التنافس على المشاريع الكبرى هو الذي عطّل التنمية
الاقتصاد الآنالعنجري: خرجت من كتلة الوطني لخلطها السياسة بالتجارة وضغطهم على الحكومة لتمرير مشاريعهم
يناير 31, 2012, 10:22 ص 1884 مشاهدات 0
ان للمقابلة التي أجراها الزميل طارق العيدان ونشرتها القبس بتاريخ 2012/1/30 مع النائب السابق والمرشح الحالي عبد الرحمن العنجري قيمة تفوق حتى على توقيتها المناسب، خصوصا في ما ذكره العنجري بأن من أسباب خروجه من كتلة العمل الوطني، كان شعوره بالخلط بين التجارة والسياسة ضمن عمل هذه الكتلة. كما أضاف العنجري حول هذا الموضوع وأهمية أن ينهي رئيس مجلس الوزراء «الصراعات السياسية على مناقصات المشاريع الكبرى في البلاد، لا سيما أنها كانت وراء توقف مشاريع البنية التحتية والكهرباء. ورأينا أن هؤلاء الوكلاء يملكون نوابا في مجلس الأمة ووسائل اعلامية تضغط باستمرار على رئيس الوزراء السابق ويدفع المواطن الثمن».
هذا الخلط بين التجارة والسياسة قديم، بل التحذير منه قديم كذلك. ويروى أن امبراطورا رومانياً أمر بحرق سفن كانت محملة بالبضائع لحساب زوجته من دون علمها، لحرصه ألا تستغل وضعها كزوجة للامبراطور للترويج لبضائعها. هذا وبالرغم من القوانين الصارمة التي طورت في الدول المتقدمة لضمان اعطاء الفرصة لمن يعمل في التجارة لخوض العمل السياسي مع تأمين مبدأ تكافؤ الفرص، الا أنه كثيرا ما نسمع عن فضائح ناتجة عن الخلط بين السياسة والتجارة. ولعل أشهرها كانت الفضائح المنسوبة الى رئيس الوزراء الايطالي الأسبق برلوسكوني الذي يسيطر على امبراطورية ضخمة في الاعلام والتجارة. وهناك تحفظات كثيرة على أهم متنافسين لترشيحات الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الاميركية بسبب سجلهما في الخلط بين السياسي والتجاري. وهناك شكوك في أن يدعم المرشح ميت رومني نظاماً ضريبياً عادلاً للطبقة الوسطى، كونه ينتمي لطبقة غنية استفادت من النظام الضريبي الذي صادق عليه الكونغرس خلال فترة الرئيس بوش الابن. كما أن منافسه على ترشيح الحزب الجمهوري نبوت غنغرش يواجه مشكلة لكونه قدم استشارات لشركة مالية مقابل مبالغ طائلة خلال توليه فترة رئاسة مجلس النواب الاميركي.
وفي منطقتنا العربية، هناك خلط كبير بين التجاري والسياسي، مثل دول الخليج وغيرها.
وهناك وجهات نظر ترى مثلا أن الخلط بين السياسة والتجارة في لبنان ساهم في تفاقم الأزمات السياسية. ويرى البعض أن المرحوم رفيق الحريري، ومع الاعتراف بما قدمت قيادته للبنان في مجال البنية التحتية، الا أنها كذلك اختزلت الطائفة السنية في شخصه بسبب امكاناته المالية الهائلة، ونفوذه الاجتماعي والسياسي المستمد من نفوذه التجاري الذي كان من الضخامة التي حولت منافسيه في السياسة والتجارة الى منافسين هامشيين، مما أخل بالتوازن وبمسيرة العمل السياسي في لبنان. وقد وصلت الاحوال في لبنان ألا ينافس احد لتشكيل حكومة اذا لم يكن من أصحاب النفوذ المالي أو التجاري. فاستقلالية الرئيس ميقاتي المالية عن النفوذ المالي لتيار المستقبل كانت الاهم في تمكنه من تشكيل حكومة لبنانية لا تحظى بدعم من تيار المستقبل، حتى اصبحت العائلات التقليدية البيروتية بعد تدني ثروتها المالية نسبيا لا تحمل الا ارث الماضي وذكرياته.
هذا ومع التذكير بالدور الوطني الكبير للطبقة التجارية التقليدية في الكويت، الا أن ما ذكره النائب السابق والمرشح الحالي من أن التنافس على مشاريع البنية التحتية الذي تحول الى صراع أوقف عجلة التنمية، لهو أمر جدير بالاهتمام. ويبقى السؤال: كيف ستتمكن الحكومة من انهاء هذه الصراعات بين أصحاب النفوذ السياسي والتجاري لكي تكون جدوى المشاريع وأهميتها للمواطنين هما المقياس وليسا لتنفيع فلان أو علان؟
تعليقات