البطالة والفقر والأمية والحرية لن تحلها دعوات تحريم 'الكعب العالى'.. وليد الرجيب ساخراً

زاوية الكتاب

كتب 823 مشاهدات 0


الراى

أصبوحة  /  المتزمتون

وليد الرجيب

 

قلت في مقالي السابق انه لا يجب السكوت عن دعوات التزمت التي تقدم بها بعض النواب المحترمين كمشروع لقانون الحشمة وتعديل المادة 79 من الدستور، ما يقيد الحريات الشخصية للشعب الكويتي وينقض ما جاء بالدستور.

ورغم علمنا الأكيد أن مثل تلك الدعوات والقوانين لن تمر، حيث الواقع السياسي المتغير وعدم مواءمتها لطبيعة الحياة الاجتماعية العصرية، ولمتطلبات بناء الدولة الحديثة، مثلما حدث لنواب «حدس» في انتخابات 2009 عندما رفض الناس انتخابهم، إلا أن ذلك لا يعني السكوت عن تلك الدعوات التي تستهدف حريات شعبنا المطلقة، والتي لا يمكن تنظيمها بقانون مثل بعض الحريات العامة.
ويعتمد هؤلاء المتزمتون على خوف الناس من الارهاب الفكري الديني، والخشية من التطرق للدين والشريعة ما يعرضهم للتكفير والزندقة، وقد قرأت بعض العبارات التكفيرية البشعة في حق من يعارض هذه الدعوات في موقع تويتر، مثل الداعين للفواحش ومحبي الرذيلة وأعوان الشيطان، وهي عبارات يقصد منها منع أي رأي آخر، وإلا فجهنم وبئس المصير.
ويعلم هؤلاء المتزمتون أن دعواتهم لن تمر، ولكن لا بأس من اثارتها ما يحرّف الصراع حول القضايا الوطنية للشعب الكويتي وطموحاته في التقدم والرقي، ومواجهة مثل هذه الدعوات لا يجب أن تكون على حساب الصراع الرئيسي من أجل الاصلاح السياسي والشامل، الذي يقود ويمهد الطريق لبناء الدولة الكويتية الحديثة، وهنا نتساءل أين أصبحت لجنة الظواهر السلبية؟

وقد وجدت الأحزاب الإسلامية التي فازت بغالبية برلمانية في كل من مصر وتونس نفسها أمام متطلبات سياسية واجتماعية وثقافية، لا يمكن التغافل عنها مثل شرعنة معاهدات السلام مع إسرائيل، ومثل التحالف مع الولايات المتحدة والدول الغربية، والتي لا يمانع هؤلاء الإسلاميون من تنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط.

كما تنتصب أمام هذه الأحزاب جملة من القضايا التي تعاني منها شعوبهم، مثل البطالة والفقر والأمية والحرية والكرامة، التي لن تحلها دعوات لبس الحجاب وتحريم لبس الكعب العالي وإرساء دولة الخلافة الراشدة السادسة.

وهناك متطلبات للسياسة الخارجية، لا يمكن تجاهلها من أي دولة أو نظام، إذ حاولت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الاستغناء عن المنظومة السياسية الدولية، والمنظومة الاقتصادية الدولية، ولكن ذلك لم يكن واقعياً على الاطلاق، فعادت إلى أحضان المجتمع الدولي بشكل أو بآخر، وحتى خلافاتها الظاهرية والإعلامية مع الدول الغربية، لم تستطع أن تغطي على الاتفاقات الخفية في ما بينها.

لم يستطع عبر التاريخ أي إنسان أو أي نظام أن يفرض وصايته على الحريات الشخصية والعقائدية، سواء الدينية أم السياسية على شعبه، لا هتلر استطاع ولا صدام ولا علي عبدالله صالح، ولن يستطيع أحد لا في المنظور القريب ولا في المنظور البعيد.

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك