فى تَذْكِرَة للفاهم والغشيم.. عبدالله فيروز يكتب عن علة تجريم الفرعيات
زاوية الكتابكتب يناير 8, 2012, 12:19 ص 810 مشاهدات 0
الرأى
الفرعيات وعلة التجريم... تَذْكِرَة للفاهم والغشيم
بادئ ذي بدء.. أتوجه بالتحية للقراء الأعزاء متمنياً لهم سنة سعيدة يتكللها النجاح و تسودها الأفراح إن شاء الله. ونعود لموضوعنا عن الفرعيات أو ما اصطلح لها من أسماء للتمويه أو بالأصح لإرضاء النفس. لقد قرأت تقرير مركز «اتجاهات» للدراسات والبحوث عن هذه الممارسة في الحياة الانتخابية في دولة الكويت والتي بدأت منذ 40 عاماً - و هو بالمناسبة يتميز بالمصداقية والحيادية - ونحن لسنا في صدد التأكيد على مخالفة الفرعيات للقانون الساري بالبلاد، فهذا أمر محسوم بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بتاريخ 5 ديسمبر 2011 برقم 30 /2009 دستوري. ولكن هل ناقشنا هذا الأمر مع من لا يزال مقتنعاً بضرورة ممارسة هذه الفعالية و لو غيّر في اسمها وبدّل من ملامحها، لأن الاقتناع هو أساس الإصلاح الذي يجعل المرء يعمل به فعلاً على أرض الواقع بلا إجبار أو خوف من وعيد. لا شك أننا قد قرأنا عن الرأي الشرعي وفقاً لاجتهادات رجال دين مشهود لهم بالعلم والفقه وقد رأوا بعدم جواز هذا الفعل نظراً لخروجه عن أمر ولي الأمر.. هنا سيقول قائل : عندما نلتزم بتطبيق الشريعة الإسلامية 100% حينها يكون واجباً علينا ذلك. و أرد عليه بأن هناك قاعدة فقهية تنص على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله، هذا والغالبية العظمى من تشريعاتنا تأتمر بحكم الشريعة الإسلامية السمحاء ولله الحمد. وبالتالي فإن الجانب الشرعي قد حسم المسألة.
نأتي للجانب السياسي.. سيقول قائل بأن الأحزاب السياسية حول العالم تقوم بالفرعيات لتقديم ممثل لها أمام الناخبين، بل ان بعض الكتل السياسية المحلية تقوم بذلك بالفعل فلماذا الالتفات عنهم والتشدد فقط مع القبائل؟ هنا يجب أن نفرق بين مرشح قد جاء ليمثل فكرا سياسيا عاما غير محصور بفئة أو طائفة وبين مرشح جاء باسم القبيلة أو العائلة وليعبر عن تطلعاتها هي فقط. إن الناخب حين يختار مرشح الكيان السياسي فهو يختاره لأنه يمثل برنامج الحزب وليس لاسم المرشح أو طائفته لأن هذا المرشح بالنهاية يأتمر بأمر الحزب ويسير على نبراسه وإلا لتم فصله عن العضوية. أما مرشح القبيلة أو العائلة الذي جاء عن طريق فرعية فما الفرق بينه وبين أي فرد آخر من القبيلة أو العائلة نفسها قد يكون حاملاً لمؤهلات وحائزاً لكفاءات أعلى من الفائز بالفرعية؟! فضلاً عن أن تغيير المسميات لتشاورية مثلاً لن يغير من الأمر شيئاً، لأن الغاية من هذا الإجراء هو إلزام ناخبي تلك القبيلة أو العائلة بهذه الأسماء فقط.. أما غيرها فاقطع.
ونأتي للجانب الاجتماعي.. حيث ان جميع الفرعيات منذ بدايتها قبل 40 عاماً وحتى اليوم لا يزال المرشحون هم من الرجال دون النساء، بل ان القاعدة التصويتية هي أيضاً من الرجال و دون اعتبار لرأي النساء بالرغم من أنهن سيقمن بالتصويت في يوم الانتخابات!! فلماذا الحجر على آرائهن بالفرعيات ثم اللجوء إليهن في صندوق الانتخابات؟! بينما في الكيانات السياسية يترشح الرجل والمرأة ويتم أخذ آراء جميع أعضاء الكيان السياسي دون تفرقة بسبب الجنس.
وأخيراً نختم بالجانب الأخلاقي.. إننا عندما نرى قبيلة أو عائلة معينة تقوم باختيار مرشحين على وجه الخصوص لخوض الانتخابات أشعر وكأنها تقول للناخبين عامةً : لا يوجد من يستحق في الدائرة الانتخابية غير هؤلاء الأربع! وهو بالطبع شعور يؤلم النفس ويجرح الفؤاد لما له من عنصرية واضحة للعيان. و هنا يجب أن نفرق بين قبيلة أو عائلة ترشح 4 أسماء و بين أخرى ترشح 3 وأخرى ترشح 2 وأخرى ترشح اسماً واحداً وهي بالطبع الأقل ضرراً بين سابقيها لأنها تقول للناخب من القبيلة أو العائلة ذاتها بأننا نزكي لك اسماً واحداً ولك مطلق الحرية في اختيار الأسماء الثلاثة الباقية. فضلاً عن أن التجارب السابقة أثبتت للجميع بأن مخرجات الفرعيات ليست بالضرورة كلها نزيهة وتستحق التزكية فلماذا الإصرار عليها؟!
وعلى كل حال يجب ان نرجع للقانون حيث ينص على معاقبة من يقوم بالفرعية بصورة غير رسمية، وهذا يعني أن هناك صورة رسمية غير مجرمة.. وهي التي تنطبق على الكيانات السياسية المشهرة التي تضم جميع طوائف المجتمع. وبالتالي فإن أي فرعية يقوم بها كيان سياسي قبل إشهار الأحزاب قد تكون مجرمة. أما بشأن عدم قيام تلك الكيانات السياسية بترشيح امرأة فهذا خطأ جسيم.. حيث نجد الأحزاب الإسلامية في مصر مثلاً ترشح نساء بقوة القانون.
وفي النهاية أقول بأننا نحترم جميع مكونات الشعب الكويتي سواء الحضر أو البدو.. السنة أو الشيعة.. الرجال أو النساء. و إنني على ثقة بأن الجميع لديه من الوعي و الإرادة لاختيار من هو أصلح لتولي الشأن العام وتمثيل الأمة، فالمهم لدينا هو أن نرى الأشخاص الأكفاء الذين يعبرون بالكويت لبر الأمان ويحفظون كرامة الإنسان.
نبراسيات : لا تخـاصـم إنسـاناً... فـربمـا لا تـعيـش حتـى تصـالحــه.
عبدالله فيروز
تعليقات