غضب من الرقابة الكويتية في افتتاح أسبوع الفيلم الخليجي

منوعات

473 مشاهدات 0

د. سليمان العسكري

ضمن احتفال مجلة العربي باليوبيل الذهبي افتتح رئيس تحريرها د.سليمان العسكري أسبوع الفيلم الخليجي بالتعاون مع نادي الكويت للسينما.وقد أدار الاحتفالية المذيع عبد الرضا بن سالم. وكانت البداية مع كلمة ترحيبية ألقاها د.العسكري تحدث فيها عن ضرورة دعم السينما الخليجية لتصحيح الصورة عن الإنسان في هذه المنطقة خصوصا أن الصورة النمطية المأخوذة عنه في الغرب تضعه في قفص الاتهام. كما رحب بالسينمائيين الضيوف في بلدهم الثاني الكويت. وبدوره ألقى رئيس نادي السينما عامر التميمي كلمة ترحيبية أخرى باسم النادي أكد خلالها على أهمية فن السينما كجزء من الثقافة، كما نوه بمجلة العربي مهنئا بمرور خسمين عاما على انطلاقها.

وتقدم جمهور الاحتفال عدد من الفنانين والإعلاميين أبرزهم منصور المنصور، سعاد عبد الله، أمل عبد الله، داود حسين، ومن الشباب أحمد ايراج. وبعد عرض لقطات من بعض الأفلام المشاركة في هذا العرس السينمائي بدأ عرض الفيلم البحريني (حكاية بحرنية )بطولة مريم زيمان، فاطمة عبد الرحيم، جمعان الرويعي، ومبارك خميس.

ويتناول الفيلم مرحلة المد القومي في الخليج وتحديداً فيما بين عامي 1967 و1970، أي عامي النكسة ووفاة عبد الناصر. فنرى صورة شديدة الواقعية لفريج شعبي بسيط، وتوزعت الكاميرا ما بين التركيز على مجموعة من الشباب والكهول في الفريج، ومتابعة الحياة اليومية لبيت 'فاطمة' التي يزوجها والدها القاسي غصبا عنها من ابن عمها وحرمها من الارتباط بالشخص الذي أحبته، وهو شاب مثقف ثوري يسعى مع زملائه للتغيير عبر المشاركة في المظاهرات وتوزيع المنشورات.

في بيت فاطمة، يبرز تحديدا دور الأم 'لطيفة ـ مريم زيمان'، ثم فاطمة ـ فاطمة عبد الرحيم'، و'الأب ـ مبارك خميس' إلى جانب أخوتها الصغار خصوصا 'خليفة' و'منيرة'، فلكل منهم عالمه الخاص وأسلوبه في التمرد على قسوة وعنف الأب تجاه الجميع، فالصبي خليفة يهرب باستمرار إلى البحر أو يختبئ في قفص الحمام على السطوح، و'فاطمة' المحبطة مع ابن عمها لقسوته واحتقاره لها فؤادها مازال مشغولا بالحبيب الأول، وتعيش صراعا مكتوما، أجادت الممثلة التعبير عنه بملامحها إلى أن وضعت حدا لحياتها بحرق نفسها أمام زوجها. أما الحبيب الثوري ـ جمعان الرويعي' ففضل الهروب من البلد والسفر بعيداً بعد أن ضاعت فاطمة وسقط حلم الانتصار بوقوع النكسة.

وشكل الأب والأم 'دويتو' رائع استحوذ على معظم المشاهد، هو بقسوته وضيف أفقه وعناده، وهي بتمردها وحنانها على أولادها وحبها لعبد الناصر. ثم تتصاعد الأحداث بعد النكسة، حيث تتورط 'منيرة' في قصة حب مع شخص على غير مذهبها، فيرفضه أبوها فتكون أكثر شجاعة من أختها وتهرب معه، وهنا يصاب الأب بما يشبه الجنون ويضرب زوجته بقسوة، ولا ينقذها سوى شقيقها. ووسط هذه الميلودراما العائلية التي تكشف عن الحس الوطني والقومي لأهل الفريج، والتنوع بين المذاهب بل والديانات حيث نرى انتماء 'يحيى' اليهودي إلى وطنه البحرين وخوفه من أن يعاقب بسبب انتصار إسرائيل على عبد الناصر. وأخيراً تأتي النهاية الصادمة للجميع بوفاة عبد الناصر إيذانا بمرحلة جديدة في التاريخ وفي استفاقة الوعي الجمعي من حلم جميل.

وبعد الفيلم أقيمت ندوة حوله تحدث فيها من الفنانين منصور المنصور وداود حسين، ورئيس قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية د.أسامة أبو طالب، ورئيس نادي السينما عامر التميمي، والمنتج والمؤلف حمد بدر والزميلة رنا المحمود. حيث أشاد الجميع بمستوى الفيلم الذي يؤكد قدرة السينما الخليجية على المنافسة عربيا وعالميا، وبالمضمون المميز وتعبيره عن مرحله مهمة في منطقة الخليج.

لكن ما استحوذ على الكلام أكثر من الفيلم نفسه، هو عتاب شديد اللهجة وجهه مخرج الفيلم في بداية الندوة للرقيب الذي حذف مشاهد كثيرة من الفيلم أخلت بتماسكه الدرامي وأثرت سلبا على فهم الأحداث والسياق العام ووصف الذوادي الرقيب بأنه 'جاهل' و'غبي' ولم يقرأ كتابا في حياته. كما استغرب أن يحدث هذا في الكويت الرائدة في الفن الخليجي خصوصا أن الفيلم عرض في أكثر من 18 مهرجانا وف يدول خليجية عدة منها سلطنة عمان والبحرين ولم يتعرض لهذا التشويه لدرجة أن دورا كاملا للممثل عبد الله بحر تم حذفه. كما علقت بطلة الفيلم مريم زيمان واستغربت أن يحدث ذلك في الكويت التي 'جعلتنا فنانين' مشيرة على أنها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت، وقالت إنها كلما رأت مشهدا محذوفا شعرت وكأنه جزأ منها يقطع. وهنا دافع رئيس نادي السينما عن النادي وأنه بريء من هذا الحذف القاسي واعتذر من الضيوف على ما فعله الرقيب خصوصا انه مهرجان للنخبة وليس عرضا تجاريا للعوام.

كما رحب بالنجم داود حسين بالضيوف واعتذر منهم لسوء ما فعله الرقيب موضحا أنه لهذا السبب يخشى من تقديم أفلام سينمائية. وأوضح المنتج والمؤلف حمد بدر أنه هو أيضا كانت له تجربة سيئة مع الرقابة في فيلم 'شباب كول' الذي قطعت منه مشاهد عدة، موضحا عد وجود رقابة على النصوص السينمائية من الأصل يمكن التفاهم معه قبل أن يذبح الفيلم بعد إنتاجه.

أما الفنان القدير منصور المنصور فتحدث أن الفيلم أعاده سنوات طويل إلى الوراء وذكره بلحظات جميلة عاشها لدرجة أن عيناه اغرورقتا بالدموع في مشاهد عدة وأكد أن الفيلم يثبت قدرة الفيلم الخليجي على المنافسة عربيا وعالميا خصوصا مع توفر الفنانين والفنيين والمال اللازم لصناعة سينما.

بدوره تحدث د. أسامة أبو طالب عن القيم الجمالية في الفيلم والتوازن ما بين المضمون الفكري والمستوى الفني بعيدا عن الخطابية وأنه قدم ملحمة أو حكاية عربية لا تخص البحرين وحدها.

ومعظم المداخلات والردود تولى الإجابة عليها مخرج الفيلم باستثناء سؤال للفنانة فاطمة عبد الرحيم عن أدائها التعبيري حيث ردت بأنها أحبت الفيلم وعايشت عن قرب الترجبة الحقيقية المأخوذ عنها العمل لذلك أدت الدور ببساطة وتلقائية. وسؤال آخر للفنانة مريم زيمان عن تجسيدها لدور الأم حيث قالت بأنها تعشق الأدوار المركبة خصوصا دور الأم بكل ما يحويه من انفعالات ورغبة في الحفاظ على أسرتها وأنها تؤدي أدوار الأم منذ كانت في العشرينيات من العمر لكنها لا تحب أداء الأدوار السطحية السلهة.

وأخيرا ارجع بسام الذوادي الملاحظات التي قيلت حول العقدة السياسية للفيلم، واضطراب بعض المشاهد في ترتيبها، وكذلك تلاحق المقاطع الموسيقية، إلى الحذف المتعسف الذي ترض له العمل. كما أشار إلى أن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية وجرى العم لعليه لأكثر من خمس سنوات بسبب رفض الرقابة له في البداية إلى أن حصل على الموافقة. 
 

 

الآن -وليد الابراهيم

تعليقات

اكتب تعليقك