الاصلاح المالي لم يقترب من هدفه كما ان وول ستريت يعود إلى حيله القديمة هكذا يرى الامر روبرت رايش

الاقتصاد الآن

342 مشاهدات 0


في غضون أسبوع، كان من المقرر أن يتوجه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى وول ستريت، حيث سيطالب، في ضوء تصرفات الشارع الغريبة والمستمرة منذ عملية الإنقاذ الاقتصادي، ودوره في تخفيف سيادة فولكر، بإعادة إحياء قانون 'غلاس ستيغال' وتفكيك البنوك الكبرى. ولو حدث ذلك لكان سيشكل خطوة ذكية.
إن الأميركيين، بصرف النظر عن توجهاتهم، سواء كانوا من أعضاء حزب 'الشاي' اليميني أو من المحتلين اليساريين، يواصلون تحميل وول ستريت، ولو جزئيا، مسؤولية بؤس أميركا الدائم، وذلك لأسباب وجيهة. فبعد أن قامت البنوك بعقد رهانات خطيرة ومتهورة بأموالنا، بادرنا بإنقاذها. وقد سن الكونغرس قانون الإصلاح المالي (قانون دود فرانك)، ولكن سرعان ما عمدت جماعات الضغط في وول ستريت إلى تمييع ذلك القانون، جنبا إلى جنب مع ضوابطه. وقد أضحى القانون الآن مليئا بالإعفاءات والثغرات، بحيث أن أكبر البنوك عادت لممارسة حيلها القديمة.
وعلى سبيل المثال، تستحيل معرفة المدى الحقيقي لتعرض وول ستريت لأزمة الديون الأوروبية. ولتفادي السقوط، فقد يضطر عدد كبير من البنوك الأوروبية لبيع جبال من الأصول، ومن ضمنها مشتقات تنشأ في وول ستريت، وربما ستضطر أيضاً إلى التراجع عن سداد بعض القروض التي حصلت عليها من البنوك، أو تأخيرها.
ويقول المديرون التنفيذيون في وول ستريت إنهم ليسوا قلقين، لأن أصولهم مؤمن عليها. ولكن هل تذكرون شركة 'إيه آي جي'؟ إن حقيقة أن مورغان ستانلي وغيره من البنوك الأميركية الكبرى، منيت بهزيمة نكراء في السوق، توحي بأن المستثمرين لا يصدقون الحي المالي. وهذا في حد ذاته، يثبت أن الإصلاح المالي لم يقترب حتى من تحقيق الهدف المرجو منه.
وللمزيد من الأدلة، لنلق نظرة على المهارة التي أبداها 'بنك أوف أميركا' على مدى الأسابيع الأخيرة. فبعد أن تم تخفيض ائتمانه في سبتمبر الماضي، عمد إلى نقل مشتقاته الأكثر عرضة للخطر، من وحدة 'ميريل لينش' الخاصة به، إلى شركة تجزئة غنية بالودائع المؤمنة.
وتتمتع تلك الوحدة بتصنيف ائتماني أعلى، لأن شركة التأمين على الودائع الاتحادية تعكف على دعم الودائع. والنتيجة هي أن 'بنك أوف أميركا' حسن أداءه، على حساب دافعي الضرائب الأميركيين.
أليس من المفترض أن يكون ذلك غير قانوني؟ لقد كان إبقاء الأصول المعرضة للخطر بعيدا عن الودائع المؤمنة، مبدأ رئيسياً من مبادئ التنظيم الأميركي لعقود عدة، قبل إلغاء قانون 'غلاس ستيغال' في عام 1999 (وللعلم، لم أكن موجوداً حينذاك في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون).
وقد صمم ما يسمى بـ'قاعدة فولكر' في قانون 'دود فرانك' الجديد، لمعالجة هذا الأمر. ولكن بتأثير من جماعات الضغط في وول ستريت، تحولت القاعدة إلى ما يقرب من 300 صفحة من الطلاسم التنظيمية، المليئة بالثغرات.
الأمر كان سيكون أبسط بكثير، لو تم حظر تداول الملكية تماماً. فلمَ ينبغي أن يتم السماح للبنوك باستخدام ودائع الناس المصرفية، المؤمن عليها من قبل الحكومة الاتحادية، لعقد رهانات خطرة بالنيابة عن البنوك نفسها؟
أعيدوا قانون 'غلاس ستيغال'، وجزئوا البنوك الكبرى. ففي أعقاب عملية الإنقاذ، أصبحت تلك البنوك أضخم من أي وقت مضى.
قبل عشرين عاما، كانت أضخم 10 بنوك في وول ستريت، تملك 10% فقط من إجمالي الأصول المصرفية في أميركا. والآن لديها ما يزيد على 70%.
وتستحوذ أضخم أربعة بنوك على حصة من السوق أكبر من أي وقت مضى، وهي كبيرة جدا، في الواقع، بما يوحي، على نحو مؤكد تقريباً، بأن تلك البنوك تعتمد سياسة التواطؤ. وإلا كيف نستطيع تفسير التنسيق الواضح في ما بينها بشأن فرض رسوم بطاقات السحب؟
ولا تفي البنوك حتى بواجباتها الائتمانية تجاه المستثمرين. ففي الصيف الماضي، بعد أن قامت شركة 'غروبون' باختيار كل من 'غولدمان ساكس' و'مورغان ستانلي' و'كريدي سويس' للتعهد بتمويل اكتتابها الأولي العام، عمد الثلاثي إلى تقييمه على نحو سخي بـ30 مليار دولار. وقد أظهرت مشكلات المحاسبة والإفصاح اللاحقة، أن ذلك التقدير كان مرتفعاً بشكل غير معقول.
هل كانت البنوك تكترث لذلك؟ إطلاقاً. فكلما ارتفع التقييم، كانت الرسوم أكبر.
أشك في أن الرئيس الأميركي سيبادر إلى إدانة تصرفات وول ستريت الغريبة، التي أعقبت مرحلة الإنقاذ، أو إلى المناشدة بإعادة إحياء 'غلاس ستيغال' وتفكيك البنوك الكبرى. فلا يزال الديمقراطيون يعتمدون إلى حد كبير على أموال الحملات التي يقدمها وول ستريت.
ذلك أمر مؤسف. ولست محتاجاً لأن تكون من محتلي وول ستريت، للتوصل إلى أن ذلك الشارع لا يزال خارج نطاق السيطرة. وهذا أمر يعرضنا جميعاً للخطر.

صحيفة البيان الاماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك