زهير الدجيلي يكتب عن الإحباط السني في العراق
زاوية الكتابكتب أكتوبر 18, 2011, 12:35 ص 2381 مشاهدات 0
القبس
هل ينفصل سنَّة العراق بإقليم خاص بهم على غرار الأكراد ؟
كتب زهير الدجيلي :
زهير الدجيلي
في مقابلة له مع قناة بي بي سي البريطانية اثناء زيارة قام بها الى لندن، قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي: «السنة في العراق يشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية»، متوقعا أن يطالبوا بإنشاء أقاليم جغرافية لهم. وسبق للنجيفي أن أعلن خلال زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة في يونيو 2011 أن هناك «إحباطا سنيا»، وأنهم قد يفكرون في الانفصال إذا لم يعالج سريعا.
ان تكرار هذه التصريحات وما رافقها من إنشاء تجمعات عشائرية في الأنبار والموصل وتكريت تطالب بانشاء اقاليم (وخصوصا الإقليم الغربي الذي سيضم الأنبار والموصل وفق ما ترسم له بعض الزعامات العشائرية) تجعل المراقبين يشعرون بأن هناك جهودا تتجه فعلا خلف العملية السياسية لتحقيق ما كان يسمى في وسائل الإعلام بمشروع بايدن. وهو فكرة طرحها نائب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن حينما كان عضوا في الكونغرس في بداية احتلال العراق، حيث دعا الى تقسيم البلاد الى ثلاثة اقاليم، احدها للأكراد والثاني للشيعة والثالث غربي للسنة، كحل للصراع الطائفي والعرقي.
وفي حينها قوبل المشروع بالرفض والتنديد من المكونات السياسية، ما عدا الأكراد الذين رحبوا به مثلما رحبوا بحماسة، بإنشاء اقليم الجنوب والوسط. وفسر المراقبون ترحيبهم بمشاريع الأقاليم والتقسيم على انه من باب «شبيه الشيء منجذب اليه» كما يقول المثل الدارج. وخلال السنوات الأربع الماضية، كانت مشاريع كهذه تختفي وتظهر بين حين وآخر كلما اشتد الصراع الطائفي، واصبح امر تقاسم السلطة في بلد مضطرب امرا صعبا.
ورغم ان السنة لم يتحمسوا كثيرا في وقتها لمشروع بايدن - حيث يميل اغلبهم الى وحدة العراق، واكثرهم مقتنع بأن انشاء اقليم الأنبار سيكون إمارة على حجارة واقليما بلا موارد - غير ان اثارة المشروع من جديد رافقته حملة اعلامية من جهات داخلية وخارجية، تتحدث عن مناجم فوسفات وحقول نفطية وثروات معدنية تحت صحراء محافظة الأنبار، التي تعادل مساحتها مساحة اربع محافظات عراقية.
من هذا نفهم دوافع الحماسة التي شجعت على ظهور تنظيمات وجماعات سنية اصبحت تطالب بتحقيق الاستقلال الذاتي، ابتداء من الأنبار اذا استمرت حكومة بغداد التي يقودها الائتلاف الشيعي بتجاهل حصتهم في السلطة.
واذا نظرنا الى حكومة نوري المالكي، فإنها في وضع لا تحسد عليه، فهي تواجه رياحا عاتية من كل الجهات، بسبب تكوينها وسياساتها، فإضافة الى ما أثارته تصريحات النجيفي من هموم طائفية، فإن هموم الأكراد باتت تقض مضجعه. فهم لم يلوحوا له فقط بالانفصال ورفع علم كردستان، بعد إزاحة علم الدولة العراقية من المناطق المتنازع عليها، وبالأخص خانقين، إنما ايضا سيروا تظاهرات تهتف بسقوطه يوم امس.
وقد يزداد الأمر سوءا حين لا يجد بعد انسحاب القوات الأميركية قوة كافية تسند حكومته في ظل اوضاع هي من صنع المحاصصة الطائفية التي قام عليها النظام منذ ثماني سنوات، والمقبلات اصعب.
تعليقات