حنان الهاجري ترفض فكرة انه ان وُجدت زلة على منتسبي التيار الديني فيجب الانقضاض عليها لأنهم ليسوا العدو!
زاوية الكتابكتب يونيو 15, 2011, 12:43 ص 817 مشاهدات 0
القبس
خارج الإطار
إنهم ليسوا العدو!
كتب حنان الهاجري :
«أنا لا استطيع الوثوق به لأني قرأت أنه عربي!»، جملة نطقت بها سيدة أميركية أمام المرشح الرئاسي جون ماكين أثناء اجتماع عام في ولاية مينيسوتا في أكتوبر 2008، واصفة غريمه باراك اوباما بقصد التشكيك في «اميركيته» وولائه للبلد، فما كان من ماكين الا أن رفض ذلك التصرف وسط صيحات استهجان تعترض على موقفه هذا. ماكين رد بأن أوباما مواطن ورجل عائلة محترم وان اختلف معه حول أمور أساسية. بغض النظر عن الضجة التي أحدثها هذا الموقف حول فرضية أن يكون المرشح الديموقراطي عربيا، وما قصده المرشح الجمهوري في نفيه كما لو كان الأصل العربي ُسبة، عُد موقف ماكين مميزا عما عُرف عنه في مسيرة حملته التي اهتمت بالهجوم الشخصي المنظم واثارة حنق المجاميع حول أمور تتعلق بالخصم ومحيطه الأسري ونوعية أصدقائه. الخصوم السياسيون دائما ما يحاولون المبالغة في تسليط الضوء على ما يميز بعضهم عن بعض، تاركين مناطق التشابه وامكانية التعاون مهجورة، وكذلك يفعل مساندوهم. الخطير هنا هو أنه في خضم الخلاف والاختلاف والاستغراق في تعزيزه يضيع مبدأ احترام آدمية الخصم الذي يعد حجر الأساس في الحوار المتمدن. لذا أجد أن من يهاجم من يختلف معه سياسيا بشكل شخصي ويصنفه على أنه العدو الأشر الذي يجب أن ينفى تماما عن طاولة الحوار فقط لأنه يعتقد بخطأ آرائه، رغم أن ليس كل ما هو صواب يعد الأفضل، أجده ضيق الأفق، متطرفا ومرتكبا لخطيئة لا تغتفر.
الهجوم الشخصي لا يراد به الاقناع، هو مصمم فقط للاذلال والتحقير بحجة أن ما يراه البعض حقا وصوابا هو الافضل الذي يجب الدفاع عنه، حتى لو عنى ذلك سحق الخصم الذي لا قيمة لآدميته أو ما يحمله من أفكار ومبادئ بالمقارنة مع عظم المبادئ والأفكار الأخرى. ومن هنا انتشرت في ما بيننا في الكويت فكرة انه ان وُجدت زلة على منتسبي التيار الديني فيجب الانقضاض عليها وتدميرهم بها، لأنهم ليسوا بشرا فلا خوف من أن يدميهم أي جرح. النواب الطبطبائي والمسلم وهايف والحربش وغيرهم ممن يصنفون تحت مسمى النواب الاسلاميين وما يمثلونه من تيارات ليسوا العدو. صحيح أنني لن أصوت لمصلحة اي منهم في يوم قريب أو بعيد، ولكنني افهم تماما أنهم شركاء لي في الوطن، وقراراتهم مبنية على مبادئ يشاركون بها آلاف الكويتيين الذين اختاروهم لتمثيلهم. نختلف معهم ولكن لا نخونهم، نجادلهم ولكن لا نحقرهم، نبيّن لهم عيوبهم ولكن لا نتصيدها عليهم. وان لم نفعل خسرنا كثيرا وبنينا جدرانا من الخلاف على أساسات الاختلاف، وفاتنا خير كثير نعتقد على نحو غير مناسب انه لن يصدر عمن نختلف عنهم أو معهم.
د. حنان الهاجري
تعليقات