لاينبغى اختزال الأزمة الحالية في العلاقة بين الحكومة والمجلس، برأى الديين

زاوية الكتاب

كتب 1430 مشاهدات 0


 



اختزال الأزمة!
كتب أحمد الديين
هناك مَنْ يختزل الأزمة السياسية العميقة المحتدمة في كونها مجرد أزمة علاقة بين مجلس الأمة والحكومة، بل أنّ جاسم الخرافي اختزل الأزمة على نحو مخلٍّ وسطّحها في كلمته عندما عزاها إلى استباق البعض موعد استحقاق انتخاب رئيس لمجلس الأمة!
إنّ الأزمة السياسية المرهقة التي تعاني منها الكويت أكبر من أن تنحصر في ما يدور من صراع داخل مجلس الأمة بين نواب المعارضة والحكومة ونوابها، وذلك بغض النظر عن مدى أهمية هذا الجانب من الصراع وطبيعة دوافعه وملابساته وأبعاده، وبالتأكيد فإنّه من غير المقبول إطلاقا ترويج الادعاء القائل بأنّ ما يجري هو مجرد صراع على مقعد رئاسة المجلس، بل لم يعد مقنعا حتى ذلك الافتراض السائد بأنّ سبب الأزمة إنما يعود إلى الصراع بين الشيوخ على مقعد رئاسة الحكومة... فهناك أزمة سياسية جدّيّة تعود جذورها العميقة إلى ما هو أبعد من كل ذلك، إذ إنّها تعود إلى احتدام التناقض غير المحسوم تاريخيا بين النهج السلطوي للمشيخة وبين متطلبات بناء دولة كويتية حديثة في إطار ديمقراطي، وتتخذ هذه الأزمة أبعادا ومظاهر تتمثّل في سوء الإدارة السياسية للدولة؛ وفي الإفساد السلطوي للحياة السياسية والمؤسسة البرلمانية، وكذلك قصور دستور الحدّ الأدنى والعيوب البنيوية التي يعانيها العمل السياسي والممارسة البرلمانية، وما أدى هذا كله إليه من انعكاسات سلبية تتمثّل في استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي، وتفاقم العديد من المشكلات العامة وعدم القدرة على معالجتها، وتفشي الفساد على نحو غير مسبوق، وإساءة استغلال موارد الدولة، وتردي الأوضاع وتراجع الكويت في العديد من المجالات.
هذه هي جذور الأزمة السياسية وهذه هي أبعادها، التي لا يمكن اختزالها في أزمة علاقة بين النواب المعارضين والحكومة أو تصويرها على أنها مجرد استباق للتنافس على مقعد رئيس مجلس الأمة... إذ لو افترضنا جدلا استقالة نواب المعارضة من عضوية مجلس الأمة فإنّ الأزمة السياسية في البلاد لن تُحلّ وإنما ستتعمّق أكثر، وإذا حدث وإن جرى حلّ مجلس الأمة وانتخاب مجلس جديد مع استمرار الوضع على ما هو عليه فإنّ الأزمة ستستمر ولن تطوى صفحتها، بغض النظر عن تركيبة المجلس المقبل وفوز هذا النائب أو ذاك من نواب المعارضة أو من نواب الحكومة أو خسارتهم، وكذلك هي الحال عند انتخاب رئيس آخر لمجلس الأمة أو استمرار الرئيس الحالي، فلن يغيّر هذا كله من الأمر شيئا، بل أنّه حتى في حال تغيير الرئيس الحالي للحكومة وتكليف رئيس جديد مع استمرار النهج القائم على ما هو عليه فإنّ الأزمة مستمرة، وإن خفّ احتقانها نسبيا أو هدأت بعض الوقت!
ومن هنا فإنّ المطلوب هو معالجة الأزمة وحلّها، وهذا ما يبدو بعيدا عن اهتمام العقلية السلطوية، التي هي السبب الرئيسي للأزمة وعنصرها الأهم، ناهيك أنّ أقصى ما يمكن أن يحاوله الطرف السلطوي المتنفّذ هو محاولة إدارة الأزمة لصالحه عبر المناورات ومحاولات كسب الوقت وليس معالجة هذه الأزمة أو حلّها، ذلك أنّ المعالجة والحلّ يتطلبان تراجع هذا الطرف عن نهجه المعتاد الذي قاد البلاد إلى ما هي عليه من سوء إدارة وفساد وتنفيع ونهب وتراجع واختلالات... ومن الواضح أنّ الطرف السلطوي ليس في هذا الوارد إطلاقا وذلك مالم تحدث تبدلات جذرية على موازين القوى تضطره إلى ذلك... وهذا يعني أنّ الأزمة القائمة سيطول أمدها، وبالتأكيد فإنّ الوقت لن يحلّها... أما المراهنة على كسب الوقت فإنّها قد تبدو في صالح الطرف السلطوي على المدى القريب، ولكنها في الغالب لن تكون في صالحه على المدى الزمني المتوسط، ناهيك عن عواقب تفاقمها على المدى البعيد!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك