احمد الديين يطالب بمرسوم لاصدار قانون يحد من مصاريف الحملات الإنتخابية ويراقبها

الاقتصاد الآن

649 مشاهدات 0


شهدت الكويت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة حراكا شعبيا وسياسيا ونيابيا واسعا كان يهدف، من بين ما يهدف إليه، كشف فضائح الرشاوى وممارسات الإفساد السلطوي للحياة السياسية والمؤسسة النيابية ومحاسبة الأطراف الحكومية والنيابية المسؤولة عنها أو المتورطة فيها والمنتفعة منها... وبالطبع فإنّ معركة كشف هؤلاء ومحاسبتهم لمّا تنته بعد، ولكن الأهم الآن هو ألا تتحول المعركة الانتخابية المقبلة إلى ساحة أخرى، بل ساحة أوسع لمثل هذا الإفساد والفساد عبر مرشحين “دفّيعة” هم بالأساس “قبّيضة” أو من أصحاب المصالح والنفوذ يستغلون ظروف الناخبين المعاشية الصعبة ويحولونهم إلى جمهور انتخابي “قبّيض”، بما يوسّع الدائرة الاجتماعية للإفساد والفساد، وبما يعيد بعد ذلك إنتاج مجلس نواب الفساد، وإن اختلفت أسماء بعض النواب الجدد عن الأسماء المفضوحة التي احترقت!

وبالطبع لا يكفي أن تكون الانتخابات حرة، وإنما لا بد أن تكون في الوقت ذاته نزيهة ونظيفة، ولا يمكن أن تتصف الانتخابات بالنزاهة والنظافة ما لم يتم سدّ الأبواب المشرّعة أمام أشكال الإفساد والفساد، خصوصا فساد المال السياسي.

ولعلّ الجميع يذكر ما شهدته الدورتان الانتخابيتان الأخيرتان في العامين 2008 و2009 من عمليات فاضحة ونشاطات محمومة لشراء ذمم الناخبين، والمؤسف أنّ السلطة لم تحرك ساكنا لملاحقة تلك الجرائم الانتخابية، واكتفت بضبط اثنين من المرشحين في الدائرتين الثالثة والخامسة بهدف ذرّ الرماد في العيون وضمن تطبيق انتقائي وربما انتقامي للقانون، بينما غضّت الطرف تماما عما كان يقوم به مرشحون آخرون وما كان يجري في بقية الدوائر!

كما شهدت الدورتان الانتخابيتان الماضيتان في العامين 2008 و2009 بذخا لافتا وغير مسبوق في حجم الإنفاق المالي للعديد من الحملات الانتخابية... بذخ في المقار وتجهيزاتها وأثاثها، وبذخ في ولائم العشاء، وبذخ في إعلانات الصحف والقنوات التلفزيونية الخاصة، ولم يكن ممكنا التصدي لمثل ذلك البذخ الفاضح في الإنفاق الانتخابي في ظل غياب أي قيد قانوني يحدد سقف الإنفاق الانتخابي!

فمثلما هو معروف فإنّ هناك دولا كثيرة في العالم نظّمت الإنفاق الانتخابي وأخضعته للتدقيق والرقابة، فعلى سبيل المثال فإنّ القانون الانتخابي في لبنان يضع ضوابط مهمّة على عملية الإنفاق على الحملات الانتخابية، يجب أن يلتزم المرشّح بها منذ اليوم الأوّل للتصريح عن ترشيحه، حيث لا يسري قانون السريّة المصرفية على حساب الحملة الانتخابية للمرشح، ويجب أن تجري عمليات الإنفاق والتبرعات كافة من خلال هذا الحساب، إذ حدّد القانون سقف الإنفاق بمئة ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى مبلغ إضافي متغيّر يحدّده مجلس الوزراء، يقدّر بدولارين للناخب الواحد... وكذلك هي الحال، مع اختلاف في التفاصيل، في فرنسا والمغرب.

لقد حان الوقت لأن يصدر في الكويت قانون مماثل يحدّ من إفساد العملية الانتخابية، وهذا ما يتطلّب إصدار مرسوم بقانون وفقا لمتطلبات الضرورة الواردة في المادة 71 من الدستور بحيث يضع هذا المرسوم بقانون قيودا محددة على سقف الإنفاق الانتخابي للمرشحين؛ ويفرض رقابة جدّيّة عليه، ويوفر الحماية القانونية للشهود الذين يشاركون في كشف عمليات شراء الأصوات... هذا إذا أردناها انتخابات نزيهة... ونظيفة من “الدفّيعة” و”القبّيضة”!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك