أحمد الديين يرصد التراكم الكمي للاصطفاف النيابي
زاوية الكتابكتب أكتوبر 30, 2011, 12:28 ص 951 مشاهدات 0
التراكم الكمي... والتحوّل النوعي المرتقب!
كتب أحمد الديين
التئام التجمع النيابي المعارض في بداية دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمة لا يمثّل تراكما كمّيا لأعداد النواب المعارضين لرئيس مجلس الوزراء فحسب؛ وإنما هو مؤشر يعكس ما يمكن أن يطرأ من تحوّل نوعي على الوضع السياسي ككل.
وأبدأ برصد التراكم الكمي للاصطفاف النيابي... فعندما جرى التصويت في دور الانعقاد الثاني للمجلس (جلسة 16 ديسمبر 2009) على الطلب الأول بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على خلفية الاستجواب الموجّه إليه حينذاك من النائب الدكتور فيصل المسلم حول قضيتي مصروفات ديوان الرئيس وشيكات النواب وافق عليه 13 نائبا؛ وامتنع نائب واحد عن التصويت، فيما لم يوافق 35 نائبا على ذلك الطلب... ونلحظ أنّه بعد الاستجواب اللاحق الموجّه إلى الرئيس من النواب مسلم البراك والدكتور جمعان الحربش وصالح الملا على خلفية الاعتداء بالضرب على النواب والمواطنين المجتمعين في ديوانية الحربش فقد ارتفع عدد النواب الموافقين على طلب عدم إمكان التعاون مع الرئيس إلى 22 نائبا؛ مع امتناع واحد، فيما انخفض عدد النواب غير الموافقين على الطلب من 35 إلى 25 نائبا (جلسة 5 يناير 2011 من دور الانعقاد الثالث) وهذا ما يمثّل تقلّصا ملحوظا في عدد النواب من مؤيدي الرئيس... بل أنّه حتى بعد الاستجواب المثير للجدل الذي سبق أن وجّهه النواب الدكتور وليد الطبطبائي ومحمد هايف ومبارك الوعلان إلى رئيس مجلس الوزراء على خلفية السياسة الخارجية للكويت تجاه إيران ودول مجلس التعاون الخليجي لم يرتفع عدد النواب غير الموافقين على طلب عدم إمكان التعاون مع الرئيس؛ وإن انخفض عدد النواب الموافقين على الطلب بسبب حساسيات الاستجواب وطبيعته الخلافية، فقد أيّد طلب عدم إمكان التعاون 18 نائبا؛ وارتفع عدد الممتنعين عن التصويت إلى ستة نواب لعدم اقتناعهم من جهة بالاستجواب ولعدم رغبتهم من جهة أخرى في منح ثقتهم للرئيس؛ فيما استمر عدد النواب من مؤيدي الرئيس، وهم 25 نائبا، على ما كان عليه عددهم عند التصويت على الطلب السابق (جلسة 23 يونيو الماضي من دور الانعقاد الثالث).
والآن، في ظل الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد؛ وفي ظل حالة الحراك الشعبي والسياسي والنيابي، وبعد أن زكمت الأنوف فضائح الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لبعض النواب؛ والتحويلات المليونية إلى الخارج عبر وزارة الخارجية؛ وما كشفه النائب الدكتور فيصل المسلم من معلومات حول الشيكات الجديدة للنواب، لا أظن أنّ هناك أدنى مبالغة في التقديرات التي تتوقع أن يرتفع عدد النواب المؤيدين لأي طلب جديد بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد إلى النصاب الدستوري المؤدي إلى تفعيل المادة 102، ويكفي مؤشرا ذا دلالة ما طرأ من تبدّل على موقف النائب والوزير السابق روضان الروضان؛ فيما يمكن تحديد موقف النائب حسين مزيد في هذا الاتجاه وإن لم يشارك مباشرة في التجمع النيابي المعارض، كما يمكن توقّع ما سيكون عليه موقف النائب الدكتور حسن جوهر، ناهيك عن أهمية المشاركة ذات المغزى للنائب صالح الملا في اللقاء الأول للتجمع النيابي المعارض، وما يفترض ضمن الحسابات الواقعية أن يكون عليه موقف نواب “كتلة العمل الوطني” في حال التصويت على طلب عدم إمكان التعاون مع الرئيس.
وبالطبع فإنّ التراكم الكمي الملحوظ في الاصطفاف النيابي المعارض هو مقدمة للتحوّل النوعي ليس على الصعيد النيابي فحسب، وإن كان هذا ملحوظا أيضا، إذ يبدو التجمع النيابي المعارض الجديد أشد تماسكا في مكوناته وأوسع تنوعا في تعبيراته قياسا مع التجمع النيابي السابق الذي التأم في أعقاب قمع النواب والمواطنين في ديوانية الحربش، كما يمكن ملاحظة أنّ ما هو مقترح من خطوات عملية وما هو متاح من خيارات التحرك أمام هذا التجمع النيابي المعارض ستدفع الحكومة في الغالب إلى تقديم استقالتها، بل إنّ الاصطفاف النيابي الجديد قد يؤدي إلى حلّ المجلس وإجراء انتخابات نيابية مبكرة... وما لم يتم هذا بسبب العناد فإنّ الحراك الشعبي والسياسي والنيابي سينتقل إلى مستوى نوعي مختلف يصعب توقع أبعاده وتصوّر احتمالاته والتحكّم في تداعياته وتقدير عواقبه، ما يفتح الباب أمام صراع سياسي مختلف عما اعتدناه!.
تعليقات