ذعار الرشيدي يشبه الحديث عن التحالفات بين الكتل السياسية بذكر الأغاني المحرمة

زاوية الكتاب

كتب 445 مشاهدات 0


 

الأنباء
 
أغاني محرمة
الأربعاء 19 أكتوبر 2011 - الأنباء
   
في موروثنا الغنائي الحديث أغاني لا تتعدى أصابع اليدين تعتبر محرمة بكل المقاييس بل ويعتبر بثها أو تداولها جريمة، تلك الأغنيات يعود معظمها إن لم يكن جميعها إلى فترة الستينيات وبداية السبعينيات، وهناك أغنيات ظهرت واشتهرت بالثمانينيات، ولا أبالغ أو أفتي إذا ما قلت إنها «تودي النار» وهو التعبير العامي النهائي والمطلق للتحريم، الا أن ذلك لا يمنع من أن البعض يعرفها جيدا بل ويحفظ مقاطع منها خاصة الشعراء ومن يتبعهم من الغاوين، يمكن أن نصنف تلك الأغنيات بأنها «تابو» محرم لأسباب عدة منها أن بعضها يحوي تجديفا وكفرا بواحا صريحا، والبعض الآخر يحوي كلمات يعف حتى «الشوارعي» عن التلفظ بها ولو على شكل شتيمة لشخص فقأ له عينه عمدا.
لا أعرف سبب كتابة أو تلحين أو تحول تلك الأغنيات المحرمة إلى جزء من تراثنا الموسيقي، جزء مظلم مخبوء، ولكن هذا لا ينفي وجودها بيننا وأن وجودها حقيقة ماثلة لا تنكر. الحديث عن تلك الأغنيات المحرمة يشبه تماما محاولة الحديث علانية عن التحالفات بين الكتل السياسية والأقطاب المتصارعة على الحكم، المشتغلين بالسياسة نوابا وناشطين وكتاب يعرفون يقينا أن هذا التكتل متحالف مع القطب الفلاني، وأن الكتلة السياسية متحالفة وتعمل وفق أجندة قطب آخر، وأن التيار السياسي الذي لا يملك سوى عضوين متحالف مع قطب ثالث، وأن القطب الرابع يملك بين 10 و12 عضوا يحركهم وفق الأهواء السياسية. لا أبالغ إن قلت إن الغالبية باتوا على علم بتلك التحالفات النيابية مع الأقطاب، ولكنها إعلاميا لا تخرج للعلن وتبقى رهينة حديث الغرف المغلقة، تماما وكأنه حديث عن أغنية محرمة أو بالأصح محاولة غنائها، رغم أنني أرى أن مثل هذا الحديث طبيعي جدا كونه يتناول تحالفات سياسية، غير أن معظم المراقبين لا يتناولون تلك التحالفات كتابة وكأن الجميع قرر أن يعتبر الحديث إعلاميا عنها يدخل في دائرة التحريم، وهذا الأمر تحديدا هو أهم مساوئ الطرق الإعلامي السياسي في البلد، لأننا نبدو كمن يدفن رأسه في الرمال عن حقيقة ماثلة، أو يتجاوزها وينكرها معتبرا انها غير موجودة، رغم أنه لا عيب أبدا في تناولها أو إعلانها. «الشعبي» و«الوطني» و«حدس» و«التحالف» وغيرها هل تعتقدون أنهم يخوضون غمار السياسة دون تحالف من داخل أو خارج المجلس؟ طبعا لا، وليس هناك ما يعيب في هذا، فهذه هي السياسة، العيب كل العيب أن نرى التحالفات وننكرها وكأن الحديث عنها حديث عن أغنية محرمة. التحالفات متغيرة وغير مستقرة وأوراق اللعبة السياسية في البلد ستتغير خلال الشهر الجاري بشكل غير متوقع، وهو ما أعتقد أنه سيقلب الطاولة «أكثر ماهي مقلوبة»، كنا قد دخلنا منذ 6 أشهر مرحلة كسر العظم بين عدد من أقطاب الأسرة، وهو ما قلته في مقال سابق لي، ولكن الآن سندخل مرحلة المعركة الأخيرة، فإما تثبيت كامل للشكل والنهج السياسي وهو ما يعني انتصارا نهائيا وواضحا لسمو رئيس مجلس الوزراء، أو تغييرا جذريا يفتح مرحلة جديدة مختلفة بشكل ونهج جديدين ومرحلة أخرى مختلفة، وهذا الأمر لن تحدده التحالفات بين الكتل والأقطاب بل سيتم تحديده وفق ما ستسفر عنه نتائج المرحلة المقبلة، بالأصح الأشهر القليلة المقبلة.

توضيح الواضح: تجمع الأربعاء الماضي ليس من حق أحد التقليل من شأنه أو شأن من خرج، ولكن التجمع في المحصلة السياسية النهائية كان استعراض قوة أكثر من كونه خروجا للتظاهر.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك