لو استثمرت الشمس لاستخراج الطاقة في الدول العربية لتحقق الثراء المستدام برأي د.غسان قلعاوي

الاقتصاد الآن

1079 مشاهدات 0


توالت، في الآونة الأخيرة، مجموعة من الأخبار والتحقيقات الصحفية تحمل بشائر تتعلق بالطاقة النظيفة أو المتجددة ومنها، بشكل خاص، الطاقة الشمسية وقد استأثرت الإمارات بالنصيب الأكبر من تلك الأخبار التي أسهمت بالترويح عن بعض ما نعانيه حين أخرجتنا من متاهة الأزمات إلى واحة من التفاؤل والثقة بالمستقبل الذي يبشر بمجالات واسعة من الاستثمار المجدي والاتجار المنتج والثراء الحقيقي .
تصدر تلك الأخبار والتحقيقات الحديث عن “سوق” مدينة “مصدر” الذي استقطب أكثر من 10000 زائر، وهو سوق تنظمه “مصدر” بدعم من “هيئة البيئة في أبوظبي”، للترويج لمفاهيم الطاقة المستدامة ولنشر الوعي بقضايا الطاقة النظيفة المتجددة، حيث قدمت، في السوق، بيانات عملية عن الطاقة النظيفة من خلال جولات تعريفية للزوار في أنحاء مدينة مصدر، أتاحت لهم فرصة الاطلاع على المشاريع التي يجري تنفيذها في المدينة . وكان منها أن استقل الزوار مركبات نظام النقل الشخصي السريع التي تعمل من دون سائق، ويتم شحن بطارياتها بواسطة الكهرباء التي يجري توليدها في محطة الطاقة الشمسية في المدينة . وتوفر هذه المحطة التي تبلغ استطاعتها 10 ميغاواط كل احتياجات “مصدر” ويتم تحويل الفائض إلى شبكة الكهرباء في أبوظبي .
وبعد ذلك الخبر تواترت الأنباء والتقديرات حول قمة طاقة المستقبل التي ستعقد خلال الفترة من 16 وحتى 19 يناير/ كانون الثاني من العام المقبل 2012 في “مركز أبوظبي الوطني للمعارض” بمشاركة 650 شركة عارضة من 140 دولة التي تضم 20 جناحاً وطنياً .
وستركّز القمة العالمية لطاقة المستقبل 2012 على دور الابتكار في تسريع اعتماد وتطبيق تقنيات الطاقة المتجددة ومناقشة التحديات وترويج الحلول المتعلقة بمتطلبات الطاقة المتجددة، إضافة إلى البحث في تعزيز الكفاءة في استهلاك الطاقة .
الخبر الثالث يتعلق بالتقرير العالمي حول أوضاع الطاقة المتجددة لعام 2011 الذي أصدرته “شبكة سياسات الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين” على هامش فعاليات المؤتمر السنوي للطاقة الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية . وكان مما ورد في التقرير من الإحصاءات التي تتعلق بالعام 2010 السابق أن قطاع الطاقة المتجددة ومنها الشمسية بشكل خاص أصبح يسهم في توليد نحو 20% من الطاقة الكهربائية على نطاق عالمي، وأن الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة شكلت رقماً قياسياً في العام السابق ،2010 بلغ 211 مليار دولار، وتفوقت البلدان النامية على البلدان المتقدمة للمرة الأولى في هذا المجال، أما في عام 2011 فقد وصل حجم الطاقة المضافة من مصادر الطاقة المتجددة نصف المضاف إلى حجم الطاقة في العالم .
أما الخبر الذي يسترعي النظر من تلك الأخبار رغم إطلالته المقتضبة، فهو حصول طفلين مصريين “بدران محمد بدران (13 عاماً) وشقيقه محمود محمد بدران (10 أعوام)” على جائزة دولية عن اختراع لهما تضمن تطويراً لخلايا شمسية مصنوعة من النبات بدلاً من السيليكون، وذلك بعد خوضهما منافسات قوية بين أكثر من 500 مخترع تقدموا بمشروعات في المجال نفسه من مختلف الأعمار ومن جميع أنحاء العالم .
لم نطلع على تفاصيل هذا الخبر ومدى أهمية هذا الاختراع فالمعلومات التي أوردتها وكالات الأنباء عنه كانت جد مقتضبة لا تتناسب مع شدة الحاجة لمثل هذا التطوير في مجال الطاقة الشمسية في المنطقة العربية ومن قبل مواطنيها، إنه خبر جدير، لاشك، بمتابعة رواد الطاقة المتجددة من العرب، لأننا على قناعة تامة بأن التوسع في استخدام الطاقة الشمسية على الصعيد العربي يعد مفتاح التنمية المستدامة والثراء الحقيقي في هذه المنطقة .


مجموعة الأخبار المشار إليها تؤكد مدى استحواذ الطاقة المتجددة والشمسية منها بشكل خاص على الاهتمام العالمي والعربي بريادة من منطقة الخليج القادر على الاستثمار الحقيقي في هذه الطاقة وتحقيق الثراء المستدام .
كل ما نرجوه، مع هذه الأخبار التي تدعو إلى التفاؤل، أن تكون الشمس قد تمكنت، أخيراً، من أن تلفت النظر وأن تستحوذ على الاهتمام بعد أن بح صوتها وهي تصرخ بنا: ها أنا . . آية من آيات الله مسخرة دائبة . . وتلح على تذكيرنا بأننا في بلاد تشرق عليها الشمس أكثر مما تغيب عنها وأنها (الشمس) قادرة، إن أحسنا الظن بها على أن تغنينا، في غد قريب، عن قدر كبير من تكلفة ومشكلات الطاقات الأخرى وتحفظ لنا ثروة النفط لاستخدامات بديلة لاغنى للبشر عنها . . وأنها “الطاقة الشمسية” سوف تحول الصحارى العربية إلى واحات تروى بمياه البحر المحلاة بتلك الطاقة وتضاء ميادين قراها ومدنها وأوديتها الجديدة بها .
الأخبار السابقة بما تضمنتها من ريادة عربية خليجية إماراتية ومن مساهمات عربية علمية وتطبيقية مهتمة بالطاقة الشمسية سوف يسجلها تاريخ الاقتصاد الإنساني العالمي وتاريخ التنمية المستدامة كمساهمة جادة وملحة في البحث عن الطاقة النظيفة المستدامة، وسوف يسجل تاريخ الاستثمار المجدي اقتصادياً وإنسانياً لتلك الريادة انطلاقها من رؤية سليمة لمستقبل الطاقة في العالم، وهو مستقبل يشير إلى أن الاستثمار في الطاقة الشمسية سيكون مصدر ثراء مادي وتنموي حقيقي، إضافة إلى كونه مساهمة حضارية إنسانية .

الخليج الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك