'فلنحول حبنا للوطن إلى سلوك حقيقي'.. خديجة المحميد داعية الكويتيين

زاوية الكتاب

كتب 787 مشاهدات 0


الأنباء

مبدئيات  /  الوطن غالٍ

د. خديجة المحميد

 

حب الوطن قيمة أخلاقية عالية في مختلف النظم الفكرية، إلا أنه تتفاوت كيفية تفعيل هذه القيمة من أيديولوجية إلى أخرى. فمثلا في الفكر الشيوعي الاشتراكي تتحقق بمقدار ما تذوب الأنا الفردية في تحقيق مصالح الجماعة التي تمثل الوطن، ويهدف النظام القائم على هذا الفكر لتحقيق ذوبانها بالكامل كهدف نهائي.

أما في النهج الرأسمالي الذي يطلق العنان لأهواء الفرد وحريته في ممارسة رغباته، والقيمة الخلقية العليا فيه هي مقدار ما تحققه الأنا من ريادة وسيادة، إلا أنه يوقف مصالحها عند حدود الإضرار بالآخرين والتعدي على القانون الذي يحمي مصالح الوطن وجميع المواطنين.

وفي كلا الفكرين تدور دائرة المصالح المطلوب تحقيقها حول المنافع الدنيوية لا غير سواء منها المادي أو المعنوي. أما في المنهج الإسلامي الرباني حيث تتوازن مصالح الفرد ومصالح المجتمع، وليس الهدف فيه تحصيل النفع للأنا أو دفع الضرر عنها، وأيضا ليس الهدف النهائي نفع الآخرين، يتجلى حب الوطن وخدمته كقيمة أخلاقية نابعة من مركزية السعي لمرضاة الله سبحانه كمقصد أعلى لمسار الفرد والمجتمع في آن واحد.

فحب الأوطان من الإيمان، وهذه هي المفارقة الجوهرية في النهج الإسلامي عن غيره، ويتميز بها لكون هذه القيمة مرتبطة بالله الحق سبحانه فإنها تكون أكثر ثباتا في الشخصية الإسلامية الإيمانية من الشخصيات التي تصنعها الأنظمة الأخرى، إذ تتغير مواقفها تجاه أوطانها بتغير مصالحها الدنيوية، هذا ما ينبغي إذا تطابق السلوك مع الفكر.

أما إذا كان الهوية الفكرية الإسلامية في بعض الحالات لا تشكل مصدرا لسلوكيات البعض منا لغفلة أو كطريقة حياة فإن هذا البعض سيستدرج لمواقف تطغى فيها المصالح الشخصية على مصلحة الوطن. وهذا ما حدث فعلا في إضراب الجمارك، وحركة الطيران التي كادت أن تشل البلد وعطلت مصالح الدولة والمواطنين، فبالرغم من مشروعية الإضراب للمطالبة بالحقوق إلا أنه كان ينبغي أن يكون مدروسا، ومنظما بشكل جزئي تتوازن فيه المصالح الخاصة التي يطالب بها المضربون ومصالح الوطن وسائر المواطنين.

فلنحول حبنا للوطن الغالي إلى سلوك حقيقي يدفعنا للحرص على مصالحه وخدمة مواطنيه على الأقل بقدر ما نسعى لتحقيق مصالحنا الذاتية إن لم يكن أكثر، ولنتذكر ولا نغفل أننا جميعا يوم أن احتلت الكويت من قبل جيوش المقبور صدام قدمنا وجود الوطن ومصالحه على وجودنا ومصالحنا، وكنا مضرب مثل للآخرين في تجسيد حقيقة أن «حب الوطن من الإيمان».

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك