على الرغم من الارباح الضخمة للبنوك في الامارات فإنها لاتوطن الوظائف برأي محمد عيسى

الاقتصاد الآن

557 مشاهدات 0


على عكس كل التوقعات والتوجيهات والنداءات والمطالبات، وعلى الرغم من الأرقام والمكاسب والأرباح التي تحققت وتكدست في الخزائن، والتي رفعت أسهم المصارف والبنوك، وعززت مكانة القائمين عليها، وعلّت من شأنهم، وجعلتهم متربعين على الكراسي والمناصب التي يجنون منها الفوائد الجمة، فقد كانت أرقام نسب التوطين بالقطاع المصرفي مخيبة للآمال، ومفاجئة بكل معنى الكلمة، بل صادمة للمجتمع الذي توقع عبثاً أن تخصص البنوك جزءاً من أرباحها الخيالية التي تجني نصيب الأسد منها من الخدمات التي تقدم للمتعاملين، وبالتالي فإن غالبية أرباحهم محلية وليست نتاج استثمارات خارجية أو صفقات رابحة لأقسام الاستثمارات الخارجية في هذه البنوك، بل العكس صحيحاً، فقد تكبدت استثمارات البنوك الخارجية خلال الأعوام الفائتة خسائر تحملتها الأرباح التي حققتها هذه المصارف من متعامليها المحليين، ومن الاستثمارات داخل الدولة، لذا كان عليها أن تحسن مكافأة المجتمع المحلي، لكنها خيبت ظنونه، وردت له الإحسان بالإساءة والنكران.
قبل يومين فوجئنا بالأرقام التي أعلنتها لجنة تنمية الموارد البشرية بتراجع نسب التوطين في القطاع المصرفي في الربع الأول من العام الجاري، في الوقت الذي نشهد فيه حراكاً غير عادي ودعماً من أعلى المستويات بالدولة من أجل أبناء الوطن والدفع بعملية التوطين قدماً ورفع نسبة التوطين في القطاعات كافة، خاصة القطاع الخاص، الذي لا يحظى بميل كبير من المواطنين للعمل فيه لظروف وأسباب عديدة، منها الحوافز والعلاوات وساعات العمل وما يواجه المواطن في هذا القطاع من منغصات وظروف غير مواتية، تجعل من القطاع الخاص بيئة نافرة للمواطن، يحاول تجنبها، وعدم الاقتراب منها.
إن جهود الحكومة والجهات المعنية قطعت شوطاً كبيراً في مجال دعم التوطين ورفع نسب المواطنين فيه، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بتبني سياسات وحوافز تشجيعية للشباب والشابات من أبناء الوطن للانخراط في القطاع الخاص لما له من أهمية في عملية التنمية وبناء الوطن وتقوية اقتصاده واعتماده على السواعد المواطنة في كل القطاعات، ولكن وحدها البنوك التي غردت خارج السرب، فقد أرادت أن تسير عكس السير، وبعيداً كل البعد عن الخطط الوطنية والتوجيهات التي نستلهمها من القيادة، وتكشف الأرقام انخفاض نسب التوطين في القطاع المالي والمصرفي، والذي هو من الأهمية بمكان، خلال النصف الأول من العام الحالي على الرغم من ارتفاع إجمالي عدد العاملين، بحسب نتائج دراسة ميدانية للجنة تنمية الموارد البشرية بالقطاع، إلى 25,27% بنهاية يونيو 2011 مقارنة بـ26,2% بنهاية ديسمبر 2010، وفق الدراسة التي استعرضها مدير عام المعهد المصرفي ومقرر اللجنة على الملأ، كما أشارت الدراسة إلى انخفاض عدد المواطنين العاملين في المصارف وقطاع التأمين والصرافة والتمويل إلى 13945 موظفاً، بانخفاض نسبته 1,25%.
باختصار لو تركنا الحبل على الغارب، ولم نتحرك لمواجهة هذه التجاوزات، خاصة أن الجهات المعنية حددت لكل قطاع نسبة معينة، وهي تمثل الحدود الدنيا، فإن المسار لن ينصلح. ويتضح من ذلك كله أنه لم يكن هناك تجاوب من القطاع الخاص الذي يحقق أرباحاً طائلة، وعلى الرغم من ذلك يستكثر أن يؤدي دوره تجاه المجتمع والوطن الذي وفر له كل مقومات وعوامل النجاح، مثل هؤلاء لن تصلح معهم إلا “العين الحمراء”، وإجبارهم على تنفيذ استراتيجية الدولة وخططها، وليس تخييرهم.

صحيفة الاتحاد الاماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك