فيصل الزامل يُذكرنا بنهج محمد العدساني حين تعامل مع مشروع تعديل الدستور

زاوية الكتاب

كتب 1596 مشاهدات 0


 

الأنباء

 
نهج محمد العدساني
الثلاثاء 18 أكتوبر 2011 - الأنباء
   
في عام 1983 كان العم محمد العدساني رئيسا لمجلس الأمة والسيد أحمد السعدون نائبا له حينما طرحت الحكومة موضوع تنقيح الدستور - اليوم صار مطلبا لمعارضي التنقيح - وبعد أن نجح معارضو المشروع، في تلك الفترة، في التشكيك فيه، رغم الجولات التي قام بها الشيخ سعد، يرحمه الله، لبيان مقاصده، والتي شملت ديوانيات شبابية للطلبة في عدة مناطق، ولكن في ضوء الحملة المضادة اقترح العدساني على مكتب المجلس القيام بزيارة الى سمو أمير البلاد ـ آنذاك ـ الشيخ جابر الأحمد، يرحمه الله، والطلب منه بصفته رئيسا للسلطات الثلاث توجيه الحكومة لسحب مشروع تعديل الدستور وذكر مبرراتهم لهذا الطلب، رفض السيد السعدون فكرة الذهاب الى سمو الأمير ورأى أن يترك القرار للحكومة بغير أي خطوة من جانب مجلس الأمة، شكر العدساني نائبه وطلب رأي بقية أعضاء المجلس فردا فردا فأيدوا اقتراحه، وفي اللقاء استمع الشيخ جابر، يرحمه الله، للمبررات ثم قال: «جيتكم عزيزة، ولا يكون إلا الخير إن شاء الله» بعد خمسة أيام بالضبط صدر مرسوم بسحب مشروع تعديل الدستور.
هذا النهج الذي يركز على تحقيق النتائج يختلف عن نهج «تسجيل المواقف مهما كانت التكلفة»، فالأول يهمه صالح الوطن والثاني ينطلق من رؤى شخصية (شيقلون عني الناس)، وقد تراجع النهج الأول، مع الأسف، لصالح الثاني ولهذا تزداد تكاليف الإصلاح السياسي في الكويت وبالذات بعد أن استقل - النهج الثاني - قطار الغرائز الإنسانية الذي انطلق بعد التحرير مباشرة يوم أن سمعنا من ينادي أهالي الأسرى الحاضرين جلسة برلمانية بصوت عال «لو يبون يطلعون عيالكم طلعوهم من زمان، مثل ما طلعوا عيالهم!»، واستمر أسلوب دغدغة الغريزة في موضوع الكوادر الذي يتجاهل وجود زيادات نظامية قائمة في كل عقد عمل، وأن هذه القفزات تسبب ضغوطا تضخمية تهدر وتضيع أي أثر ايجابي للكوادر على دخل الأسرة، وبشكل مضاعف، ولكن تأثير تهييج الغرائز دائما أقوى من الكلام الصادق، مع الأسف.

نعم، نحن بحاجة الى نهج يقوم على «التواصل» الذي يمكنه أن يحقق النتائج المرجوة في تغيير من أي نوع بعيدا عن أسلوب «العناد» الذي تسببه المواجهات العلنية التي تهدف لاحراج متخذ القرار وليس اقناعه بالتغيير، وهذا الأسلوب لن يتوقف عند تغيير شخص بل سيستمر كونه تحول الى «طبع»، ولهذا تجد صاحب هذا الطبع يقول للناس اتجهوا يمينا، فإذا أطاعه الناس، صرخ: «قلت اتجهوا يسارا، ما تسمعون!»، ومن يرصد المواقف يعرف كيف يقول هذا النوع الرأي وضده بغير أي شعور بالحرج بالمراهنة على ضعف ذاكرة البعض.

نحن بحاجة الى تغيير نهج في جناحي السلطة بالكويت، تغيير يقوم على الصدق مع النفس والتجرد من الهوى الشخصي، ونظرا لمعرفتي بالكثيرين من المتصدرين لجانبي الخلاف فإنني أثق برغبتهم الشديدة في ممارسة نهج التواصل، فالذين أعنيهم من البرلمانيين ملوا من الكرسي الأخضر، وهم يحملون هموم وطن، ولهذا فـ «عيون أهل الكويت عليكم، الله يحفظكم».

كلمة أخيرة: في رمضان الماضي ذهبت في الحرم المكي الى الموقع الذي اعتاد العم محمد العدساني أن يجلس فيه صباح مساء، لثلاثة أشهر، كنت أتناول عنده تمرات الإفطار مع أذان المغرب، وجدت أصحابه من فقراء الحرم جالسين كعادتهم، نوح وعبدالله وصالح، وغيرهم، كانوا يفتقدون «بو وائل» الذي لازم الفراش هذا العام ولم يذهب كعادته الى بيت الله، كان يجيب اذا سئل عن سبب بقائه هناك لفترات طويلة بقوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).

أسأل الله لك خاتمة السعادة بعد عمر مديد يا بو وائل، كنت فيه نعم القدوة لأجيال عرفتك جيدا، وتتمنى أن يستمر نهجك فيها حيا بعدك، أبد الدهر.

 

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك