دولة فلسطين: الخليج ضد أكثر من لوبي صهيوني

عربي و دولي

2163 مشاهدات 0

فلسطين قضيتنا الأولى

تبدو كل المواعيد والحجوزات في أجندة محمود عباس نهائية ففي توسع غير مسبوق يستمد زاده من روح الربيع العربي فتح الفلسطينيون بحنكة جبهات قلق على الصهاينة. فرغم العراقيل التي تضعها الولايات المتحدة، سيتوجه أبومازن لانتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فهل يكفي أن تكون دول مجلس التعاون بما تملكه من ثقل عربي ودولي رقما ضمن الـ126 دولة التي اعترفت بالدولة الفلسطينية؟!

لقد أصبحت فلسطين ضمن مجموعة القيم الخليجية التي تربينا عليها، فكانت قضيتنا المركزية، وكانت حرب الخليج الثانية الدافع لمؤتمر مدريد 1991م، ثم المبادرة العربية للملك عبدالله 2002م. لقد كان الخليج حاضرا في ثنايا القضية في جبهات القتال وفي المماحكات الدبلوماسية. وما إحياء الدور الخليجي في قضية إعلان الدولة خلقا لمرجعية وأطراف مفاوضات جديدة، بقدر ما هو واجب خليجي تحتمه مؤهلات تفتقدها دول عربية أخرى، ولأن المعركة الدبلوماسية ستكون مع اللوبي الصهيوني الأميركي تحديدا؛ لذا على دول المجلس الضغط على الإدارة الأميركية وتجاوز ارتباكنا المزمن بالمرئيات التالية:

1- لدول الخليج دور في حركة التغيير العربية وبما أن فلسطين هي أم كل القضايا، وبما في الغياب الخليجي عنها من تبعات وهتك للأمن الاستراتيجي للخليج؛ لذا يتحتم استمرار الحركة التصحيحية التي تقودها دول المجلس لتغيير واقع الشرق الأوسط بتغيير مركز الثقل، وهي قضية فلسطين، بدل ترك التغيير لإسرائيل وتركيا وإيران، ما يعني إطلاق أيديهم لهتك أمننا

2- بسبب بنية مراكز صنع القرارات السياسية الخليجية وارتباطاتها الأمنية مع الغرب، صار لدى الغرب ما يشبه اليقين بعدم قدرتنا على التصعيد لدرجة القطيعة، ما خلط الأوراق وصعب إدراك الفرق بين الشراكة الاستراتيجية والمجاملة الدبلوماسية، ما يوجب إدراك حكوماتنا لرغبة شعوبها بقيام الدولة، والمطالبة بسياسات خارجية أكثر استقلالية تاركين الغرب وأزماته أمام إيران وفي أفغانستان والعراق واليمن.

3- إن تصرف المجلس تجاه مطلب الدولة الفلسطينية حتى الآن لا يخدم المصلحة الاستراتيجية لدول المجلس وهو يشير إلى أن المجلس لم يتعلم درسا من تبعات إخفاء العجز طوال الـ30 سنة الماضية، فقد كررنا أن السلام لن يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأرض العربية المحتلة عام 1967م، بينما المطلوب هو صوغ المرئيات الخليجية بحدة أكثر لفتح الباب قسرا لنكون مرجعية ذات رأي مسموع، كالدور في صياغة القرار الذي سيصدر، بالضغط على واشنطن ليكون ملزما غير باهت وقابل للتنفيذ، والحذر من الكلفة غالية الثمن للموافقة على الدولة، والتي قد تشمل رفض عودة اللاجئين وتوطينهم في بلدان قد يكون الخليج منها، أو إجبارنا على التطبيع.

إن ما يشجع على ضرورة وجود دور خليجي ضاغط على واشنطن هو عرض شمعون بيريز هلعا تجميد الاستيطان، ووضع جدول زمني لإجراء مفاوضات لا يُسمح لإسرائيل بالمماطلة فيه، وضمانات بأن أساس المفاوضات هو خطوط 1967م، كما يشجعنا تصريح «بان كي مون» (إن رؤية الدولتين هي رؤية لا تزال صالحة، وإنه يدعم ذلك بالكامل).

لن يثني الخليجيون عن المبادرة تذكر أبي نضال وانشقاقه على عرفات حين رفع غصن الزيتون في الأمم المتحدة؛ حيث يظهر على دربه من يحاول إيقاف التوجه الفلسطيني الحالي. فرغم ما يشير مثل ألف شاهد بأن المرحلة الراهنة تقتضي مباركة الدور الخليجي، فإن البعض أخذ في استغلال عبقريته التي تكمن في قدرته الهائلة على تحريك مشاعر عاطفية الطابع، أنثوية الاستخدام، شرقية الانتشار، كالحسد والغيرة للتشويش على الخطاب الخليجي المخلص. فمنهم من يروج بأن دول الخليج تقود انقلاباً داخل الجامعة العربية للسيطرة على قراراتها، مستنكرا تنازل فلسطين لدولة قطر عن رئاسة مجلس الجامعة حتى يكون جهد فريق أبومازن منصبا على الأمم المتحدة. ولهافت التهمة تحولوا للهجوم على الكويت بسبب تعيين ثلاثة دبلوماسيين كويتيين في مناصب كالسفير عدنان عيسى الخضير، أمينا عاما مساعدا للشؤون المالية والإدارية ومشعل العازمي في مكتب لندن ومشاري الجاسمي في برلين متجاهلين الهدر غير المبرر في الجامعة، وكون دول الخليج تسد عجزا في الميزانية نتيجة عدم وفاء دول بالتزاماتها. ثم تزداد دينامية التصعيد في الانتقاص من الدور الخليجي بالهجوم على بيان الجامعة حيال سوريا، وأنه كبيان مجلس التعاون، وكتب من قبل الخليجيين؛ حيث احتويا تقريبا على نفس البنود؛ لتكون الخلاصة فيما يشبه البوادر غير الودية تجاه النجاحات الخليجية بالتهويل «بتحول مجلس التعاون إلى مكتب سياسي للجامعة العربية».

ولأن ما سبق ينتهك بوحشية حركة التغيير العربية والتفاؤل بدولة فلسطينية؛ لذا لم نجد ردا إلا بالإغراق في المحلية الخليجية، واستعارة ما قاله الشاعر خلف العتيبي «من دون صهيون أذتنا صهايننا» فهل نتفرغ لهم، أم لصهاينة اللوبي في واشنطن حتى تكون فلسطين دولة كاملة العضوية؟!

 

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك