محاربة مظاهر الفساد بالشفافية والمشاركة الشعبية هي أول الطريق لاصلاح الإقتصاد بقلم عامر الحسيني
الاقتصاد الآنديسمبر 22, 2011, 10:14 ص 557 مشاهدات 0
من أشد الأخطار التي تحيط بالمجتمعات في الدول النامية ظاهرة الفساد المستتر، الذي قد يقع نتيجة لضعف في مستوى الرقابة الإدارية والمالية أو الأجهزة القائمة بها، أو نتيجة لترهل وبيروقراطية الأنظمة الرسمية والتي غالبا تعجز عن مراقبة كل مفردات أنظمتها. وقد يكون السبب ضعف وقصور الأجهزة الرسمية والمدنية في كشف ومحاربة هذه الظواهر.
ويلعب الإعلام الوطني دورا مهما في إيجاد قنوات التواصل ذات الاتجاهين الصاعد والهابط لكشف ومحاربة مظاهر الفساد ومعالجتها.
مواطنو المملكة جميعا استبشروا خيرا بقرارات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - فيما يتعلق بمحاربة الفساد. والسواد الأعظم كان بين متعجل لبدء ممارسة هذه الهيئة لمهامها في تطهير أي مظاهر للفساد وتطوير العمل، وآخرون يرون أنها لن تكون قادرة على محاربة الفساد المستتر من وجهة نظرهم. والحقيقة أن معالجة أمر الفساد لا تُناط بجهة واحدة، فالجميع مطالب بالمساهمة في كشف الفساد وعدم المشاركة فيه. وهذا الذي دعا إليه ولي العهد، وزير الداخلية - حفظه الله - عندما قال ''المواطن هو رجل الأمن الأول''.
البعض يعيش التناقض، فيطالب بمحاربة الفساد، ويتجه إلى إنجاز معاملته بالواسطة، أو يسعى للاستيلاء على ما ليس حقا له، من عقود ومناقصات، أو أراض أو غيره. البعض يرى الفساد أمام عينيه، ويتحجج بأن ليس له سلطة في محاربته، مع أن المطلوب منه المساهمة في كشف هذا الفساد أو تلك التلاعبات. الجميع ينتظر أن تبدأ هيئة مكافحة الفساد في عملها، والتي ستبدأ قريبا - بإذن الله - كما وعد بذلك رئيس الهيئة في (صحيفة ''الاقتصادية'' العدد 6639).
المؤسسات الحكومية الأخرى يجب أن تُمنح الصلاحية حتى تساهم في محاربة الفساد. ومن هذه المؤسسات ''مجلس الشورى''، الذي يمكن أن يقوم بدور الرقيب والمُسائل للأجهزة الحكومية المختلفة في أداء أعمالها، ومقارنة ما يتم إنجازه بالوعود الممنوحة، ومواءمة ذلك مع الخطط الاستراتيجية ''الخمسية'' التي توضع لسير عمل مؤسسات الدولة كافة. صحيح أن دور المجلس استشاري، ولكن الكفاءات التي يضمها المجلس قادرة على القيام بالعبء الاستشاري والرقابي في آن واحد، خصوصا في مسألة مراقبة الأداء.
وجود مؤسسة عليا للتنسيق بين جهود المؤسسات المختلفة، والمشاركة في اتساق عمليات التخطيط والتنفيذ أمر ملح في هذا العصر، فالمملكة كبلد شاسع، يصعب معها مراقبة أداء المؤسسات وأفرعها. مراقبة الخطط الموضوعة وتنفيذها، والتأكد من شمولية العطاء للمناطق كافة، وفق ضوابط مدروسة ومعلنة، سيساعد على الرقي بجميع المؤسسات وأفرعها.
الفساد هو الداء الذي ينخر في مقدرات الشعوب، تتنوع أوجهه ومظاهره، ولكن يمكن السيطرة عليه ومحاربته بالعدالة، والشفافية، والمحاسبة، والمشاركة الشعبية. تنطلق حملة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قريبا، والأمل معقود على الجميع في المشاركة في بناء وطن يحارب الفساد، ويراعي النزاهة والشفافية، امتثالا لأوامر الله تعالى، وامتثالا لحرص ولاة الأمر
تعليقات