في مقالة علمية خص بها ((الآن))

زاوية الكتاب

أستاذ القانون بدر بجاد يبين سلامة استجواب السعدون والعنجري دستوريا

كتب 5451 مشاهدات 0


أعد الدكتور بدر بجاد المطيري أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت دراسة حول استجواب النائبين أحمد السعدون عبدالرحمن العنجري لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، في ما يلي نص الدراسة:

التعليق على القرار التفسيري للمحكمة الدستورية وطبيعته وأثره على الاستجواب.

إيمانا بأهمية الرأي الدستوري للمسائل ذات الطبيعة الدستورية , أقدم هذه الدراسة الخاصة بالتعليق على القرار  التفسيري للمحكمة الدستورية رقم 10 لسنة 2011 والخاص بتفسير النصوص الدستورية التي تقدمت الحكومة بطلب تفسيرها من المحكمة الدستورية وهي المواد (100) و(127) و(127) , وسنبدأ  أولا بتبيان مدى صحة استناد المحكمة الدستورية بجعل الدستور الكويتي والمذكرة التفسيرية هما سند الاختصاص الأصيل في قيامهما بتفسير النصوص الدستورية ثم نبين ما  طبيعة القرار التفسيري وما احتواه من مضامين دستورية  وبعد ذلك  نختم بأثر هذا القرار التفسيري على الاستجواب المقدم من النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري.

ما مدى صحة اعتبار الدستور الكويتي أساسا لاختصاص المحكمة الدستورية بالتفسير ؟

بادئ ذي بدء سنتناول  ما إذا كان اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير النصوص الدستورية هو اختصاص أصيل سنده الدستور الكويتي  كما أشارت المحكمة الدستورية في قراراها التفسيري أم أنه اختصاص مرده قانون إنشاء المحكمة الدستورية فحسب.
حيث دأبت المحكمة الدستورية في العديد من قراراتها التفسيرية إلى الإشارة إلى أن اختصاصها بتفسير النصوص الدستورية يجد سنده في الدستور الكويتي أولا قبل قانون إنشاءها  حيث ذكرت في القرار التفسيري الحالي بالاتي( ...وحيث أنه سبق  لهذه المحكمة أن أكدت على أن الدستور نص عليها في صلبه  و كافلا بها للشرعية الدستورية أسسها, مقيما منها مرجعا نهائيا لتفسير أحكام الدستور, وهي تباشر اختصاصها ومهمتها وفقا لقانون إنشاءها منذ ما يقارب الأربعين عاما , وبالتالي فان اختصاصها في هذا الشأن لا يصح أن يكون محل جدل..  ) وأكدت الأمر ذاته سابقا  في القرار التفسيري رقم 1لسنة 1985 والقرار التفسيري رقم 3 لسنة 1986.
وفي الواقع أن هذه المسألة ذات أهمية ويترتب عليها نتيجة جوهرية وهي أننا لو سلمنا باعتقاد المحكمة الدستورية أن اختصاصها بالتفسير مرده الدستور فإن ذلك يعني غل يد السلطة التشريعية في قدرتها على تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بسلب اختصاص التفسير من المحكمة الدستورية, ومن ثم لن  تستطيع المؤسسة التشريعية  عندئذ بأي حال من الأحوال أن تعدل اختصاص التفسير كأن تقوم بإلغائه أو أن تعهد به إلى جهة أخرى , ولا يكون أمامها سوى تعديل الدستور الكويتي ذو الطبيعة الجامدة والذي يتسم بإجراءات صعبة ومعقدة لتعديله يشترط فيها توافق إرادة مجلس الأمة وإرادة الأمير.
ولقد كان أول ما استندت المحكمة إلى اختصاصها بالتفسير للدستور كان بمناسبة تقدم الحكومة بطلب تفسير المادة (65) من الدستور بعد أن تقدم الأعضاء  سنة 1985 والذي قررت بموجبة عدم إسقاط مشروعات القوانين من جدول أعمال المجلس عند انتهاء الفصل التشريعي و وبقائها على رأس جدول أعمال  المجلس الجديد. إذ عقب صدور هذا القرار من المحكمة الدستورية تقدم بعض أعضاء مجلس الأمة باقتراح بقانون يهدف إلى تعديل المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية بإلغاء اختصاصها بتفسير نصوص الدستور , وتقدمت الحكومة بطلب تفسير المادة المذكورة , ولدى عرض طلب التفسير على المحكمة الدستورية رأت أن طلب التفسير المطروح يستهدف بيان ولاية المحكمة الدستورية في نطاق ما ذكرته المادة (173) من الدستور , وما إذا كانت تختص بتفسير النصوص الدستورية بصفة أصلية أم تبعا لنظرها الطعن في دستورية التشريع. وقررت المحكمة الدستورية في قرراها أن تفسير النصوص الدستورية قد أسند إلى المحكمة الدستورية وحدها بأمر من المشرع الدستور وإرادته في المادة (173) من الدستور , وما جاء في المذكرة التفسيرية الشارحة لها , وليس من المشرع العادي مما لا يسوغ معه تعديل هذا الاختصاص أو سلبه إلا بنص دستوري معدل للنص الدستوري المقرر لذلك الاختصاص
وفي الحقيقة أن ما ذكرته المحكمة الدستورية أساس إسناد اختصاص المحكمة  للتفسير  سنده الدستور هو محل نظر , فالصحيح أن أساس اختصاصها بالتفسير هو قانون إنشاءها فحسب وليس الدستور الكويتي, فلو تفحصنا المادة 173 من الدستور  الكويتي والتي تنص على ( يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها ..) سنجده جاء خاليا من ذكر أي اختصاص للمحكمة الدستورية يتعلق بتفسير نصوص الدستور  حيث اكتفت المادة 173 من الدستور الكويتي بذكر اختصاصها في مراقبة دستورية القوانين ودستورية اللوائح في حين أن المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري تسند إلى اختصاصها إلى للدستور دون إشارة إلى دلالة  النص الدستوري الذي منحها هذا الحق, ولا يمكن قبول  الحجة التي استندت لها المحكمة  في قراراها التفسيري رقم 3 لسنة 1986  في أن اختصاصها بتفسير نصوص الدستور يجد سنده في عبارة المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين التي في المادة 173 من الدستور لأنه بحسب رأي المحكمة أنه بتمحيص عبارة ( المنازعات المتعقلة بدستورية القوانين واللوائح) يبين أنها تضم في مدلولها ونطاقها المنازعة في فهم النص الدستوري مما يعني اختلاف الرأي في معاني النص ومراميه..والى نهاية قول المحكمة الدستورية  بأن (..المنازعة الدستورية التي أشارت لها المادة (173) من الدستور ليست قاصرة على مجرد الطعن في عدم دستورية تشريع ما , وإنما تتسع لتشمل تفسير النص الدستوري بصورة مستقلة).
والسبب في عدم قبولنا للحجة السابقة  للمحكمة الدستورية في كون أن المشرع الدستوري أراد بشكل واضح كما هو النص الدستوري للمادة (173)  في أن التفسير يكون فيما يحتويه الحكم بدستورية أو عدم دستورية القانون أو اللائحة , ودون أن يكون اختصاص مستقل في تفسير النصوص الدستورية.
ومن جهة أخرى لو نظرنا في المذكرة التفسيرية عند تفسيرها المادة 173 من الدستور والذي يعتبره البعض سندا لاختصاص المحكمة الدستورية , وهو قول مردود, لأن عبارة التي وردت بالمذكرة التفسيرية بأن يترك ( ... لرجال القضاء العالي في الدولة , وهم الأصل في القيام على وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين , وفي مقدمتها الدستور , قانون , القوانين) لا يمكن أن تعني حصرها هذا الاختصاص بالمحكمة الدستورية وحدها, إذ أن عبارة رجال القضاء العالي قد تشمل كذلك محكمة التميز , وهي أعلى محكمة في السلم القضائي الكويتي, هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى أن العبارة تشمل ( وضع التفسير القضائي الصحيح لأحكام القوانين) , أي : القوانين العادية , ولا شك أن هذه المهمة تقوم بها المحاكم العادية عند فصلها في المنازعات التي تعرض عليها, كما أن الدستور لم يمنح المحكمة الدستورية مهمة تفسير أحكام القوانين العادية بصورة مستقلة عن نظر طعن بعدم الدستورية.
لذا ولكل ما تقدم فإننا نتوصل إلى أن أساس منح المحكمة الدستورية الاختصاص بتفسير النصوص يكون في قانون إنشاءها الذي منحها هذا الاختصاص وليس الدستور الكويتي أو المذكرة التفسيرية كما سبق إيضاحه, وعلى ذلك فإنه يجوز لمجلس الأمة  متى ما أراد أن يستخدم صلاحيته بتعديل قانون المحكمة الدستورية بإلغاء خاصية التفسير من المحكمة الدستورية أو أن ينقل هذا الاختصاص لجهة أخرى. ولا يمكن الاحتجاج بما تذكره المحكمة الدستورية في قراراتها التفسيرية العديدة سواء أكان قراراها سنة 1986 أو قراراها التفسيري الحالي , إذ أن طبيعة القرارات الذي تصدرها المحكمة الدستورية هي قرارات تفسيرية لا تتمتع بصفة الإلزام , وهذا ما سوف نبينه في المسألة التالية حول مدى إلزامية القرارات التفسيرية للمحكمة الدستورية.

ثانيا: مدى إلزامية القرار التفسيري للمحكمة الدستورية.

•    ان ماجاءت به المحكمة الدستورية من تفسير للنصوص الدستوري  التي تقدمت بها الحكومة وهي المواد (100) و(123) و(127) هو قرار تفسيريا لا حكما قضائيا, فالحكم القضائي هو الفصل في منازعة كما هو الحال  عند الفصل في  دستورية قانون أو لائحة , وهو هو الذي له حجية وإلزام في مواجهة الكافة من أفراد وسلطات عامة على حد سواء , أما القرارات التفسيرية فليس لها قوة الإلزام في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية فلهم قبول رأي التفسير ولهم معارضته فهو قرارا لا يحوز الحجية كما هو الحال في أحكام الدستورية , فحجية الحكم بعدم الدستورية سنده نص المادة من الدستور الكويتي. والفارق كبير وجوهري بين مدلول القرار التفسيري والذي يوضح وجهة نظر جهة أعطاها قانون إنشاءها ( بخلاف الدستور الكويتي..) سلطة تفسير النصوص الدستورية وبين الحكم في عدم الدستورية أو الدستورية والذي يفصل في منازعة وله حجية في مواجهة الكافة.
•     بالنظر إلى نصوص قانون إنشاء المحكمة الدستورية الصادر سنة 1973 والذي هو مناط اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير النصوص الدستورية سنجد من الواضح والجلي أن القانون لم يشر إلى إلزامية قرارات الحكمة التفسيرية ولو أراد إسباغ صفة الإلزام على القرارات التفسيرية لأشار إلى ذلك صراحة. وإلى جانب ذلك لو نظرنا في نصوص الدستور الكويتي والمادة 173 على وجه الخصوص والتي تحدثت عن قيام جهة قضائية للفصل في المنازعات المتعقلة بدستورية القوانين واللوائح, سنجدها أشارت إلى حجية أحكامها الدستورية ولم تتطرق مطلقا إلى قراراتها التفسيرية ولا إلى مناط اختصاص التفسير, ولو أراد الدستور الكويتي أيضا صفة الإلزام  للقرارات التفسيرية لأشار بداهة لاختصاص المحكمة الدستورية أولا بالتفسير ثم إسباغ صفة الإلزام على القرارات التفسيرية ثانيا , وفي ظل غياب النص الدستوري والنص القانوني اللذان يشيران إلى مسألة الإلزامية فلا يمكن القول بإلزامية قراراتها التفسيرية دون سندا دستوريا أو سندا قانونيا.
•    أن المذكرة التفسيرية للدستور عندما تناولت تفسير المادة (173) من الدستور الكويتي لم تشير إلى إلزامية قرارات المحكمة الدستورية وإنما أشارت إلى مسألة الرقابة على دستورية القوانين في أهميتها في حسم أي خلاف حول تفسير نصوص الدستور دون إشارة إلى القرارات التفسيرية ولا إلى مسألة اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير نصوص الدستور على نحو مستقل من دستورية القوانين. فالمقصود هو التفسيرات التي قد يأتي بها حكم  الفصل في دستورية القوانين واللوائح وهوأشار الدستور صراحة على حجيته وإلزاميته في مواجهة الكافة دون أن يتعدى ذلك للقرارات التفسيرية.
•    أن القرار التفسيري قد يأتي بعبارات عامة مرنة غير منضبطة لا تكفي أحيانا لمعرفة مدلول النص الدستوري وهذا كما هو كان في حكم المحكمة الدستورية 1986 عندما جاء بمصطلح المصلحة العليا للبلاد دون أن يحدد ويشير لمدلول واضح لمصطلح المصلحة العليا مما يجعل الخلاف قائم حول مدلول النص الدستوري , والقول بإلزامية القرار التفسيري في هذه الحالة يعني أنه حتما على السلطات العامة الالتزام بالتفسير الدستوري للقرار التفسيري, فكيف يمكن للسلطات العامة الالتزام بقرار تفسيري فيه شيئا من الغموض , فلا المشرع الدستوري ولا المشرع العادي قد حدد مسلكا إجرائيا لطلب تفسير القرار التفسيري نفسه في حال وجود بعض العبارات العامة أو التي بها لبس  أو غموض في حين في المقابل في الحكم بالدستورية حال وجود لبس أو غموض فيه فيرجع إلى قواعد العامة في القواعد المدنية والمرافعات في حين لا نجد حلا مسلكا إجرائيا قضائيا لتوضيح أي لبس أو غموض يكتنف أي قرار تفسيري.
•    أن قانون إنشاء المحكمة الدستورية والدستور الكويتي قد رتب الأثر المترتب على الحكم بعدم الدستورية لجعله كأن لم يكن وامتداده بأثر رجعي إلا أننا  نجد الدستور الكويتي لم يتطرق لمسألة التفسير فضلا على الأثر المترتب عليه وإلى جانب ذلك  لم يشير أيضا قانون إنشاء المحكمة الدستورية إلى لأثر الذي يترتب على تفسير النصوص الدستورية في مواجهة القوانين المخالفة لتفسير المحكمة الدستورية ما إذا كانت توسم بعد الدستورية وفقا لرأيها التفسيري.
•    القول بإلزامية القرار التفسيري قد يؤدي إلى نتيجة لا تخلو من الخطورة فيما إذا كان القرار التفسيري لم يقتصر على إعطاء الدلالة الواضحة للنص الغامض وإنما توسع في ذلك إلى حد تكوين قواعد قانونية جديدة تتضمن تنقيحا ضمنيا للدستور الكويتي بغير الإجراءات والطرق المقررة لتعديل الدستور. فقد يضيف التفسير الموسع كأصل عام إلى معان جديدة للنصوص الدستورية وقد يضيف أحكاما جديدة للنص الدستوري وقد يعدل من المفهوم العام للنص الدستوري وهذا بلا شك سيكون إخلالا لمبدأ الفصل بين السلطات وتنقيح النصوص الدستورية ضمنيا تحت مظلة تعديل الدستور الكويتي حال القول بإلزامية القرار التفسيري
•     أن المحكمة الدستورية أشارت إلى إمكانية تكرار النظر في تفسير النص الدستوري , وهذا يثير  احتمالية  وجود تعارض بين بعض التفاسير في قرارات المحكمة الدستورية المفسرة للنصوص الدستورية عند تعدد التفاسير لذات النص الدستوري , والقول بإلزامية يعني صعوبة امتثال المجلس للقرارات التفسيرية التي تتضمن شيئا من ذلك التعارض متى ما استصعب التوفيق بين التفاسير المتعارضة.

ملاحظات على مضمون القرار التفسيري

1-    القرار التفسيري ارتكز على مفهوم السياسة العليا للدولة والسياسة العامة للحكومة كمعيار للتفرقة بين مسؤولية رئيس مجلس الوزراء أمام رئيس الدولة وبين مسؤوليته أمام مجلس الأمة دون  أن يبين مبررات كافية لأساس هذه التفرقة خاصة إذا علمنا أن هذه التفرقة لم تأتي بها المذكرة التفسيرية للدستور ولا الأعمال التحضيرية للدستور والمتمثلة في مضابط لجنة وضع الدستور أو مضابط المجلس التأسيسي هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى أن أساس التفرقة على مصطلح السياسة العامة للدولة والسياسة العامة للحكومة سيفتح باب تساؤلات تحتاج إلى إجابة حول ما يدخل في السياسة العامة للدولة وما يدخل في سياسة الحكومة وبالتالي سيكون خلافا  مستقبلا  وربما حاليا بين السلطتين  التشريعية والتنفيذية حول هذين المفهومين.
2-    القرار التفسيري فيما جاء به لا يعد حسما واضحا للنزاع بين السلطتين حول محاور الاستجواب , فالمحكمة الدستورية كانت تحاول البعد عن تناول محاور الاستجواب لعلمها يقينا أن بحث دستورية الاستجواب بعيد كل البعد عن مجال اختصاصها.
3-    غالت المحكمة الدستورية  في تفسيرها بذكر عبارات توجيهيه للسلطة التشريعية تبين فيه خطورة الإسراف في استجواب رئيس مجلس الوزراء  وكأنها تقر قاعدة قانونية جديدة بمنع الإسراف في الاستجوابات ومن ذلك قولها (...واذ أن الدستور قد خول لعضو مجلس الأمة هذا الحق فإنه ليس معناه أن يتصرف كيفما يشاء أو يهوى اذ أن الواقع انه مقيد بالمصلحة العامة وحسن الاستعمال والأصل ان العضو أهل لتقدير هذه المصلحة على وجهها الصحيح , وإذا كان من الواجب استقلال كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية , فان التعاون بينهما واجب , ولكن التعاون لا يتحقق مع دوام التصادم ....) . والمستقر عليه في قواعد تفسير النصوص من قبل القضاء الدستوري أنه يجب أن يقف عند حد إجلاء غموض النص وبيان دلالته دون أن يتعدى حدود أحكام النص الدستوري , لان ذلك يعتبر تجاوزا لحدود التفسير إلى مرحلة خلق النصوص , لا مجرد تفسيرها , وهو ما يعتبر توسعا  لدور القضاء  في أداء المهمة التي أوكلها له القانون وهذا ما  قد  يعد مساسا  بمبدأ الفصل بين السلطات.
4-    أكدت المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري أن  نطاق استجواب  رئيس مجلس الوزراء ضيق إلا أنها في المقابل تذكر في موضع أخر من قراراها التفسيري على جسامة الأعباء الملقاة على عاتقه والذي كان سببا في عدم جواز تولي رئيس مجلس الوزراء لأي وزارة إلى جانب رئاسته لمجلس الوزراء, ومما هو مستقر عليه في المبادئ الدستورية أن المهام والأعباء الجسيمة يجب أن تقابلها المسؤولية , وإلا أننا نفلت أعمال رئيس مجلس الوزراء من رقابة مجلس الأمة .


أثر القرار التفسيري على الاستجواب:

أولا:أن الاستجواب قائم لم يسقط ولا أثرا مباشرا لقرار المحكمة ا التفسيري حول وجود الاستجواب من عدمه حيث أن القرار التفسيري  كان تفسيرا للنصوص الدستورية التي تقدمت بها الحكومة للمحكمة الدستورية وهي المواد (100) و (123) و (127)  دون أن يكون بحثا لدستورية الاستجواب والذي يخرج عن اختصاصات المحكمة.
ثانيا : لا يستطيع مجلس الأمة رفع الاستجواب من جدول أعمل مجلس الأمة ما لم يسحب المستجوبان استجوابهما حيث أن الدستور الكويتي واللائحة الداخلية للمجلس  قد حدد حالات سقوط الاستجواب على سبيل الحصر وهي : أن يسترده مقدميه ما لم يتبناه أحد الأعضاء الحاضرين , وإذا غاب المستجوب عن حضور الجلسة المحددة لنظره ما لم يتبنى الاستجواب أحد الأعضاء , وإذا تخلى من وجه إليه الاستجواب عن منصبه , وإذا انتهت عضوية مقدم الاستجواب لأي سبب من الأسباب وأخيرا بانتهاء الفصل التشريعي.
وليست من بين تلك الحالات المنصوص عليها في الدستور واللائحة صدور قرار من مجلس الأمة برفعه من جدول الأعمال ولا يملك حق سحبه سوى من قدم الاستجواب.
ثالثا: رفع الاستجواب بسبب القرار التفسيري سيكون بمثابة  قيام مجلس الأمة بإدخال المحكمة الدستورية حكما في دستورية الاستجواب وهي لا تملك هذا الاختصاص لا صراحة ولا ضمنا في نص المادة 173 ولا في مواد قانون إنشاء المحكمة الدستورية سنة 1973,ومن جهة أخرى سيعد تعديا صارخا على نصوص الدستور الكويتي وتعديلا للدستور بغير الطرق والإجراءات  المنصوص  والذي لم يشير إلى جواز سقوط الاستجواب دون مناقشته بقرار المجلس ورغما عن إرادة مقدميه.
رابعا: لمجلس الأمة أن يناقش القرار التفسيري للمحكمة الدستورية وإسباغ تفسير الاستجواب على محاور الاستجواب ولكن دون اتخاذ قرارا بسقوط الاستجواب فان رأى المجلس أن الاستجواب لا يدخل في اختصاص رئيس الوزراء فلرئيس الوزراء أن يصعد منصة الاستجواب ويكتفي بالقول ان محاور الاستجواب لا تدخل في دائرة اختصاصاته وله أن يحتج بالقرار التفسيري للمحكمة ولنواب مجلس الأمة الحكم على الاستجواب بتأيده إن رأوا أن الاستجواب داخلا في اختصاص رئيس مجلس الوزراء وبالإمكان تقديم طلب عدم إمكان التعاون بعد ذلك, أما أن رأوا أن الاستجواب لا يدخل باختصاصاته لهم أن يصوتوا ضد الاستجواب, فتأيدهم للاستجواب أو رفضهم له بمثابة الحكم على مدى توافق الاستجواب مع أحكام الدستور من عدمه. وبالتالي يكونوا قد حافظوا على الحق الدستوري الرقابي  الذي قرره المشرع الدستوري لنواب مجلس الأمة بتأيده أو رفضه ودون أن يتعدى ذلك إلى تعليق استخدام هذا الحق بقرار من مجلس الأمة.  إضافة لما سبق ذكره فإن مناقشة الاستجواب سيوصد الباب أمام إمكانية تعليق أهم أداة رقابية لمجلس الأمة بتكرار إحالات طلبات تفسير المادة (100) وغيرها من المواد وذلك وصولا لإنزال التفسير على محاور الاستجواب وتكبيل يد مجلس الأمة في رقابته على أعمال الحكومة.  

للمزيد من التفاصيل انظر الرابط أدناه :

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=30&nid=85932

الآن

تعليقات

اكتب تعليقك