرتكبون الموبقات والجرائم ما ظهر منها وما بطن، وعندما تقترب نهايتهم يتلمسون النجاة عند من كانوا يعذبونهم ويهينونهم أكثر من غيرهم بكثير! ففرعون آمن برب موسى عندما شارف على الموت، وهكذا فعل القذافي بعده، ومثلهما فعل وسيفعل الكثيرون فيما بعد!
القذافي يُعدّ واحدا من أسوأ حكام العالم ـ على الإطلاق ـ ومن أكثرهم دموية ووحشية، لكن هذه الوحشية لا يستطيع ممارستها إلا على الشعب الليبي المقهور، قتل منهم الآلاف قبل ثورتهم عليه، كما قتل منهم الآلاف أثناء هذه الثورة، وسيستمر في ارتكاب جرائمه بكل الوسائل مادام على قيد الحياة! إن هذا النوع من البشر لا يتخيل انه سيفقد السلطة التي أعطته كل شيء لأنه دونها سيصبح لا شيء، بل مطاردا وملاحقا على جرائم كثيرة ومتنوعة ولهذا سيفعل كل ما يستطيع ليبقى حتى إن ذبح مئات الآلاف من الشعب المسكين!

الخطورة تتزايد عندما يكون الديكتاتور احمق، لا يسمع إلا ما يريد، ولا يشاهد إلا ما يعجبه، والمنافقون من حوله لا يجرؤون على قول كلمة حق واحدة فضلا عن بضع كلمات!

القذافي يعتقد انه هو «ليبيا» وهو صانع مجدها ـ وحده ـ وانه الوحيد القادر على حفظ أمنها واستقرارها! أما الليبيون فهم ـ حسب زعمه ـ مجموعة «جرذان» ومهلوسين، وشذاذ آفاق، وغير ذلك من الصفات القبيحة التي وصف بها شعبه، الذين كانوا يحبونه ويفدونه بدمائهم!

وبينما يرى العالم كل ما يجري في ليبيا، ويتحدث الكثيرون عن عقوبات رادعة ينبغي اتخاذها ضده، وعن الموقف المناسب من الثوار وأهمية دعمهم، كل هذا لم يغير وجهة نظر العقيد بل بقي مصرا على مواقفه بان الشعب كله معه إلا الشواذ منهم!

والديكتاتور ومثله ابنه ـ مرشحه لولاية العهد ـ يتمتعان بسوء أخلاق لا يمكن ان يوجد عند عاقل يحترم نفسه فضلا عن حاكم بلد يصف نفسه بـ «القائد» وما أشبه ذلك من الصفات التي ليست فيه أي واحدة منها!

تاريخ القذافي يؤكد انه محارب للإسلام وعدو لأهله قديما وحديثا، فهو من حرق القرآن الكريم، وهو من أنكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من حارب العلماء في بلده، وقتل منهم المئات، وشرد الباقين خارج بلادهم.

وفي بداية الثورة وصف الثائرين بكثير من الصفات القبيحة منها: انهم أتباع ابن لادن والزرقاوي، وانهم ظلاميون سيقيمون إمارات إسلامية! وفي احدى خطبه سأل شعبه: هل ستتبعون شيخا لحيته مليئة بالقمل؟! هكذا كان يسخر من العلماء، وهكذا كان يعاملهم!

لكن القذافي وولي عهده تغيرا كثيرا عندما شعرا بأن الموت اقترب منهما كثيرا، وبعد دراسة معمقة ـ هكذا أظن ـ وجدا ان الحل عند المشايخ فلعل هؤلاء يمنعون الموت من الاقتراب منهما! وفي هذا السبيل لا بأس ان يغيرا موقفهما من المشايخ ـ ولو مؤقتا ـ حتى تزول الغمة ويرجع كل شيء كما كان.

الذي يستطيع الصبر على متابعة التلفزيون الليبي سيلاحظ ما قلته ببساطة خاصة إذا كان يعرف طبيعة المحطة الليبية قبل الثورة.

استضافة المشايخ أصبحت ظاهرة، والحديث وطبيعته معروف ومعد سلفا، فالقذافي حاكم مليء بالإيمان، بل ان إيمانه يفيض من كل جانب، ولهذا فالخروج عليه حرام بإجماع المسلمين! ولولا الحياء لقالوا: وايضا غير المسلمين! والعجيب في المسألة ان القذافي يعلن بكل وضوح: انه ليس حاكما! ولو كان عنده وظيفة لكتب استقالته ورماها في وجوه المتظاهرين! فإذا كان الأمر كذلك ـ حسب اعترافه ـ فلماذا لا يجوز الخروج عليه؟! ربما ان مشايخه لا يستمعون الى خطبه فحسبوه حاكما كغيره!

ولم يكتف القذافي بمشايخ بلده الذين وقفوا معه، بل بدأ رحلة بحث شاقة لعله يجد مشايخ في دول اخرى تدعم موقفه المتهالك!

اتصل نجله ـ المدلل ـ بالشيخين سلمان العودة وعايض القرني، وربما ذكرهما بزيارتهما لبلده وكيف أكرمهما وردا لجميله طلب منهما حث المتظاهرين على وقف كل أعمالهم، ومطالبتهم بطاعة ولي أمرهم الشيخ القذافي. لكن الشيخين رفضا الاستجابة لطلبه، ويشكران على هذا الفعل، أما رئيس قناته فقد اتصل بالشيخ محمد العريفي لنفس السبب، لكن العريفي رفض الطلب كذلك.

قطعا بحث عن الكثيرين في طول بلاد الله وعرضها، وربما عرض عليهم الكثير من الإغراءات، ولكن العقلاء لن يستجيبوا له كما اعتقد، لاسيما انه لا يحفظ الأسرار فقد فضح البعض وهدد بفضح آخرين.

ولم يتوقف الأمر عند الأحياء فقد تجاوزه الى الأموات الذين كان القذافي لا يطيق سماع أسمائهم، وكان يمنع كتبهم من دخول ليبيا منذ توليه حتى الآن.

فتاوى ابن تيمية، وابن القيم وآخرين كلها كانت تتردد على قناته، وكلها بحسب انتقاءاته تتوقف عند تحريم الخروج على الحكام دون الدخول في التفاصيل المزعجة!

من المؤسف ان يبعد بعض الحكام العلماء عن كل مناحي الدولة، ويوجهون إليهم التهم الكاذبة، فإذا احتاجوا اليهم في الأزمات استدعوهم لكي يقفوا معهم.. لكن هؤلاء لم يدركوا ان الشعوب أصبحت على درجة عالية من الوعي وانها قادرة على معرفة من يقول الحق ممن لا يقوله!

ولو كان القذافي ـ وغيره ـ على درجة من الوعي السياسي لأعطوا كل صاحب حق حقه، ولاحترموا علماء بلادهم، لأنهم ـ إن فعلوا ذلك ـ سيجدون ان الكل معهم، لكنهم في ساعة الموت سيتخلى عنهم أقرب الناس وهذه سنة الله في خلقه السيئين.

د.محمد علي أحمد الهرفي

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك