'شوشرة عقيمة'.. د. حسن جوهر واصفاً الجدل حول أحكام القضاء

زاوية الكتاب

كتب 937 مشاهدات 0


الجريدة

ليلى والحلة السوداء!

د. حسن عبد الله جوهر

 

بدلاً من هذه «الشوشرة» العقيمة كنت أتمنى من الطرفين المتصارعين اللذين يدعيان حماية القضاء وتطويره وحتى محاسبته ضمن الأطر الدستورية والقانونية أن يتفقا على حزمة قوانين إصلاح وتطوير المرفق القضائي، وكذلك قانون مخاصمة القضاة التي أشبعت بحثاً ونقاشاً في اللجان البرلمانية، وحان موعد قطف ثمارها.

معركة سياسية أخرى تدور رحاها، ولكن هذه المرة باسم القضاء، هذا هو تحليلي الشخصي لما نشهده من تراشق جديد بين النواب ومؤيديهم من الكتاب والمغردين، ومروراً بالكثير من الناس حتى ممن لا ناقة لهم ولا جمل في تفاصيل السياسة، وبمعنى آخر هي الفزعة لا أكثر ولا أقل! وباستثناء تصريح الأخ الفاضل وزير العدل، الذي حاول أن يرضي الطرفين بكلامه الذي حمل أكثر من معنى ورسالة فخسر رضا الجميع، ليس كل ما قيل من انتقاد للحكم الصادر لمصلحة القوات الخاصة التي ضربت بوحشية وأمام مرأى ومسمع العالم، هو انتقاص للسلطة القضائية أو تشكيك في نزاهة ساحة العدل. فالأحكام القضائية لا تنتقد فقط إنما تنسف نسفاً أحياناً كثيرة من خلال درجات التقاضي الأعلى مقاماً، وعبر آلية داخلية يمارسها رجال القانون والقضاء أنفسهم. وسياسياً وإعلامياً لا تسلم الأحكام القضائية، ليس فقط في الكويت وإنما في الكثير من الدول، من النقد وتواجه بالاحتجاجات والهتافات، ولعل آخر مثال على ذلك أحكام القضاء المصري ضد الرئيس السابق حسني مبارك وأبنائه وأزلام نظامه. والسلطة القضائية أيضاً مؤسسة دستورية لها خصوصيتها واحترامها، لكنها في النهاية عرضة للتقييم والانتقاد وحتى التطوير والإصلاح، نعم قد يكون من الخطأ الجسيم التشكيك في القضاء حتى لو اقترف أحد القضاة مخالفة أو جانبه الصواب، فالقضاء يختلف عن السلطة التشريعية والتنفيذية في طريقة النقد، فالحكومة يمكن انتقادها بل محاسبتها من خلال وزرائها فرادى أو مجتمعين، ومجلس الأمة لا يُنتقد فحسب بل يُحاسَب أعضاؤه بعد انتهاء مدته من قبل الناخبين، ويتعرضون لأشد أنواع النقد حتى مع حصانتهم خلال فترة عضويتهم! نعم الكل يدّعي أنّ القضاء هو صمام الأمان وميزان الحق للجميع، ولكن الموقف السياسي من الأحكام تفرضه طبيعة هذه الأحكام ومنطوقها؟ وقد تتبدل هذه المواقف عند نفس الأشخاص أنفسهم، فقد قامت الدنيا على الحكم الشهير الذي طوى قضية الناقلات المشؤومة إلى الأبد من قبل جماعات وأفراد يقفون اليوم معترضين على انتقادات بعض النواب على الحكم الابتدائي في قضية الدكتور الوسمي! وبدلاً من هذه “الشوشرة” العقيمة كنت أتمنى من الطرفين المتصارعين اللذين يدعيان حماية القضاء وتطويره وحتى محاسبته ضمن الأطر الدستورية والقانونية أن يتفقا على حزمة قوانين إصلاح وتطوير المرفق القضائي، وكذلك قانون مخاصمة القضاة التي أشبعت بحثاً ونقاشاً في اللجان البرلمانية، وحان موعد قطف ثمارها، ولكن يبدو أن الكل يغني على ليلاه وإن كانت ليلى هنا مرتدية الحلة السوداء ذات الوشاح الأحمر!!

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك