ضعف البنوك الأوروبية يقوي الطلب على السندات بقلم ستانلي بجنال

الاقتصاد الآن

1066 مشاهدات 0


أعطى ضعف حالة البنوك الأوروبية زخماً لتوجه كان سائداً قبل الأزمة المالية. فالشركات التي تبحث عن الأموال النقدية تتعرض على نحو متزايد للصد من قبل المقرضين ويتم توجيهها إلى سوق السندات بدلاً من ذلك.

بالنسبة إلى الشركات التي تسعى للحصول على الائتمان تعد جاذبية سوق السندات واضحة، فهي تستطيع أن تجمع المال بأسعار فائدة أقل مما يمكن أن تقدمه البنوك المقرضة. وبالنسبة إلى البنوك، فإن لهذا فوائد أيضاً، إذ باستطاعتها أن تقلص ميزانياتها العمومية وتعزز نسب رأسمالها بسرعة، مطمئنة بذلك المستثمرين والجهات التنظيمية.

إن التوجه نحو 'عدم الوساطة' - التخلص من الوسيط المصرفي - هو نتاج وضع غير عادي. وكثير من البنوك المثقلة بما لديها من ديون كبيرة مستحقة على منطقة اليورو تعد الآن أقل جدارة ائتمانية من الشركات التي تأتي إليها من أجل الحصول على القروض.

وعوضا عن إقراض الأموال بنفسها، أخذت البنوك تعمل بدلاً من ذلك وسيطا ائتمانيا يجمع المستثمرين، كالصناديق التقاعدية، مع الشركات المتعطشة للأموال النقدية، عن طريق إصدار السندات.

ويقول بيتر هان المحاضر في مدرسة كاس للأعمال: 'إننا نشهد مزيداً من عدم الوساطة في الآونة الأخيرة، في ظل الحال التي آلت إليها بنوك أوروبا. ففي النهاية، هذه دلالة على أن كثيراً من الشركات تستطيع الآن أن تقترض الأموال بأرخص مما تقدمه البنوك'.

هذا التوجه يدفع المقرضين الأوروبيين نحو أنموذج شبيه بالأنموذج المعمول به في الولايات المتحدة، حيث يتم الوفاء بنحو 80 في المائة من تمويل الشركات عبر السندات، مع 20 في المائة فقط للقروض – وهي النسبة المعكوسة الموجودة الآن في أوروبا.

في أواخر تسعينيات القرن الماضي فقط بدأت السندات تشق طريقها في أوروبا. وقد ازدادت المبالغ التي يتم اقتراضها عبر السندات بشكل ثابت حتى مع تراجع الإقراض البنكي التقليدي. ويقول ريتشارد فيلان، مدير أبحاث الائتمان الأوروبي في دويتشه بانك: 'كان هذا توجهاً شهدناه طيلة العقد الماضي، تخللته عمليات توقف في فترات مختلفة'.

ويقول كل من المقرضين والمقترضين إن عنصراً جديداً آخر في هذا التوجه هو أن البنوك تدفع الشركات لإصدار السندات بدلاً من الحصول على القروض.

إن المقرضين الأوروبيين في عجلة من أمرهم لتعزيز نسب رؤوس أموالهم للوفاء بالمتطلبات التنظيمية الجديدة التي تم استنباطها لطمأنة الأسواق بشأن ملاءتها في المدى الطويل. وقد اختارت قلة من البنوك جمع أموال مكلفة من خارج أوساط المستثمرين، مفضلة بدلاً من ذلك تقليص ميزانياتها العمومية عبر خفض المبلغ الذي تقرضه للعملاء. وعدم الوساطة يمكن أن يساعدهم على القيام بذلك.

يقول مارتن إيجان، الرئيس العالمي للأسواق الرئيسية والتنظيم في بنك بي إن بي باريبا: 'إن ثمن السيولة بالنسبة للبنوك أعلى من ذي قبل. ذلك أن المخاوف بشأن تعرض البنوك للخطر السيادي لها أثر على السعر الذي تستطيع أن تقترض به في الأسواق، الأمر الذي يؤثر بدوره على السعر الذي يمكن أن تقرض عملاءها به'.

من وجهة نظر البنوك، استبدال القروض بالسندات لا يساعدها على التخلص من ديونها فحسب، بل يحقق هذه الغاية على نحو لن يغضب الجهات التنظيمية التي ترغب بشدة في استمرار تدفق الائتمان على الشركات التي تحتاج إليه.

وزيادة على ذلك، إصدارات السندات يمكن أن تكون مربحة بالنسبة للبنوك كما هي الحال مع تنظيم القروض التقليدية – إن لم تكن مربحة أكثر. فبدلاً من تحصيل الدخل من الفوائد على مدى سنوات عندما يحين موعد سداد القروض، فإن البنك العارف بالأمور يمكن أن يحصل على رسم إنشاء مرة واحدة مقابل تنظيم سند بدلاً من ذلك.

تقول فيونا سوافيلد، المحللة في آر بي سي كابيتال ماركتس: 'من المحتمل أن يكون عدم الوساطة تطوراً إيجابياً بالنسبة للبنوك الاستثمارية التي لديها القدرة على مساعدة العملاء على إصدار السندات – لكن لا يستطيع كل بنك أن يقوم بذلك'.

ولا تستطيع كل الشركات أن تطرق أبواب أسواق رأس المال. إذ ينبغي من الناحية المثالية أن تجمع السندات مبلغ 300 مليون يورو أو أكثر كي تجذب المستثمرين، وهذا مستوى اقتراض لا يناسب إلا الشركات المدرجة أو الشركات الخاصة الكبيرة. ولا توجد هذه القيود المتعلقة بالحجم بالنسبة للقروض البنكية.

وأحد الأسئلة التي تطرح حالياً في الأوساط المالية هو ما إذا كان إصدار السندات من قبل الشركات سيستمر في النمو على حساب القروض بعد أن تمر أزمة منطقة اليورو، وتمر معها القيود الرأسمالية القاسية المفروضة على البنوك.

يقول إيجان من بنك بي إن بي باريبا: 'أعتقد أننا في بداية تغيير مذهل. ليس هناك شك في أن الاقتراض البنكي سيكون مقيداً أكثر من الآن فصاعداً، وستكون الشركات حريصة على تنويع تمويلها'.

ويمكن للأنظمة أيضاً أن تساعد السندات على كسب أرضية على حساب القروض في أوروبا، كما فعلت في الولايات المتحدة. وبموجب لوائح بازل 3 المقبلة التي سيبدأ تطبيقها على مراحل اعتباراً من عام 2013، يتعين على البنوك أن تضاهي مدة قروضها بمدة اقتراضها بشكل أدق.

وبالنسبة لكثير من المقرضين الذين يعتمدون على التمويل قصير الأجل، الرخيص، لتمويل جزء من ميزانيتهم العمومية، سيصبح من العسير عليهم الإقراض لأجل يزيد على ثلاثة أو خمسة أعوام، الأمر الذي يعطي ميزة أخرى للسندات.

ويتمثل التحدي بالنسبة لكثير من البنوك في أن الإقراض التقليدي يؤسس لعلاقة أوسع مع عملائها من الشركات، بما في ذلك مساعدة البنوك في كسب أتعاب مقابل تقديم خدمات الخزانة وعمليات المصرفية الاستثمارية.

ويتمثل الخطر في أن إلغاء الوساطة سيخرج البنوك ليس بوصفها وسيطا في الاقتراض فقط، بل في مجالات مربحة أخرى مهمة لمستقبلها.

 

 

الآن:االاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك