رحيل الروائي المصري كاتب العشوائيات خيري شلبي

وفيات

1570 مشاهدات 0

الروائي خيري شلبي رحمه الله

اكد زين العابدين خيري نجل الروائي الكبير خيري شلبي ان والده رحل عن عالمنا فجر الجمعة اثر استعداده لكتابة مقال يومي له لاحدى الصحف المصرية عن عمر يناهز ال 73 عاما، وكان والده يتمتع بصحة جيدة قبل رحيله.

والراحل شلبي هو احد كبار الروائيين المصريين الذين تركوا اثرا كبيرا في مجتمعاتهم، من خلال كتابته وعبر وسائل الاتصال من اذاعة وتلفزيون وصحافة وقد ترك وراءه ما يقارب 70 رواية ودراسة وكتاب نقدي الى جانب كتابات اخرى.

ولد صاحب 'وكالة عطية' في قرية شباس عمير في محافظة كفر الشيخ مطلع عام 1938 وعاش حياة قاسية جدا حسب ما رواه في شهادة له في مؤتمر الرواية في العاصمة السورية دمشق بعد اختيارها عاصمة الثقافة العربية قبل بضعة اعوام.

وبعد رحيله عن قريته وتوجهه إلى القاهرة خبر أيضا حياة بمنتهى القسوة اذ اصبح بائعا جوالا يروج لبضائع بسيطة تهتم بها النساء في وسائل النقل. واصبحت كراسي المقاهي سرير غرفة نومه الخاصة حتى اكتشفه احد كبار الصحافيين في ذلك الوقت وقام بتعينه في احد الصحف القومية للكتابة فيها.

وقد غيرت هذه الخطوة حياته بالكامل. فتحول كليا الى الكتابة حيث اصبح بعد فترة يحصل على قوت يومه من عمله في الصحافة. ومن هنا كانت بداية الطريق التي جعلت منه ينطلق في مجال العلاقات العامة بالإضافة الى تحوله واحدا من كبار الروائيين المصريين خصوصا وانه عاش بدايات غنية بذكرايتها ومعاناتها.

وتميز خيري شلبي ببساطة التعامل في الشارع ومع المثقفين ومع مختلف الاوساط الاجتماعية التي احتك بها، الى جانب محافظته على غرابة خاصة في طريقة ممارسته للكتابة. فكان قادرا على الكتابة في اي وقت وفي اي مكان حتى انه اختار حوش مقبرة.

وفي سبعينات القرن الماضي كشف خيري شلبي عن ثروة من التراث المسرحي المصري بعثوره على 200 مسرحية من هذا التراث غير مسجلة، خلال قيامه ببحث حول المسرح. جميعها مسرحيات مطبوعة في القرن التاسع عشر. ومن بين هذه المسرحيات نجد واحدة للزعيم المصري مصطفى كامل واخرى لاحد كبار قضاة مصر في ذلك الوقت العلامة امين الخولي.

الى جانب ذلك حالف الحظ الروائي خلال التنقيب في المكتبات والارشيف بعثوره على قرار النيابة العامة حول 'كتاب الشعر الجاهلي' لطه حسين والذي سعى بعد علماء الازهر من خلاله إلى تكفير عميد الادب العربي.

والقرار القضائي الذي عثر عليه شلبي في احدى مكتبات درب الجماميز المتخصصة في الكتب القديمة والذي تضمن محاورة جميلة بين النائب العام محمد نور وعميد الادب العربي تدل على المستوى الرفيع للفكر وفي النهاية تسجل رفض النائب العام دعوى الازهر. فقام بانصاف طه حسين منتصرا لحرية الفكر.

وادرك شلبي اهمية هذا القرار الذي عثر عليه فألف كتابه الشهير 'محاكمة طه حسين' الذي قامت دار الهلال بطبعه اكثر من مرة الى جانب نشره في بيروت وفي القاهرة عن دور نشر خاصة.

كذلك يعتبر المثقفون المصريون شلبي من رواد النقد الاذاعي. فقد تخصص في القد الاذاعي كتابة وحديثا بعد ان عمل في مجلة 'الاذاعة والتلفزيون'. وكانت اسهامته مهمة لجديتها وقيمتها العلمية.

ومن ضمن ابداعاته اعادة فكرة الكتابة عن الشخصيات في الصحافة المصرية اليومية. وقد كتب عن اكثر من 200 شخصية من كبار رجالات الفكر والسياسة والفن، كما كتب في الرياضة والعلوم.

وتضمنت اعمال خيري شلبي الروائية محطات شهدها في حياته. فضمت رواياته الاولى الكثير من الكتابات حول العشوائيات وسكانها ولعل من ابرزها في هذا المجال روايته 'وكالة عطية' التي يعتبرها النقاد المصريون من اهم اعماله الادبية. وقد حولها كاتب السيناريو والمخرج المتميز رافت الميهي الى مسلسل على شاشة التلفزيون قام ببطولته الفنان حسين فهمي.

في الإطار نفسه اختار المخرج وكاتب السيناريو داود عبد السيرة مجموعة قصصية بعنوان 'سارق الفرح' وحولها الى فيلم بمنتهى العذوبة عن سكان العشوائيات حمل العنوان نفسه. واعتمد الفيلم على البطولة الجماعية، فقدم فيه الابطال ادوار عمرهم المميزة.. مثل دور ماجد المصري ولوسي وحنان ترك التي قدمت فيه مشهدا من اهم ما قدمته في مسيرتها الفنية.

وفي 'صالح هيصة' و'رحلات الطرشجي الحلوجي' يتطرق إلى عشوائيات وسط البلد خلال انتفاضة 19 يناير/كانون الثاني 1977.. رواية رائعة تخلط بين عالم العشوائيات والحشاشين وعالم الحركة الوطنية.

ومن ابرز روايته 'السنيورة' و'الاوباش' و'الشطار' و'الوتد' (تحولت الى عمل تلفزيوني) وثلاثية الامالي وهي 'اولنا ولد' و'ثانينا الكومي' و'ثالثنا الورق' و'بطن البقرة' و'صهاريج اللؤلؤ'.

ومن مجموعاته القصصية 'المنحنى الخطر' و'صاحب السعادة اللص' وقداس الشيخ رضوان، وفي المسرح 'صياد اللولي' و'غنائية سوناتا الاول' و'المخربشين'. ومن مؤلفاته ودراساته 'أعيان مصر (وجوه مصرية)' و'غذاء الملكات' و'مراهنات الصبا' و'لطائف اللطائف' و'ابو حيان التوحيدي' و'دراسات في المسرح العربي' و'مسرح الأزمة (نجيب سرور)'.

وحصل شلبي خلال مسيرته على عدة جوائز من بينها جائزة الدولة التشجيعية في الاداب عام 1981 ووسام العلوم والفنون من الطبقة الاولى عام 1981 وجائزة افضل رواية عربية عن رواية 'وكالة عطية' عام 1993 والجائزة الاولى لاتحاد الكتاب للتفوق عام 2002 وجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الاميركية في القاهرة عن رواية وكالة عطية عام 2003 وجائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية 'صهاريج اللؤلؤ' وجائزة الدولة التقديرية في الاداب عام ‏2005‏، كما رشحته مؤسسة 'إمباسادورز' الكندية للحصول على جائزة نوبل للاداب.

وكان خيري شلبي احد أبرز المرشحين للحصول على جائزة الرواية العربية التي يقدمها المجلس الاعلى للثقافة مرة كل عامين عقب مؤتمر الرواية، الا ان رئاسته للجنة القصة في المجلس الاعلى حرمته من الحصول على هذه الجائزة.

يوارى الراحل الثرى في قريته عصر الجمعة أما تقبل العزاء فالإثنين المقبل في القاهرة

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك