راشد المحارب في ذمة الله

وفيات

حين يكون الإنسان ذرات حب للوطن

9085 مشاهدات 0


بعد صلاة عصر اليوم الخميس، سوف يوارى جثمانه الثرى بمقبرة الصليبيخات. لن يذهب بعيدا، ذاك هو الحضن الدافيء الذي نذر له راشد حمد المحارب حياته. منذ أيام الشباب وهو يحمل هم الأمة، وهم الشعب والإنسان والوطن. رافق الراحل أحمد الربعي في رحلات نضال طويلة، امتدت لدول عربية عدة. قاد التظاهرات والاحتجاجات على زيارة شاه إيران السابق للكويت عام 1969. كانت إيران الشاهنشاهية تطمع في الهيمنة على منطقة الخليج، وتناويء القوميين العرب في بسط نفوذها على المنطقة.قاد المقاومة ضد الاحتلال العراقي للكويت، وتعرض للملاحقة، فالاعتقال مع فيصل الصانع وتعرض لأبشع أنواع التعذيب، لكنه بقي صخرة في زنزانة، يتوسد عليها رفاق المعتقل، ويشحذون سكاكين هممهم وصمودهم. خرج من التعذيب يحمل آثارا بدنية لم تفارقه بقية حياته. داء رعاش (باركنسون) ورأس مرفوع وعزة نفس نادرة وكرامة بكرامة الحرية. كان الوطن كل ما يملك. أعطى بلا حدود، لعله ورث العطاء من والده الكفيف حمد المحارب الذي لم يمنعه عمى البصر من نفاذ البصيرة، فدرس في مصر في الاربعينات ثم مشى في رحاب الأرض يعلّم أهل الإمارات في الخمسينيات من القرن الماضي بلا مقابل .قابلت شيبا في الإمارات سألوني عنه. أحدهم جاوز السبعين من عمره، جمعتني وابن اخته -عبدالله خزام القصير- ابن عمة راشد- لقاء في أبوظبي. وتحدث عنه بكل عرفان وشكر.لم يهتم راشد للدنيا كثيرا,عرف بنظافة اليد حين عمل في الحكومة وبعد أن تركها للقطاع الخاص في شركة المشروعات السياحية، وبطهارة اللسان ونقاء السريرة. أحبه كل من عرفه، وأمّره كل من جاوره في صباح السالم.أبا الوليد! نقول لك وداعا: لكننا نعرف بأنك سعيد في رحلتك السرمدية، وبتحول رفاة جثمانك الوطني الشريف إلى ذرات رمل حبٍ لهذا الوطن الذي عشقته ونذرت نفسك له، ولن ينساك هذا الوطن، فلقد أصبحت أنت الوطن، ومنك بعض ترابه...

رحم الله راشد حمد المحارب وأسكنه فسيح جناته.

و تتقدم من آل المحارب الكرام ولكافة أصدقاء راشد وجيرانه وكل من عرفه بخالص العزاء والمواساة.

و'كل نفس ذائقة الموت'.

كتب سعد بن طفلة

تعليقات

اكتب تعليقك