مهن وحرف اندثرت مع تطور الحياة
منوعاتالمنادي والنكاس و'زري عتيج' و'جليب انخم' حرف شعبية أصبحت في الذاكرة
أغسطس 10, 2011, 10:47 ص 10078 مشاهدات 0
كثيرة هي المهن والحرف التي يحملها في ذاكرته الشعب الكويتي والتي كانت موجودة في مراحل ما قبل ظهور النفط لكنها بدأت بالاندثار مع تطور أساليب الحياة العصرية شيئا فشيئا.
وقال الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان تلك المهن والحرف القديمة التي لم تعد موجودة الآن ماتزال حية في ذاكرة ووجدان الكويتيين ولعبت دورا اساسيا في حياتهم ومنها ما كان بمنزلة وسائل اعلام واعلان بما يتماشى مع طبيعة المجتمع الكويتي البسيط آنذاك كالمطرب او المنادي والنكاس و(زري عتيج) و(جليب انخم) وغيرذلك.
واضاف المسباح ان الحديث عن بعض تلك المهن القديمة فيه استذكار واحياء لحقبة من تاريخنا وتذكير الجيل الحالي بطبيعة الحياة البسيطة والقاسية في الماضي حيث كان اصحابها يطوفون (السكيك والفرجان) والطرق سيرا على الاقدام بحثا عن لقمة العيش.
وأوضح 'اننا نلجأ اليوم الى وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة للاعلان عن شيء ما سواء كان تجاريا او رسميا او اجتماعيا بغرض ابلاغ الجمهور عن الغرض المعلن او الحدث أيا كان نوعه ومكانه وزمانه لكن كانت الامور في الماضي أبسط من ذلك فهناك (المطرب او المنادي) الذي كان يلعب دور وسائل الاعلام والاعلان في نشر الاخبار'.
وذكر ان ابرز ما كان ينبغي ان يتسم به المطرب هو صوته الجهوري وأن يكون على دراية كاملة وتامة بالطرق و (السكيك والفرجان) وتشعباتها وبأفراد المجتمع بشكل عام وصاحب قدرة على ايصال المعلومة الى الجميع دون استثناء.
وبين ان المطرب كان يقطع الشوارع و(الفرجان والسكيك) ذهابا وايابا ينادي بما كلف بالاعلان او الابلاغ عنه من مفقودات او سلع أو اي حدث اهلي او رسمي حيث كانت الجهات الرسمية تستعين بالمطرب حين ترغب بابلاغ شيء ما للجمهور أو البحث عن مفقود او الاستدلال على احد.
وقال المسباح انه حينئذ يتم ندب المطرب أو المنادي بأجر محدد متفق عليه سلفا على ان يسير في الشوارع ليعلن على الجمهور ما انتدب من اجله مرارا وتكرارا بصوت عال يسمعه الجميع وقد يتطلب الامر اياما او اسابيع حسب قيمة الشيء او نوعه وظروفه.
واشار الى ان الامر قد يكون على العكس من ذلك 'فمثلا اذا وجد احدهم شيئا مفقودا ثمينا او عاديا ولا يعرف صاحبه فيندب هذا الشخص ليخبر الناس بذلك وان على صاحب الشيء المفقود ان يتوجه اليه وتكون المكافأة للمطرب (ككروة) أي اجر مقابل عمله.
وذكر ان المطرب وبعد ان يحدد له مبلغ معين من المال ليعلن عن الشيء المفقود ويكون صاحب هذا الشيء قد حدد مكافأة لمن يجده وليكن مثلا روبية فيقول المنادي (يا من عين الضالة والحلاوة روبية والعقلان على الله).
وعن (زري عتيج) اوضح انه احد الاشخاص الذي كان يجوب الشوارع ويتنقل بين (الفرجان والسكيك) يصيح بأعلى صوته (زري عتيج) ويحمل على ظهره كيسا يضع فيه (الزري) الذي يشتريه من البيوت.
وقال المسباح ان (الزري) عبارة عن خيوط من الذهب التي تخاط على (البشوت) او الملابس النسائية وعندما تصبح تلك الخيوط قديمة يتغير لونها لذا يتم بيعها ويقوم هذا الرجل الذي يسمى (الزري عتيج) بشرائها واعادة تصنيعها وبيعها من جديد بسعر أعلى من السعر الذي اشتراها به.
واشار الى ان هناك من كان ينادي (جليب انخم) وتعني (جليب) البئر اما (انخم) فجاءت من (نخم) وهي كلمة دارجة في اللهجة الكويتية وتستعمل الى الآن وتعني ننظف أو نكنس المكان ومهنة اصحابها تكنيس البئر وتنظيفها من الاوساخ والقاذورات والترسبات.
وأوضح ان هذه المهنة عادة ما كان يقوم بها شخصان وربما احدهما يكون كفيفا حيث يطوفان في طرق و(سكيك) المدينة يناديان بصوت عال (جليب أنخم .. جليب أنخم ) وبحوزتهما عدة العمل من حبل ودلو واحيان يكون معهما سلم فإذا كان هناك صاحب بيت ما يضم بئرا او بركة يريد تنظيفها من الاوساخ أو الترسبات سرعانما يدعوهما لذلك.
ومضى قائلا انه في هذه الحالة يدخل هذان العاملان الى البيت للقيام بمهمتهما الشاقة والصعبة بعد أن يكونا اتفقا مسبقا مع أصحاب المنزل على الأجرة.
وذكر انه في العادة ينزل الكفيف الى البئر بينما يبقى الاخر اعلاها ويعود سبب نزول الكفيف الى اسفل البئر الى انه مظلم جدا كما انه لا يرى ما يمكن ان يخيفه من الحشرات او القوارض التي قد يدعوه الى عدم متابعة العمل.
وبين المسباح ان النزول الى البئر يتم اما بواسطة الحبل أو عن طريق السلم اذا كانت البئر غير عميقة ويقوم الكفيف بتنظيفها ورفع مياهها بواسطة الدلو بينما يقوم زميله الاخر بسحب الدلو وافراغه وبعد الانتهاء من ذلك والتنظيف الكامل للمكان وتأكد صاحب المنزل من نظافة بئره فإن الكفيف يخرج منها وينهي عمله ويأخذ اجرته مع شريكه ويغادران باحثين عن رزقهما في مكان آخر.
واشار الى مهنة (النكاس) التي اندثرت وزالت تماما بل ان الكثيرين لم يسمعوا عنها وتتعلق بحجر الرحى الذي يستخدم في طحن الحبوب والبهارات وجعله خشنا ليصبح اكثر سهولة في الاستخدام حيث مع كثرة استعماله يصبح سطحه أملس ويصعب طحن الحبوب لذا يقوم (النكاس) بتخشين سطح الرحى باستخدام مطرقتين صغيرتين.
تعليقات