عن العيد الوطني البحريني،

زاوية الكتاب

بن طفلة: المنامة 'بلا حوار' عاصمة للثقافة العربية!

كتب 2626 مشاهدات 0


للبحرين في عيدها

سعد بن طفلة العجمي

تحتفل مملكة البحرين هذه الأيام بالذكرى الأربعين لعيدها الوطني، وهي ذكرى ليست كأي من سابقاتها بأي حال. تمر هذا العام على البحرين العزيزة ذكراها الوطنية وهي تعاني من انقسام طائفي حاد لا يمكن لأي مراقب أن يتجاهله، ولا يمكن لأي محب للبحرين وأهلها أن يُسر لاستمراره، فلقد أحدثت مواجهات الربيع الماضي شرخاً عميقاً بين طائفتي البلد، وتركت ندوباً من الجراح يصعب علاجها على الأمد القصير.

شهدت البحرين اصطفافاً طائفياً ترك تبعاته على سائر المنطقة، وكانت له ارتدادات لم يكن أحد بمأمن منها، وانعكست تلك الاصطفافات على المجاميع بين الطائفتين الشيعية والسنية في منطقة الخليج بشكل خاص، والمنطقة العربية بشكل عام.

هذا هو المشهد بكل صراحة ووضوح، ومما لاشك فيه أن استمراره سيعمّق الجراح، ويوسّع الهوّة، ويبقي الباب مفتوحاً لتدخلات أجنبية غير محمودة، بل ويترك احتمالات المواجهات الدامية قائمة مجدداً لنتائج لا نعلم أين ستقود البحرين، ولكن الصورة ليست بكل القتامة، وترك الأمور على ما هي عليه هو إعلان فشل وانتحار، وهو الأمر الذي ترفض الإذعان له القيادة البحرينية والقوى البحرينية الحية.

لقد جاءت مباركة وتصديق الملك حمد بن عيسى على تقرير لجنة التحقيق الدولية المحايدة، واعتماد توصياتها والأخذ بما جاء فيه، كبادرة حسن نية من القيادة، وكعربون خطة للتعامل مع تبعات الأزمة بكل شجاعة وصدق.

لقد كانت المطالب البحرينية الشعبية -ولا تزال- مشروعة وقائمة، وهي مطالب إصلاحية اختطفها الطائفيون من كل فريق، فذاك حشد ضد الإصلاح بحجة مواجهة الشيعة، وهذا حشّد ضد السنة بحجة المطالبة بالديمقراطية والإصلاح، وكانت النتيجة أن تدهورت علاقة الطائفتين، وصودرت المطالب، وانحرفت الشعارات، وجرى الصدام، فكان ما كان.

إن المحب للبحرين وأهلها، لابد أن يقف موقف المشفق على هذا البلد العزيز، وألا ينحاز لأي طائفة، لكن المخلص أيضاً مطالب بأن يسمي الأشياء بأسمائها: إن عناصر طائفية مؤذية في السلطة بالبحرين مستعدة أن تضحي بالجميع من أجل مصالحها، وأخرى طائفية ترفع شعارات الإصلاح والديمقراطية وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية والاستقرار.

من الوهم الاعتقاد بأن الطائفيين من أصحاب اللحى والعمائم ينشدون الديمقراطية، ومخادعة الظن بأن من ينشد الدولة الدينية بشكليها -الخلافة والولاية- يمكن أن يحقق للبحرين استقراراً وازدهاراً وديمقراطية.

إن الدعوات الصادقة التي أطلقها ملك البحرين للحوار هي السبيل الوحيد للخروج بالجميع من أتون الشقاق الطائفي، ومن حزازات الاحتقان المذهبي، ولا سبيل آخر غير الحوار لرأب الصدع، ولملمة جراح البحرين. صحيح أن الحوار متعثر، وحقيقة أن عجلات توضع أمام حصان الحوار، ولكن الأصح أنه لا سبيل آخر للخروج من النفق الطائفي إلا بالحوار الشفاف بين جميع الأطراف على قاعدة بحرينية وطنية صلبة، تضع نصب عينيها البحرين كبلد، والشعب كوحدة واحدة لا كطائفتين متناحرتين.

أدرك -مثل غيري- أن في تكرار المناداة بالحوار سبيلاً وحيداً لخروج البحرين من أزمتها نوعاً من 'الرومانسية' التي لا تعكس الواقع السياسي، ولكني واثق -مثل غيري- بأنه لا بديل للحوار سوى باستمرار الاحتقان ومن ثم الصدام لا سمح الله.

بعد أيام، ستدخل السنة الجديدة حيث ستحتفل البحرين فيها بعاصمتها المنامة عاصمة للثقافة العربية، وهي مناسبة لتنادي المخلصين من أبناء هذا الوطن الصغير بحجمه، والكبير بثقافته وشعبه، لأن يداووا الجراح، وأن يطووا صفحات الطائفية التي شابت مطالب السنة الماضية المشروعة، وأن ينتهزوا هذه الاحتفالية الثقافية، بتعزيز ثقافة الحوار، بدلاً من ثقافة التباعد الطائفي، والاحتقان المذهبي...

وكل عام والبحرين وأهلها بخير وسلام وحوار!

 

الاتحاد-إيلاف

تعليقات

اكتب تعليقك