الضرورة لا تبيح الخروج عن الدستور

زاوية الكتاب

الهيفي: الحكومة المعينة مؤخراً غير دستورية

كتب 1052 مشاهدات 0

المحامي ناصر الهيفي

قال رئيس اتحاد المحامين الكويتيين المحامي ناصر الهيفي أن الحكومة المعينة مؤخرا لمواجهة الشبهة الدستورية المدعاة هي حكومة غير دستورية بدلالة مخالفتها لنص المادة (56) من دستور دولة الكويت والتي تنص على 'أن يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة وغيرهم'، وهذا يعني ألا تتشكل حكومة إلا إذا كان ضمن أعضائها واحدا أو أكثر من أعضاء مجلس الأمة، وإذا لم تضم أحدا من أعضاء المجلس في تشكيلها تكون حكومة مخالفة لنص المادة (56) من الدستور، وبالتالي هي حكومة غير دستورية وتكون جميع قراراتها باطلة.
والحكومة المعينة مؤخرا لا تضم في تشكيلها عضوا من أعضاء مجلس الأمة لحل المجلس حلا دستوريا، وبالتالي ليس هناك مجلس أمة أو أعضاء مجلس يمكن أن يتم ضم احدهم في هذه الوزارة، وبالتالي فإن مرسوم تعيينها يقع باطلا لمخالفته للدستور، ولا يمكن في تلك الحالة القول بأنها حالة ضرورة لأن الضرورة مهما كانت لا تبيح الخروج على الدستور الذي ارتضاه الكويتيين منهجا ونظاما لهم يحدد طريقهم في كل الأحوال، حتى في حالات الحروب وإعلان الأحكام العرفية التي هي من اكبر الضرورات، وبالتأكيد لا يمكن القول بوجود فراغا دستوريا لأن حل مجلس الأمة تم بناء على المادة (107) من الدستور وإتباع الإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة، لافتا إلى أنه من العجب ألا تعتبر الأحداث التي دفعت سمو الأمير حفظه الله إلى قبول استقالة رئيس الوزراء وإصدار مرسوم بحل مجلس الأمة حالة ضرورة تبيح التغاضي عن الشبهات التي لم تثبت والقفز لمعالجة ذلك بمخالفة مؤكدة للدستور بحجة وجود حالة ضرورة ليس لها أثر في الواقع.
وأشار الهيفي إلى أن الخبراء الدستوريون وقعوا في خطيئة كبيرة بإثارتهم وجود شبهة دستورية من غير الاستناد إلى نص في الدستور، ثم عالجوا تلك الشبهة التي لم تثبت بمخالفة صريحة لنص المادة (56) من الدستور، مؤكدا أن لا شبهة دستورية في مرسوم حل مجلس الأمة لصدوره وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة (107) من الدستور، والقول بأن تعيين رئيسا جديدا للمجلس مع وجود وزراء مستقيلين يشكل شبهة دستورية لان الوزراء ليسوا وزراء الرئيس الجديد وإنما وزراء الرئيس السابق، فإن هذا لا يتوافق مع تواتر نصوص الدستور في المواد (55-56-58) والتي أجمعت على أن:-
'يتولي الأمير سلطاته بواسطة وزرائه' حسب المادة (55).
'يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه ... كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم ... ' المادة (56).
'رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسئولون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته ... ' المادة (58).
إذن فالوزراء هم وزراء الأمير وليسوا وزراء الرئيس، وليس لرئيس مجلس الوزراء من الوزراء في هذا الشأن إلا ترشيحهم لسمو الأمير الذي له أن يعينهم أو يرفض تعيينهم، فكيف يمكن القول بأن هؤلاء هم وزراء الرئيس؟ كما أن كافة المناصب تثبت بصفة وليس بشخص من يتولى هذا المنصب، بمعنى أن تغيير الأشخاص لا يمس الكيان نفسه وليس له أي تأثير بالصفة والتمثيل، فضلا عن أن النصوص (55-56-58) السابق ذكرها نصت على فصل منصب رئيس مجلس الوزراء عن الوزراء وتم التأكيد على ذلك لغويا في تلك النصوص، فالمادة 56 على سبيل المثال ذكرت أن 'يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم'، وهذا النص يعني أن للأمير في حالة استقالة الوزراء أن يقبل استقالة رئيس مجلس الوزراء وتعيين بديله دون الوزراء الذين بإمكانه أن يأمرهم بتصريف العاجل من الأمور، فالوزراء وزراء الأمير وليسوا وزراء رئيس مجلس الوزراء، وهذا ما تؤكده المادة (103) والتي جاء فيها '.... تصريف العاجل من الأمور لحين تعيين خلفه'، بما يعني انه متى وجد البديل جاز تعيينه فورا، ولا يمس من ذلك ما جاء في المادة (129) من الدستور من أن '.. استقالة رئيس مجلس الوزراء أو إعفائه من منصبه تتضمن استقالة الوزراء أو إعفائهم من مناصبهم'، لأن الاستقالة متوقفة على قبول الأمير لها أو رفضها، وبموجب ذلك للأمير أن يقبل استقالة رئيس مجلس الوزراء دون الوزراء أو العكس، ولا يوجد نص في الدستور ما يمنع من ذلك، وبالتالي فإن هذا التصرف مباح وسليم وهو ما حدث بالفعل من قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وتعيين بديله الشيخ جابر المبارك رئيسا للوزراء وأبقى الوزراء على حالهم في تصريف العاجل من الأمور حتى إيجاد بدلاء عنهم.
وأوضح الهيفي أن القول بأنه لا يجوز الدعوة إلى الانتخابات لان الحكومة هي لتصريف العاجل من الأمور فهذا القول فيه خطأ جسيم، ذلك أن الحكومة لا تدعوا للانتخابات وإنما الذي يدعوا إليها هو الأمير بموجب مراسيم بناء على عرض مجلس الوزراء، وهذا لا يعني أن مجلس الوزراء هو الذي اصدر الدعوة وإنما يعني ممارسة الأمير لسلطاته بواسطة وزرائه وفق المادة (55) من الدستور فالوزراء هم من يعرضون عليه ما يأمرهم به لإصدار المراسيم اللازمة، وشتان مابين القرارات التي تصدر من مجلس الوزراء أو الوزراء بمناسبة توليهم لمهامهم وما بين المراسيم التي تصدر بمناسبة ممارسة الأمير لسلطاته، وما جاء في نص المادة (128) من الدستور والتي نصت على أن '... وترفع قرارات المجلس إلى الأمير للتصديق عليها في الأحوال التي تقتضي صدور مرسوم في شأنها'، فإن هذه القرارات المعنية بالنص هي القرارات التي تصدرها الحكومة بمناسبة ممارستها لمهامها كتعيين وكلاء الوزارات مثلا، حيث يصدر بتعيينهم مرسوم وفقا لنص القانون بعد اختيارهم من قبل مجلس الوزراء، أما المراسيم التي يمارس بها سمو الأمير سلطاته فهي تصدر بعد عرضها من قبل مجلس الوزراء وليس بعد إقرارها، وما عرض مجلس الوزراء لهذه المراسيم إلا بمناسبة ممارسة الأمير لسلطاته بواسطة وزرائه (المادة -55- من الدستور)، ولا مجال لذكر عدم التعاون هنا لان المرسوم الصادر لحل المجلس لم يذكر ولم يتطرق لذلك لا من قريب أو بعيد، كما أن عدم التعاون مقررا دستوريا لمجلس الأمة وليس للحكومة وفقا لنص المادة (102) من الدستور.  

الآن-المحامي ناصر الهيفي - رئيس اتحاد المحامين الكويتيين

تعليقات

اكتب تعليقك