البلاد تعيش مرحلة دكتاتورية السلطة التشريعية ، برأى مصطفي الصراف
زاوية الكتابكتب ديسمبر 3, 2011, 1:02 ص 2396 مشاهدات 0
القبس
دكتاتورية السلطة التشريعية
كتب مصطفى الصراف :
كما أن الدكتاتورية تطلق على الفرد الحاكم وعلى الحزب الحاكم، هي تطلق ايضا على حالة ما اذا سيطرت اي من السلطات الثلاث في الدولة على السلطتين الاخريين، ولذلك يأتي حرص واضعي الدساتير المؤمنين بالنظام الديموقراطي إيمانا راسخا، بأن يضعوا القواعد الدستورية الكفيلة بحفظ التوازن بين السلطات الثلاث، منعا لهيمنة اي منها على الاخرى بصورة تعطل عملها وتوجهه لمصلحتها. وبسبب انتقال الكويت من حكم شبه قبلي الى حكم دستوري، جاء دستور الكويت بقواعد اعطت للسلطة التنفيذية الهيمنة. وقد استغلت السلطة التنفيذية هذه الهيمنة لثلاثة عقود، وكانت ممارساتها خلالها غير محمودة. فأدى ذلك الى تذمر الغالبية الشعبية من اسلوب ادارتها لشؤون الدولة، فانقلب السحر على الساحر واصبحت تواجه معارضة قوية من التوجهات السياسية التي نشطت بصورة خاصة بعد حل مجلس سنة 85، إلا ان هذه المعارضة في المجالس التي تلت تحرير البلاد من الغزو الصدامي كانت صبغتها الغالبة هي معارضة قبلية متسربلة بثوب ديني، واستطاعت ان تحجم السلطة التنفيذية، لأنها بداية كانت هي نتاج تلك السلطة، وجزءا مكملا لها، حيث كانت السلطة التنفيذية تشكل الثلث والثلث الآخر الذي يكملها هو من نسيج قبلي متحالف معها. فعندما تنامت هذه المعارضة القبلية اصبحت هي المسيطرة على مجلس الامة بذاتها ومدعومة بالزخم القبلي الشعبي، وبدأت تتعارض مصالحها مع الحكومة، مما افقد الحكومة توازنها وصارت الحكومة تسقط من نفخة من تلك المعارضة. واصبحت البلاد اليوم تعيش مرحلة دكتاتورية السلطة التشريعية بدلا من دكتاتورية السلطة التنفيذية. وربما نرى في السنوات المقبلة او في المجلس المقبل تحول الحكومة الى مقاعد المعارضة دفاعا عن حقوق الشعب الكويتي وامواله، كمعارضة وطنية تسعى للحفاظ على الدولة الدستورية القانونية في مواجهة المعارضة القبلية الساعية الى هدم مؤسسات الدولة.
وسنرى بوادر ذلك في الحملات الانتخابية المقبلة، حيث يتضح اليوم وجود تحالفات بين من كانوا ضد حل مجلس الامة، ويتهمون الحكومة بأنها تسلط اعوانها لتقدم على حله واجهاض التجربة الديموقراطية، مع من كانوا يتهمونهم بأنهم اداة الحكومة لحل المجلس، لقد اختلط الحابل بالنابل، ولا مخرج من ذلك الا بالعمل على اعادة صياغة بعض مواد الدستور ليوازن بين السلطات الثلاث، ووضع نظام برلماني سليم يوازن بين السلطات الثلاث، وهذا ما ينبغي ان تتبناه المعارضة الوطنية في حملاتها الانتخابية انقاذا لدولة القانون من السقوط في شباك القبلية المتسربلة بالدين. وليس التحالف معها.
مصطفى الصراف
تعليقات