نتائج «أبل» تمنحها مزيدا من الهيمنة على سوق الهواتف الذكية بقلم ريتشارد ووترز

الاقتصاد الآن

666 مشاهدات 0


كل ما يمكن أن يقال عن عملية التصحيح، التي شهدتها أسهم 'أبل' في وول ستريت، هو أن السوق لم تتح لها سوى عشرة أيام تراجع خلالها سعر السهم بنسبة 13 في المائة، قبل أن تعود السوق بابتهاج يوم الأربعاء إلى حالة الصعود، التي أوجدها جهازا آيفون وآيباد. فإضافة نحو 50 مليار دولار إلى قيمة سوق الأسهم بعد نشر 'أبل' نتائج الربع الثاني المبهرة كان بمنزلة توبيخ مناسب لأصحاب القلوب الضعيفة. وبعد موجة النجاح، الذي حققته أسهم 'أبل' (ارتفعت بنسبة 70 في المائة في أربعة أشهر)، فإن توقف هذا الاتجاه الصعودي المتواصل يعد أمراً صحياً في العادة. فهذا يُخرج من السوق اللاعبين الذين حفزهم صعود الأسعار إلى المشاركة ويعطي المستثمرين فرصة لدراسة أوضاعهم والنظر لبعض الوقت في حالة التراجع.

واعتمادا على المكان، الذي تقف فيه، يكون قصر فترة توقف ارتفاع أسعار أسهم 'أبل' إما إشارة إلى أن أساسيات الشركة تبدو وكأنها صخرة صلبة، أو أن الحالة، التي أوجدتها قوة الدفع، التي صعدت بالسوق على وشك العودة بكامل قوتها - ومع إثارة الشكوك وتبددها لن يكون هناك شيء يذكر يمكن فعله لعرقلة الارتفاع القوي المقبل.

وهناك علاقة بين المخاوف الآنية، التي أحاطت بـ'أبل' (بخلاف التوتر الكبير بشأن مدى الارتفاع السابق في أسعار الأسهم) والهوامش والاضطرابات المحتملة لدورات الإنتاج المقبلة.

ووفقاً للمشككين، فإن شركات الهواتف الجوالة، التي عانت الدعم المالي الهائل، الذي أجبرتها 'أبل' على تقديمه على أجهزة آيفون الجديدة، بدأت تتاح أمامها فرصة لتغيير شروط العمل التجاري. وهذا قد يؤدي إلى إثنائها لعملاء آيفون عن التحديث إلى طراز جديد، أو أنهم حتى يتيحوا الفرصة لمايكروسوفت لتصبح منصة ثالثة قوية للهواتف الذكية بعد منصة 'أندرويد' التابعة لجوجل، وهذا بدوره يجبر 'أبل' على قبول خفض الدعم.

لكن هذه المخاوف ذهبت أدراج الرياح بعد أن نشرت 'أبل' في وقت متأخر من يوم الثلاثاء النتائج المالية التي أظهرت ارتفاع مبيعات آيفون بنسبة 88 في المائة. وكانت الرسالة واضحة: هناك طلب كبير على أجهزة آيفون 4 إس، وأن المشغلين الذين يريدونه لا يملكون خيارا سوى القبول بشروط 'أبل'. ولا يزال هناك العديد من شركات التشغيل الراغبة في الحصول على هذا الجهاز مما يتيح فرصة للتوزيع على نطاق أوسع.

وفي الوقت ذاته، فإن هوامش 'أبل' آخذة في التوسع بشكل سريع نتيجة وصولها إلى نطاق تصنيعي أكبر، إذ بلغ هامش أرباح التشغيل 40 في المائة، وبذلك يعادل هوامش أرباح التشغيل في كل من مايكروسوفت وجوجل وهما شركتا برمجيات كانت نماذج عملهما تبدو في السابق أفضل بكثير من العمل في مجال الأجهزة. ونظراً لأنها المنتج الأكبر من حيث الكمية والأقل من حيث التكلفة في السوق، فالمجال متاح أمام 'أبل' بصورة كبيرة للمناورة حول السعر في حالة احتياجها لذلك.

ويتمثل الدليل على ذلك في النجاح، الذي تقول 'أبل' إنها حققته بالفعل في مبيعات آيباد2 العام الماضي بحسم على الطراز الأحدث. وقالت 'أبل' إن السعر المنخفض، الذي حددته الشهر الماضي لأجهزة آيباد2 لاقى قبولاً كبيراً من العملاء في قطاع التعليم، وفي بعض الدول الأكثر حساسية للأسعار، كما لفت النظر إلى مرونة السعر، التي قد تشير إلى الحجم الكبير للطلب.

وقد تشوش بعض التقلبات في دورات الإنتاج الصورة على المدى القصير، فقد اصطحبت وول ستريت ضمن خطواتها تحذيراً من أن مبيعات آيفون ستشهد تراجعاً حاداً في هذا الربع من العام، لكن 'أبل' قد تواجه فترة ثانية أضعف إذا ثبتت صحة مخاوف حول تأخر إطلاق آيفون 5 إلى الأشهر الأخيرة من 2012.

وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن لأي من هذه المخاوف أن يقف في وجه حجم الأسواق، التي توجد فيها 'أبل'، أو قوة أنموذج العمل المتكامل، الذي يميزها عن غيرها من منافسيها الرئيسيين، فضلاً عن استمرارها في القيام بأعمالها على نحو لا تشوبه شائبة. وقدم تيم كوك، الرئيس التنفيذي لأبل، دعمه هذا الأسبوع لتقييمات مستقلة تشير إلى ارتفاع مبيعات الأجهزة بحيث تراوح بحلول عام 2015 بين 300 و400 مليون سنوياً، لتحقق بذلك مبيعات أعلى من أجهزة الكمبيوتر. وستستفيد أجهزة آيفون، التي تمثل 58 في المائة من مبيعات 'أبل'، أيضاً من الريادة في سوق تشهد نمواً كبيراً. ويتوقع بنك كريدي سويس أن ترتفع مبيعات الهواتف الذكية في العالم من 471 مليونا في العام الماضي إلى 1.18 مليار بحلول عام 2015.

ومن المنطقي أن نتساءل عما كان من الممكن أن يحدث لو لم ينج ستيف جوبز من الأزمة الصحية، التي تعرض لها عام 2004. فمن دون قيادته، هل كان من الممكن أن يلقى آيفون القبول، الذي حظي به، أو أن يتسبب في ثورة الشاشات، التي تعمل باللمس التي أعقبته؟ وكانت 'أبل' تعاني بالفعل قبل خمس سنوات التراجع، حين كانت تعتمد على أجهزة ماكينتوش وآيبود. ولولا اختراع آيفون وآيباد في تلك الفترة لما ازدادت أرباحها، وهذا يعد تذكيراً صارخاً بضرورة التجديد والابتكار المتواصل. وسيستغرق الأمر فترة طويلة كي تصل أسواق الحوسبة التي تعمل باللمس إلى مرحلة النضج. لكن وول ستريت تمتلك الوسائل لتوقع تلك اللحظات قبل حدوثها بفترات طويلة. وحتى وهو يستمتع بالزخم القوي من ابتكارات جوبز العظيمة الأخيرة، سيصعب على كوك بشكل متزايد التهرب من السؤال عما يعتزم القيام به من أجل تكرار هذا الأداء والبروز بشكل أقوى.


 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك