فساد شركات الأدوية.. صفقات مكلفة لتفادي المحاكم.. بقلم أندرو جاك
الاقتصاد الآنيناير 25, 2012, 4:45 م 955 مشاهدات 0
تتهيأ شركات تعمل في صناعة الأدوية لإبرام سلسلة من التسويات المكلفة هذا العام تتعلق بإجراءات متخذة من قبل هيئات أمريكية، بسبب ما يزعم عن لجوء الشركات إلى الرشا وإلى ممارسات تسويقية عدائية في الخارج، حتى في الوقت الذي تحاول فيه هذه الشركات رفع المعايير الأخلاقية وتحسين التنظيم الذاتي في سائر أرجاء المعمورة. وتقترب شركة فايزر من التوصل إلى صفقة مع وزارة العدل فيما يتعلق بـ ''احتمال تقديم دفعات غير لائقة'' خارج الولايات المتحدة، بينما تجري تحقيقات ضد شركات أخرى تضم جلاكسوسميثكلاين، وميرك، وباكستر، وبريستول – مايرز سكويب، وإلي ليلي، وأسترازنيكا، وسميث آند نيفيو. وقال بول بيسارو، رئيس شركة واطسون الأمريكية للأدوية، غير المحمية ببراءات الاختراع: ''هناك عدد من الإجراءات التي سيتم اتخاذها. التحقيقات تجعل كثيراً من الأشخاص يشعرون بالخوف ويراقبون''. وتعكس هذه الإجراءات موقفاً متزايد العدائية من قبل بلدان، بقيادة الولايات المتحدة، تجاه التعامل مع الفساد. لكن الشركات تخشى من أن تتم ملاحقتها على نحو غير منصف من قبل عديد من المحققين. وغالباً ما تكون أمامها خيارات قليلة سوى أن تتعاون وتسوي مشاكلها خارج المحكمة. وفي العام الماضي دفعت شركة جيه آند جيه 70 مليون دولار للإدعاء العام الأمريكي، وخمسة ملايين جنيه استرليني للادعاء البريطاني بسبب تقديم رشا للنظام العراقي السابق، و''دفعات غير لائقة'' لموظفي الرعاية الصحية في اليونان، وبولندا، ورومانيا، ما أدى أيضا إلى تعليق حكم بالسجن على أحد التنفيذيين السابقين. وتعتبر أسترازنيكا، وأكتافيس، وسانوفي، وروش، وفارماسويس من بين الشركات التي تم استدعاؤها لتحقيق في الفساد تم فتحه في صربيا عام 2010. وتكثف هذا التحقيق جراء إقدام واحد من الذين تم إلقاء القبض عليهم على الانتحار في وقت سابق هذا الشهر، وهو الرئيس السابق لمعهد علم الأورام والأشعة. وتظهر أرقام جمعتها تريس إنترناشونال، وهي جماعة غير ربحية يوجد مقرها في الولايات المتحدة وتتتبع الفساد في البلدان الأجنبية، أن الولايات المتحدة تتصدر الدول التي تقوم بعمليات مقاضاة خارج أراضيها، تليها المملكة المتحدة وألمانيا. وهذا يعكس التنفيذ التدريجي لإجراءات مكافحة الفساد التي اعتمدتها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وشكلت التحقيقات في مجال الرعاية الصحية 12 في المائة من جميع عمليات تنفيذ القوانين الدولية التي تم القيام بها ي الفترة من عام 1977 إلى عام 2011، كما تقول ألكساندرا ريج، رئيسة تريس إنترناشونال. وهي تقول: ''ما من شك أن الرعاية الصحية قطاع آخذ في النمو. وهو يمكن أن يكون أكثر خطورة من الصناعات الأخرى، لأن هناك حجماً عالياً من المعاملات ذات الدولارات القليلة غالباً، والتي تحمل كل منها خطر الرشوة''. التقليد المتبع منذ عهد طويل، القائم على تقديم الهدايا والضيافة في هذا القطاع، والموجه للأطباء، والصيادلة والمسؤولين الحكوميين وغيرهم، يزيد من احتمال حدوث المتاعب. ولأن الوسطاء الذين يخضعون للتحقيق غالباً ما يعملون لدى العديد من الشركات، يكون هناك احتمال كبير في أن يؤدي أحد التحقيقات إلى تحقيقات أخرى. وساعد القانون الأمريكي الذي يسمح بتقديم حوافز مالية لمن يدقون نواقيس الخطر على دعم التحقيقات، لكن كثيراً من القضايا التي ذكرتها شركات صنع الأدوية في إدراجاتها التنظيمية أعقبت إفصاحات طوعية إلى المنظمين بعد أن قام التنفيذيون أنفسهم بتحديد المشاكل في عملياتهم الأجنبية. وتؤكد ألكساندرا ريج أن الصناعات التي تخضع لأنظمة مشددة، ومنها الدفاع والرعاية الصحية، تميل لأن تكون بارزة في قضايا الفساد ''ليس هذا لأنها أكثر فساداً بطبيعتها، لكن لديها عادة فرق تقيد أكثر حنكة وتشعر براحة أكثر عندما تقوم بالإفصاح''. ويعبر تنفيذي أمريكي رفيع في مجال صنع الأدوية عن الإحباط، لأن الشركات كثيراً ما تجبر على التسوية، لوضع نهاية لقضايا تستغرق زمناً طويلاً وتؤثر سلباً على سمعتها، ولأن الطعن في قضايا الفساد ينطوي على خطر خسارة العقود الحكومية. ويشير آخرون إلى أن الولايات المتحدة غالباً ما تعتمد على التحقيقات الوطنية القائمة، بدلاً من إجراء تحقيقاتها الخاصة بها، الأمر الذي يخلق ''خطراً مزدوجاً'' عبر القيام بعمليات مقاضاة منفصلة في القضية نفسها في بلدان مختلفة. وفي أعقاب تسويات محلية بلغت قيمتها مليارات الدولارات في الأعوام الأخيرة، خاصة في الولايات المتحدة، عززت الشركات مواثيق السلوك الداخلية لديها بشكل كبير، إلى جانب تعزيز الخطوط الإرشادية الخاصة بهيئتها النقابية. وكثير من التحقيقات الحالية تسبق هذه الخطوات، لكنها تتحرك ببطء نحو التسوية. وتشكو الشركات من أن التنفيذ الأخير للقوانين والإجراء التنظيمي الذاتي القاسي يعتبر أحادي الجانب ومتحيزاً ويمكن أن يؤدي إلى عكس النتائج المتوخاة. وتجازف شركات الأدوية الغربية بأن تترَك من دون ميزة، مقارنة بالشركات المنافسه، الأقل اهتماماً بالفساد. وتقول ألكساندرا ريج: ''لا أعتقد أننا سنرى الحكومة الصينية في أي وقت قريب تلاحق هيئاتها المملوكة للدولة، وهذا أيضا أمر غير محتمل الحدوث في روسيا أو الهند. لقد قال لي أحد رجال الأعمال الصينيين: هذه هي ميزتنا التنافسية''. وحقق اتحاد التجارة العالمية، الخاص بصناعة الأدوية، في حفنة من قضايا المخالفات في الأعوام الخمسة الماضية، الأمر الذي يثير أسئلة حول قدرته على تطبيق تنظيم ذاتي معقول. ومنذ وضع ميثاق جديد للأخلاق عام 2007، نظر الاتحاد الدولي للصناعات والجمعيات الدوائية الذي يوجد مقره في جنيف، في أربع شكاوى فقط ضد الشركات الأعضاء فيه ولم يتخذ أي إجراء تأديبي بحق أي منها. وعلى صعيد منفصل، قام الاتحاد الأوروبي لجمعيات الصناعة الدوائية، وهو هيئة نقابية لعموم الاتحاد الأوروبي، أخيرا بتعزيز خطوطه الإرشادية، لكنه يعتمد على منتسبيه الدوليين لمتابعة المخالفات واتخاذ الإجراءات بحقها. وتؤكد المنظمات أن الشركات والاتحادات المهنية الوطنية شددت مواثيقها في الأعوام الأخيرة ولديها المسؤولية الرئيسية عن تطبيق المواثيق الأخلاقية. لكن المنتقدين يقولون إن هيئات التنظيم الذاتي عديمة الحيلة وإن هناك حاجة للتشدد في تطبيق الأنظمة. ويقول تيم ريد، رئيس منظمة هيلث أكشن إنترناشونال، وهي جهة رقابية يوجد مقرها في بروكسل: ''بعض مواثيق السلوك جيدة، لكنها تفشل في التنفيذ. إنك بحاجة إلى هيئة مستقلة لتنظيم عملها، على أن تقوم الجهات التشريعية بفرض الغرامات''. يوجد لدى اتحاد صناعة الدواء البريطانية واحد من أكثر مواثيق الممارسة تشددا، لكن ذراعه التنظيمي يعتمد على ''فضح المخالفين''. وهو يوجه تعنيفات منتظمة للشركات الأعضاء بسبب لجوئها للتسويق المباشر لمستهلكي الأدوية، وبسبب الضيافة المفرطة التي تقدمها للأطباء. لكن عقوباته تقتصر على النقد العلني وعلى تعليق العضوية، بدلاً من الغرامات.
تعليقات