«ستاندرد آند بورز» تضع إصبعها على علة أوروبا الحقيقية بقلم أليكس باركر

الاقتصاد الآن

723 مشاهدات 0

ستاندرد آند بورز

 حين خفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيفات أكثر من نصف أعضاء منطقة اليورو البالغ عددهم 17 بلداً، درجة أو اثنتين، تركزت الأنظار على فرنسا، لكن الوكالة كانت تستهدف هدفاً أكبر، هو سوء الإدارة السياسية على المستوى الأوروبي.

فحتى حين ظهرت مؤشرات للتقدم والنجاح على المستوى الوطني، رأت ستاندرد آند بورز أن نواقص القيادة الجماعية في منطقة اليورو تمثل عاملاً سلبياً مهيمناًً وتلقي بظلالها على كل شيء.

 

قالت الوكالة إن إيطاليا كانت تتمتع ''ببيئة محسنة للسياسة'' في ظل رئيس وزرائها الجديد، ماريو مونتي، وإن إيرلندا قامت بتصعيد رد ''إيجابي وأساسي'' على الأزمة، وكانت الحكومة البلجيكية تشرف على ''اقتصاد ثري، وموجه بالصادرات، وتنافسي''. إلا أن كل ذلك لم يثمر أي شيء فعلي، وعملت الإدارة السيئة للأزمة على إلغائه. وحسب الوكالة ''لم تكن فاعلية، واستقرار، وقابلية توقع صنع السياسة الأوروبية، والمؤسسات السياسية بالقوة التي كنا نعتقد أن حدة الأزمة المالية المتسعة النطاق والعمق تستدعيها''.

 

إن الحكم المباشر الذي يتضمنه تحليل ستاندرد آند بورز هو أن القادة المنقسمين قدموا استجابات غير متسقة على أزمة أساؤوا تشخيصها في الغالب.

في هذا السياق، لم تكن التخفيضات التي أجريت يوم الجمعة حكماً سلبياً على المراكز المالية للبلدان المختلفة، وإنما تحليلا يحصي التكاليف المحتملة للفشل السياسي الجماعي لتخفيض أسعار الفائدة على الاقتراض. وفي حين خرجت ألمانيا من هذه التجربة بتصنيفها الائتماني AAA دون مساس، فإن قيادتها لأزمة منطقة اليورو تعد إحدى المشاكل الرئيسية، وفقاً لستاندرد آند بورز. وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: ''سيتذمر السياسيون بصوت عالٍ، لكن وكالة التصنيف هذه وضعت إصبعها على المشكلة الحقيقية''.

 

واتخذ السياسيون الألمان موقفاً عدائياً إزاء تقرير ستاندرد آند بورز، واحتشدوا ضد تخفيض التصنيفات، مدعين أنها جزء من ''المؤامرة الأنجلو – ساكسونية'' ضد اليورو. واعتبر مارتن شولز، عضو البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المتوقع أن يصبح رئيس البرلمان الأوروبي المقبل، تخفيض التصنيفات ''هجوماً محدد الهدف'' ضد اليورو لتشتيت الانتباه عن عجز الميزانية في الولايات المتحدة. وقال عضو ألماني آخر في البرلمان الأوروبي يدعى إلمار بروك، من الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه أنجيلا ميركل، إن الوكالات كانت تتبع ''المصالح الأنجلو – أمريكية''.

 

وفي حين كان قلقها يبدو واضحاً، إلا أن ميركل حاولت أن تكون أكثر إيجابية. وتمحورت رسالتها حول المطالبة بالتطبيق العاجل ''للاتفاق المالي'' المتفق عليه في كانون الأول (ديسمبر)، وصندوق آلية الاستقرار الأوروبي البالغة قيمته 500 مليار يورو، الذي تأمل أن يحل مكان صندوق الإنقاذ المؤقت بحلول الصيف.

 

لكن هذا يتناقض بصورة مباشرة مع انتقادات ستاندر آند بورز الأساسية للسياسة، إذ تدعو المستشارة الألمانية إلى تطبيق سريع لاتفاقات تراها ستاندر آند بورز مضللة، أو غير مناسبة.

 

وتؤكد وكالة التصنيف أن ميركل تركز للغاية على أن التبذير المالي هو مصدر الأزمة، ومن الخطأ الدفع بلا كلل أو ملل باتجاه تدابير قوانين التقشف التي سيتم تكريسها قريباً ضمن معاهدة مالية جديدة. ويقول تقرير ستاندرد آند بورز: ''نعتقد أن عملية الإصلاح التي ترتكز على عمود الانضباط المالي فقط تهدد بأن تصبح هزيمة ذاتية''.

 

وأشار مورتيز كرامر، رئيس قسم التصنيفات السيادية الأوروبية في ستاندرد آند بورز، إلى أنه حتى لو أن الاتفاق المالي دخل حيز التنفيذ حين تم إدخال اليورو ''ما كان له أن يتمكن من تحديد المخاطر''، لأن ألمانيا كانت تعاني عجزا، بينما وازنت إسبانيا ميزانيتها إلى حد كبير.

 

واحتج بعض المسؤولين في منطقة اليورو على التحليل غير المتسق لستاندرد آند بورز، الذي يتجاهل الدور الذي لعبه الاتفاق المالي في منح البنك المركزي الأوروبي الثقة للتدخل في الأسواق بمزيد من القوة – وهي خطوة تعترف الوكالة بأنها عملت على استقرار الأسواق جزئياً.

 

غير أن ستاندرد آند بورز ترد بالقول إن صانعي السياسة فشلوا في إيجاد حلول لتخفيض تكاليف الاقتراض بواسطة أدوات مكافحة الأزمة، إما من خلال صناديق الإنقاذ الأكبر حجماً والسندات المتبادلة، وإما من خلال التدخلات الحاسمة من جانب البنك المركزي الأوروبي.

 

ومن شأن تخفيض التصنيفات أن يزيد الضغط على ميركل، أقوى سياسي في منطقة اليورو وصرّافها الرئيسي، كي تتبع مساراً أكثر تشددا. لكن يبقى هناك قليل من الاستعداد في برلين لتخصيص المزيد من الأموال لحل المشكلة من دون تطبيق الخطوات التي اتخذت فعلياً.

 

لذلك تلح ميركل ومارك روتي، رئيس الوزراء الهولندي، على الإسراع بمعاهدة آلية الاستقرار الأوروبي التي ستؤسس صندوق إنقاذ بنحو 500 مليار يورو من رأس المال المدفوع، وأقل انكشافاً أمام تخفيض تصنيفات البلدان الأعضاء فيه.

 

تصر ميركل على أن صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، صندوق الإنقاذ المؤقت البالغ حجمه 440 مليار دولار الذي تم تأسيسه بناء على ضمانات من ستة بلدان تصنيفها الائتماني AAA، لم يتم تدميره بـ ''طوربيد'' تخفيض درجة التصنيف الائتماني لفرنسا.

 

غير أن المسؤولين في منطقة اليورو يعترفون بأن الصندوق يحتاج إلى تشذيب قدرات الإقراض الخاصة به للمحافظة على تصنيفه الائتماني، AAA، أو يواجه تكاليف اقتراض أعلى من التجمعات الأصغر من المستثمرين المحتملين.

 

ويتمثل أحد خيارات المحافظة على التصنيف في العودة إلى إبقاء ''الكابح النقدي''. وفي حين لن يؤثر ذلك على قدرته لتغطية تكاليف إنقاذ إيرلندا، والبرتغال، واليونان، إلا أنه يتجاوز قدرته لدعم الاقتصادات الأكبر، حسبما تؤكد ستاندر آند بورز. واستنتج تقريرها قائلاً: ''نعتقد أن أدوات إدارة الأزمة الحالية يمكن أن تكون غير مناسبة لاستعادة الثقة المتبقية بالجدارة الائتمانية لأعضاء منطقة اليورو الكبار، مثل إيطاليا وإسبانيا''.

 

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك