قراءة المشهد السياسي بالكويت- يُدونها الطراح

زاوية الكتاب

صراع الأسرة، وتورط شخصيات وطنية في شبكة الفساد

كتب 2348 مشاهدات 0


منذ التحرير والكويت يغيب عنها الاستقرار السياسي، وهي اليوم تعيش أزمات واحتقانات. واستمرار الوضع القلق في الكويت ليس لصالح الإقليم الخليجي، وقد أصبح الوصول إلى رؤية توافقية مطلباً استراتيجياً للحكم ولأمن الكويت.

هناك الكثير من عوامل الاضطراب في المشهد الكويتي، ويتخيل البعض أنه بتولي رئيس حكومة جديد ستنتهي الأزمة، بينما واقع الحال يؤكد بأن الكويت لا تسير نحو الوفاق بل تشهد مزيداً من الاضطراب والانقسام، وبأن الديمقراطية الكويتية تواجه تحديات عصية بل هي على مفترق طرق تحتاج فيه لتفكير كل العقلاء.

الوجه الأول للصراع هو ما يحدث بين أسرة الحكم نفسها حيث بات من الواضح أن الصراع داخل الأسرة بحاجة إلى وقفة من عقلائها، وأن تدخلهم لحل الصراع هو مطلب لكل كويتي يرى في الأسرة الحاكمة صمام أمن وأمان للكويت، وأن ما يحدث من نزاع بين أقطابها ليس لصالح الكويت ولا أسرة الحكم.

العامل الثاني المؤجج للاضطراب هو تراجع الحركة الوطنية التقليدية، سواء من الليبراليين أو المحافظين من قوى الإسلام السياسي، حيث نجد أن التحالفات لم تكن على أسس المصلحة الوطنية بقدر ما كانت تقوم على حسبة مصلحية ضيقة أدت إلى تراجع كبير قاد نحو اضطراب في طبيعة المعارضة التي يقودها اليوم، ودون منازع، 'التكتل الشعبي' الذي نعتبره في هذه المرحلة عامل توازن للمصلحة الوطنية، وإن كان البعض لا يرى رؤية واضحة للتكتل إذ لا يزال في طور التبلور كحركة سياسية شعبية.

أما العامل الثالث فهو تنامي شبكة الفساد التي أصبحت معلماً من معالم الكويت، بل ما زاد الطين بلة هو تورط شخصيات محسوبة تاريخياً على الحركة الوطنية، وهنا الطامة الكبرى التي وضعت الحركة الوطنية في حالة تراجع، كما تكبدت خسائر نتيجة لتحالفاتها. هذا الوضع قاد إلى بلبلة في الشارع الكويتي ومنح الفرصة لقوى جديدة تحاول فرض نفسها والعمل على بلورة مشروع وطني، لكنها لا تزال قوى غير قادرة على رسم طريقها.

والعامل الرابع، نعتبره الأهم في فهم طبيعة المشهد الكويتي، هو تغير طبيعة التركيبة الاجتماعية التي لم تعد كما كانت، إذ لدينا اليوم عناصر شابة من القبائل، يمثلون مستقبل الكويت، وهؤلاء لم يعد بمقدور شيوخ القبائل السيطرة على قراراتهم بل أصبحوا يخرجون عن العباءة التقليدية ويحاولون فرض رؤيتهم لصالح المشروع الوطني. ولعل ما حدث في ساحة الإرادة أو 'الأربعاء الأسود'، كان تعبيراً عن التلاحم الاجتماعي بين الكويتيين.

نحن من أنصار قراءة الأزمة من منظور اجتماعي وليس من منظور سياسي، فهناك تغير جذري في طبيعة التركيبة الاجتماعية وأن صعود فئات وشرائح اجتماعية يجب أن لا يفهم كتهديد لمصالح فئة أخرى، بل ينبغي النظر إليه باعتباره فرزاً اجتماعياً مستحقاً، وأنه لا يمكن لشريحة أن تستمر في نفوذها وهيمنتها على اقتصاد المجتمع.

الضرورة تقتضي في هذه المرحلة أن تدرك الحكومة صعوبة الوضع وأن المخارج هي ضمن مشروع وطني يجمع أبناء الكويت على مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص، وأن محاولات تخفيف حدة الاحتقان لن تجدي نفعاً طالما كان هناك تجاهل لطبيعة ومكونات الأزمة الكويتية.

د. علي الطراح

الآن - الاتحاد الاماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك