رأينا ((الآن)): قبل فوات الأوان

رأينا

تعيش الكويت منذ سنوات ولا تزال أزمة سياسية خانقة شلت العلاقة بين السلطتين ما أدت إلى تعطل كل مناحي حياتنا الاقتصادية والتنموية والتعليمية وغيرها ، وهي أزمة تمثلت في غياب الرؤى والبرامج من جهة ،  ومن سيطرة قوى الفساد على السلطتين التشريعية والتنفيذية  ، مما سمح باستشراء الفساد السياسي والمالي في جميع مناحي الدولة وأجهزتها ، وما الفضيحة الكبرى فضيحة الإيداعات المليونية التي شملت ثلث أعضاء مجلس الأمة ، إلا انعكاس لحالة الفساد العارمة التي تعم البلد ، مما أدى إلى تصاعد الحركة الشعبية الشبابية  والنيابية ، والمؤسف ان السلطة كانت تلجأ دوما للخيار الأمني في التعامل مع هذه الحركة الاحتجاجية الشعبية  والحراك السياسي النشط ، ولقد توج اللجوء إلى الخيار الأمني بالأحداث الأخيرة التي تمثلت باحتجاز خيرة شباب الكويت بذريعة ' اقتحام مرفق عام وسرقة مطرقة رئيس المجلس ، وتناول قطع شوكولاته ' ، لكن من جانب مقابل فإن هذه الاحداث الأخيرة وحدت كل شرائح المجتمع نظرا للتعسف في استخدام السلطة بشكل غير مسبوق !!

ما سبق كله ، هو توصيف سريع للأزمة ومحطاتها ، لكننا اليوم امام مفترق طرق ، فالشعب ينتظر مبادرة سياسية كبيرة ، تنتشل البلد من حال التردي الذي يعيش فيه ، لا تتضمن فقط استقالة الحكومة حل المجلس والدعوة لانتخابات مبكرة ، وان كان هذا مطلوب كإجراء بشكل ملح ، فالمطلوب ايضا تشكيل حكومة وطنية مؤقتة تشرف على الانتخابات لتمنع كل مظاهر الفساد السياسي والمالي الذي يصاحب عادة العملية الانتخابية حتى نضمن انتخابات حرة ونزيهة ، لتكون نتائجها معبرة بحق عن ارادة الشعب الكويتي ، ولكن نريد أيضا من المبادرة السياسية الكبرى تغيير أسلوب ادارة الدولة عن طريق حكومة وطنية لديها رؤى وبرنامج عمل وطني وذات نهج اصلاحي حقيقي وليست حكومة شكلية ، حكومة تملك قرارها ولاتملى عليها القرارات ، وايضا مبادرة تتضمن احترام القضاء باعتباره الملاذ الآمن للجميع من خلال احترام استقلاله والنأي به وعدم حشره في أتون الصراعات السياسية ..

فهل نحلم بمثل هذه المبادرة ؟