القضية الوحيدة التي أقحم فيها الدين

الاقتصاد الآن

'قروض المواطنين الاستهلاكية' عنوان انتخابي 'مقزز'

605 مشاهدات 0

محمد المطوع


إسقاط القروض بداية لاي نهج جديد 1-4

محمد المطوع

'قروض المواطنين الاستهلاكية' عنوان انتخابي مميز جدا واستهلك من عدد من النواب والمرشحين بصورة مقززة للنفس ومسيئة لمن تداولها وللمقترضين وأسرهم، وهي القضية الوحيدة التي تم إقحام الدين والفتاوى الدينية بها بشكل ينفر الإنسان من الدين السمح، فلقد زج الدين بهذه القضية بشكل سيئ جدا وبعيد عن الأهداف السمحة للشريعة الإسلامية مما شكل تفسير غير منطقي ومغالط للآيات القرآنية وللأحاديث الشريفة.

علما بأن قضية إسقاط القروض عن المواطنين هي قضية اقتصادية تنموية اجتماعية تقع ضمن نطاق التنمية المستدامة في الهيكل الاقتصادي لدولة الكويت، وسأثبت هذا في الأجزاء الثلاث الأخرى من المقال، وسأخصص هذا الجزء للرد على كل من يدعي بأن إسقاط القروض حرام ولا يجوز، وذلك بهدف تحييد هذا الطرح الخارج عن السياق الاقتصادي التنموي الاجتماعي حين مناقشته، وسد الذرائع الواهية من هذا الباب نهائيا، وسأوجز أدناه أسباب إيماني الشخصي بوجوب إسقاط القروض عن المواطنين ( في دولة الكويت ) حيث لكل دولة وإقليم خصوصياته المؤثرة في التنمية المستدامة.

السبب الأول:- يقول الله في كتابه ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة{60} ، لذلك نجد أن فريضة الله في الزكاة التي فرضها على عباده من الإنس تقع في ثمان مصارف والمقترضين من المواطنين يقعون ضمن ثلاث من هذه المصارف الثمان، فالمقترض المعسر يقع ضمن الفقراء والمساكين والغارمين، فمساعدتهم واجبه وفريضة في الإسلام لا يجوز إنكارها لورودها في القرآن صريحة وواضحة، بل نجد ان بيت الزكاة وكذلك لجان الزكاة تستخدم زكاتها وصدقاتها على هذه الفئة من المجتمع والتي بلاها الله، فكيف يأتي بعد ذلك من يدعي حرمة سداد القروض؟

السبب الثاني:- يقول الله في كتابه (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) المنافقون {10}، يأمرنا الله عز وجل بصورة واضحة وجلية بأن ننفق مما رزقنا الله قبل أن يأتينا الموت، ورب العالمين يطلب الإنفاق من أموالنا مباشرة.

فكيف إذا كانت من الأموال العامة وهي أموال الفقراء والمساكين والغارمين أنفسهم؟ للأسف اليوم نرى إن من يرفضون ان تسقط القروض عن المواطنين يسكنون في منازل اشبه بقصور الف ليلة وليلة وهم في الروضة الدنيا يمرحون ولا يتفكرون في روضة الأخرة.

السبب الثالث:- قال الله تعالى ( قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً ) الإسراء100، سبحان الله خالق البشر يعلم كيف خلقهم وبأي اتجاه يتجهون، فيعلم إن الإنسان قتورا، بل يبلغنا رب العالمين بأن الانسان لو كان يملك خزائن رحمة الله، لأمسك يده خشية الإنفاق، وهذا بالضبط ما حصل مع الحكومة الكويتية وبعض أعضاء مجلس الأمة، بل انه ينطبق تمام الانطباق على مجموعة الست وعشرين التي انبرت لمنع اسقاط القروض ولم تنبري للدفاع عن ميزانية الكويت المستباحة والمنهوبة.

السبب الرابع :- وردت مجموعة كبيرة من الأحاديث الشريفة التي حض بها رسول الله المسلمين على الإنفاق وعلى التواد وعلى محبة الأخرين،وهي كالأتي :-

  عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ).

الله يحثهم على الإنفاق من أموالهم فينفق عليهم، وهم يبخلون أن ينفقوا من أموال الدولة التي تنهب ليل نهار، فلا هم حامينها من النهب ولا هم منفقونها على المستحقين من مصارف الزكاة.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.

 فهل من وقف ضد اسقاط القروض يحب ان يكون في يوم ما في موقف من هو معسر من المقترضين؟ بل هل يحب ان يكون في يوما ما مقترض ونصف راتبه يذهب على سداد القرض وفوائد القرض؟

  قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ) أخرجاه في الصحيحين.

 قد ارفض موقف الغير متدينين من الذين وقفوا ضد إسقاط القروض، ولكني استهجن كل من يدعي التدين ويحثنا على اللحية وتقصير الدشداشة ويتناسى احاديث الرسول ويهمل آياته، فماذا يعتقد لنفسه اي ملك سوف يدعوا له من الملكين الذين ذكرهما رسول الله؟ وصدق الرسول ولسوف يتلفهم الله.

  قال الرسول صلى الله عليه وسلم { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى 'صحيح مسلم.

فهل سهر النواب ومجموعة الستة وعشرين يتفكرون في شكوى المقترضين من شضف العيش وضيق ذات اليد؟ فلايستطيع ان يفرح ابناءه، ولا يستطيع ان يزوج ابناءه او يعينهم على الباءة، هل جاء من وقف ضد اسقاط القروض الإحساس بالحرقة والألم الذي يشعر به من ابتلاه الله بالقروض؟

قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة ) رواه أحمد.

 فليسأل مجموعة الستة وعشرين انفسهم كيف اصبحت تجارتهم هل زادها الله وبارك فيها؟ مجرد تسائل بينهم وبين انفسهم، وسيجدون إن رسولنا جاء بالحق المبين، وسابين هذا لاحقا في جزء اخر من المقال.

  قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل ) رواه الترمذي.

 الى جميع اعضاء الإسلام السياسي، إذ رزقهم الله مالا وعلما فهل وصلوا به الرحم؟ ألا يوجد بين المقترضين الكويتيين ممن يتصل معهم بالرحم؟ فليعيدوا النظر كرتين.

  وأحب الأعمال إلى الله كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً ) ، رواه البيهقي ، وحسنه الألباني.

 سؤالي للجميع وأخص به قلعة قرطبة هل عملتوا أحب الأعمال إلى الله؟ هل ادخلتم السرور الى عوائل المقترضين؟ هل كشفتم عن المقترضين كربتهم ؟ هل قضيتم عنهم دينا ؟ وقد لاتعلمون يا من في قلعة قرطبة ان الدين في هذا الحديث يعني قرض في لهجتنا الحالية هذا للتذكير إن كنتم لاتعلمون!!

 وكل هذه الأحاديث تحض على الإنفاق على الغارمين والفقراء والمساكين الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه الكريم وما اصحاب القروض إلا من هذه الفئات الثلاث، فهل اسقاط القروض عن هؤلاء من الدين ام حرام ؟ لك الحكم أيها مالواطن، واسأل مرشحك عن موقفه وسبب اتخاذ موقفه وقارنه بأيات الله واحاديث رسوله.

وفي الختام اذكر الأعضاء والمرشحين وبالأخص مجموعة الست والعشرين بقول الله عز وجل :-

(  وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ{10} هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ{11} مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ{12} عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ{13} أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ{14} إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{15} سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ{16} ) سورة القلم

 وفي الجزء الثاني والثالث والرابع سنناقش اقتصاديات اسقاط القروض وتأثيره على التنمية الإقتصادية والإجتماعية في الكويت.

والله عليم بذات الصدور
محمد المطوع

كتب: محمد المطوع

تعليقات

اكتب تعليقك