د. فيصل أبوصليب يعقد مقارنة بين ديوانيات الإثنين وتظاهرات الجُمع

زاوية الكتاب

كتب 1158 مشاهدات 0



 عالم اليوم

كلمات 
ديوانيات الإثنين وتظاهرات الجُمع 
 
كتب د. فيصل أبوصليب
 
عندما حُلّ مجلس الأمة خارج إطار الدستور في يوليو 1986 وألغيت المشاركة الشعبية في الحكم.. لم يكن هناك من حيلة سوى الخروج إلى الشارع خصوصا بعد إصرار السلطة آنذاك على إغلاق كل قنوات الحوار مع القوى السياسية وتأكيدها على عدم الرجوع عن هذه الخطوة.. فكانت ديوانيات الاثنين.. التي اعتبرت إحدى وسائل الضغط الشعبي على السلطة.. وقد بدأت بمشاركة بعض أعضاء مجلس 85 المنحل وعدد محدود من المواطنين.. ثم تزايد العدد أسبوعا بعد أسبوع حتى وصل إلى حوالي 7 آلاف شخص، مع الأخذ في الاعتبار محدودية وسائل الاتصال والحشد الجماهيري في ذلك الوقت.. وعندها لم تتحمل السلطة الضغط الشعبي حاولت امتصاص هذا الغضب ودعت إلى فتح باب الحوار مع القوى السياسية المعارضة.

وفي هذه الأيام هناك تظاهرات الجمع.. ويبدو أن عدد المشاركين فيها بازدياد مستمر.. تماما كما حدث في ديوانيات الإثنين.. وعدد المشاركين له أهمية كبيرة في التأثير.. وإذا كان عددهم محدودا كما قال رئيس الحكومة.. فلا وزن لهم عنده ! وتظاهرة الجمعة الماضية كان عنوانها “جمعة الوثيقة” التي طالبت بسقوط الرئيس.. وأيضا كان في ديوانيات الإثنين ماسميت “الوثيقة أو العريضة الشعبية”.. مع اختلاف الغاية والهدف لكلا الوثيقتين.

فهناك إذن أوجه للشبه ما بين ديوانيات الإثنين وتظاهرات الجمع.. فكلاهما يشبه كرة الثلج التي يزداد حجمها كلما زادت حركتها.. وكلاهما أيضا تم اللجوء فيه إلى كتابة الوثائق أو العرائض.. ولكن واقع الحال يختلف اليوم.. فهناك في ديوانيات الاثنين لم يكن للشعب حيلة عندما أصبح ممثلوه بجرة قلم لا حول لهم ولا قوة ومسلوبي الصلاحيات الدستورية.. فكان اللجوء إلى التجمعات تعبيرا عن السخط تجاه ذلك الوضع.. أما اليوم فإن مجلس الأمة موجود بكامل صلاحياته.. وتحت قبة البرلمان يمكن للنائب أن يقوم بمسؤولياته التي فُوّض بها من قبل الشعب بكل حرية.. وقد يقول قائل بأن الحكومة تملك الأغلبية في المجلس الحالي وبأن أغلبية النواب بصامون وانبطاحيون وبقية النعوت والصفات.. وقد يكون هذا صحيحا.. ولكن من الذي أتى بهم ؟ أليس هو الشعب الذي يريد إسقاط الرئيس اليوم ! لذلك يجب علينا مواجهة أنفسنا بالواقع المر والحقيقة المؤلمة.. فلو سئل كثير من الذين شاركوا في تظاهرات الجمع عمن صوتوا لهم في الانتخابات الماضية لوجدنا أن نسبة كبيرة منهم قد صوتت على أساس الصلات العائلية والقبلية بعيدا عن معايير الكفاءة والأهلية.. فلا تلومن اليوم أحدا غير أنفسكم.. وليكن موقفكم واضحا في الانتخابات المقبلة في ضرورة استبعاد نواب الصدفة الذين دخلوا المجلس في غفلة من الزمن.

ولا يجب أن يُفهم هذا الكلام بأنه مصادرة لحق التعبير والتجمع السلمي.. على العكس تماما، فخروج الشباب في تظاهرات الجمع هو تعبير صادق عن حيوية الشعب الكويتي ومؤشر مهم على تأثير الرأي العام في الحياة السياسية في الكويت.. ولكن ليكن الهدف من وراء هذه التحركات هو حل هذا المجلس وإجراء انتخابات مبكرة يستطيع فيها الشعب الكويتي أن يقول كلمته.. فالشعب الكويتي يستطيع فعلا إسقاط الرئيس إذا كان يستحق ذلك ولكن من خلال القنوات الدستورية وعبر نوابه في البرلمان الذين يستطيعون عزل رئيس الوزراء إذا توافرت لهم الأغلبية المطلوبة.


 

أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الأميركية

في جامعة الكويت
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك